Category Archives: خطب الجمعة

بِرُّ الوالدين

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهديهِ ونشكرُه ونتوبُ إليه، وأشهدُ أن لا إلـهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مِثْلَ ولا نِدَّ لَهُ ولا أَعضاءَ له ومكانَ ولا جِهَةَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه. اللهم صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلَى ءالِه وصحابَتِه الطيبينَ الطَّاهرين. أما بعدُ عبادَ اللهِ فإنِّي أُوصيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ القَدِيرِ القائلِ في مُحْكَمِ كِتَابِه ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ وَبِٱلوَٰلِدَينِ إِحسَٰنًا إِمَّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ ٱلكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَو كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفّ وَلَا تَنهَرهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَولا كَرِيما ٢٣﴾[1]. لقد أمَرَ اللهُ تعالَى عبادَهُ في كِتابِه العَزيزِ أمرًا مَقْطُوعًا بهِ بأَنْ لا يَعبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وأَمَرَ بِالإِحسانِ لِلْوَالِدَينِ، ويكونُ الإِحسانُ إليهِما ببِرِّهِما وإِكرامِهِما، Continue reading بِرُّ الوالدين

ليلة النصف من شعبان

الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونستغفِرُهُ ونستَرْشِدُهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مَثِيلَ لَهُ مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبالكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلكَ وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وأشهدُ أَنَّ سیدَنا محمدًا عَبْدُ اللهِ ورسولُه. اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلَى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ. أما بعدُ عبادَ اللهِ فَأُوصِي نَفْسِي وإياكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ القائلِ في كِتابِه الكَريمِ في سورةِ الحَجِّ ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱركَعُواْ وَٱسجُدُواْۤ وَٱعبُدُواْ رَبَّكُم وَٱفعَلُواْ ٱلخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ ٧٧﴾.

وَرُوِيَ عن سيدِنا عليٍّ رضي الله عنه عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ إذَا كانَتْ ليلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعبانَ فَقُومُوا لَيلَها وصُومُوا نَهارَها اهـ رواهُ ابنُ ماجَهْ. فَلْيَغْتَنِمِ الواحدُ منَّا ليلةَ النصفِ من شعبانَ بإِحيائِها بأنواعِ العِباداتِ وصيامِ نهارِها لعَلَّ اللهَ يُعتِقُه منَ النارِ. وقَدْ جَعَلَ اللهُ تعالَى مَواسِمَ في حياةِ المؤمنينَ مَنِ اغْتَنَمَها كانَتْ لَهُ ذُخْرًا وَمَنْ أَهْمَلَ اغْتِنَامَها فَوَّتَ علَى نَفْسِه خَيْرًا كثيرًا، وَمِنْ هذِهِ المواسِمِ لَيْلَةُ القَدْرِ ويومُ عرفةَ وشهرُ رمضانَ. فَإِذَا عُلِمَ هذَا فَلْيُعْلَمْ أَنَّ مَا دَرَجَ عليهِ المسلمونَ مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ مِنَ الاجْتِمَاعِ ليلةَ النِّصفِ مِنْ شَعْبَانَ لإِحْيَائِهَا بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ أَصْنَافِ العِباداتِ وَالقُرُبَاتِ هُوَ عَمَلٌ حَسَنٌ لَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ. ولكنْ جَرَتِ العادَةُ في بَعضِ البُلدَانِ أَنْ يَجْتَمِعَ الناسُ في ليلةِ النِّصْفِ من شعبانَ لِقَراءَةِ دُعاءٍ يُرْوَى عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أو عن بَعْضِ الصَّحابَةِ أوِ التَّابِعينَ مِنْ غَيرِ أَنْ يَثْبُتَ عن أحَدٍ منهُمْ كما أشَارَ إلى ذلكَ البيهقيُّ في كِتابِ القَدَرِ وهُوَ قولُهُمْ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي عِنْدَكَ في أُمِّ الكِتابِ شَقِيًّا أَوْ مَحْرُومًا أَوْ مَطْرُودًا أَوْ مُقَتَّرًا علَيَّ في الرِّزِقِ فَامْحُ اللَّهُمَّ شَقاوَتِي وحِرْمَانِي وطَرْدِي وَإِقْتَارَ رِزْقِي وَاكْتُبْنِي عِنْدَكَ مِنَ السُّعَدَاءِ. Continue reading ليلة النصف من شعبان

في معنَى الشهادةِ الثانية

إنَّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستهديهِ ونشكرُهُ ونستغفرُهُ ونتوبُ إليه ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، وأشهدُ أَنْ لا إِلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شريكَ له، كانَ وَلا مَكانَ كَوَّنَ، الأَكْوَانَ وَدَبَّرَ الزَّمانَ، سُبحانَهُ وتَعالَى ليسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصِير، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُه وصَفِيُّهُ وحبيبُه صَلَواتُ اللهِ وسَلامُهُ على سيدِنا محمدٍ وعَلَى جَميعِ إِخوانِهِ النَّبِيّينَ والْمُرْسلَين. أما بعدُ عبادَ الله، أُوصِي نفسِي وإِيَّاكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظيمِ القَائِلِ في مُحكَمِ التَّنْزِيلِ ﴿قُل إِن كُنتُم تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ ٱللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَٱللَّهُ غَفُور رَّحِيم ٣١﴾[1]

كلامُنَا اليَوْمَ أَيُّهَا الأَحِبَّةُ عن معنَى الشهادَةِ الثَّانِيَةِ لكن قبلَ شُروعِنا أَوَدُّ أَنْ أُذَكِّرَكُمْ بِمَعْنَى الشهادةِ الأُولَى بِاخْتِصَارٍ فَمعنَى شهادةِ أَنْ لا إِلهَ إلا اللهُ إِجْمَالا أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ أَعتَرِفُ بلسانِي وأُذْعِنُ بقَلْبِي بأَنَّهُ لا أَحَدَ يستَحِقُّ العبادةَ إلا اللهُ تعالَى فاللهُ وحدَهُ هُوَ الذِي يَسْتَحِقُّ نهايَةَ التَّعظِيمِ وغايَةَ الخُضُوعِ لأَنَّهُ هو خَالِقُنَا وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَىءٍ وَهُوَ رازِقُنَا علَى الحقيقَةِ لا شَريكَ لَهُ وَلا مَثِيلَ. ومعنَى شهادةِ أَنَّ محمدًا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعترِفُ بلسانِي وَأَعْتَقِدُ بقَلْبِي أنَّ سيدَنا محمدًا صلى الله عليه وسلم مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ إلَى كافَّةِ العالَمينَ مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ أَمَّا الملائِكَةُ فَلا دُخولَ لَهُمْ في ذلكَ لأنهم لا يَخْتَارونَ إلا الطاعةَ بِمشيئةِ اللهِ فلا يَحْتاجُونَ إلَى إِنذَارٍ. Continue reading في معنَى الشهادةِ الثانية

معجزة المعراج

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ ونستهديه ونشكرُهُ ونعوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنَـا، من يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِـلَّ لَهُ ومن يُضْلِلْ فلا هاديَ لَهُ، وصلى الله وسلمَ على سيدِنا محمدٍ الأمينِ وعلى ءالِهِ وصحبِهِ الطيبينَ الطاهرينَ.

أما بعد فيا عباد الله أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله العليّ العظيم. أيها الأحبةُ لَقَدْ أُسْرِيَ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليلةَ الإِسْرَاءِ مِنْ مَكَّةَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَجُمِعَ لَهُ الأنبياءُ هُناكَ وَصَلَّى بِهِمْ ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إلَى السماواتِ حَتَّى بَلَغَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَهُنَاكَ رَأَى نبيُّنا صلى الله عليه وسلم سَيِّدَنا جِبْريلَ عليهِ السلامُ، فَدَنَا جبريلُ مِنْ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم لِشِدَّةِ شَوْقِهِ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم حتَّى كانَ مَا بَيْنَهُمَا قَدْرَ ذِرَاعَيْنِ أَوْ أَقَلَّ، كمَا قال تعالى في النبيِّ صلى الله عليه وسلم ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلهَوَىٰ ٣ إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحَىٰ ٤ عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ ٱلقُوَىٰ ٥ ذُو مِرَّة فَٱستَوَىٰ ٦ وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعلَىٰ ٧ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ ٨ فَكَانَ قَابَ قَوسَينِ أَو أَدنَىٰ ٩﴾[1] عَلَّمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم شَدِيدُ القُوى ذُو المِرَّةِ جِبْرِيلُ، وهُوَ الذِي دَنَا مِنَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكانَ حِينَ رَءَاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم Continue reading معجزة المعراج