AR-المحدود

 

 

8917fcd2-d01c-4929-aab6-db8190e8d046

 

علاماتُ الساعةِ الكبرى

أما بعدُ عبادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ ونَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ فإنَّ القيامَةَ قدِ اقْتَرَبَتْ قالَ ربُّنا تبارك وتعالى ﴿ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ ١﴾[1] والآخرةُ يَنْفَعُ فيهَا تقوَى الله.

واعْلَمُوا إخوةَ الإيمانِ أنَّ الساعةَ لا تقومُ حتى تحصُلَ حَوَادِثُ هِيَ عَلامَاتُ اقْتِرابِ الساعةِ وهيَ كمَا جاءَ عشَرةُ أشراطٍ ويقالُ لها أشراطُ الساعةِ الكبرى وهيَ خُروجُ الدَّجّالِ ونُزُولُ عيسى ابنِ مريمَ وخروجُ يَأْجوجَ ومَأْجُوجَ وطُلوعُ الشمسِ مِنْ مَغْرِبِها وخروجُ دَابّةِ الأرضِ والدُّخَانُ وثلاثَةُ خُسُوفٍ ونَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ في بلادِ اليَمَن. …

عاشوراء

أيها الأَحِبَّةُ، نحنُ على مَقْرُبَةٍ مِنْ ذِكْرَى عَاشُورَاءَ العاشرِ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّم، ذِكْرَى اليَوْمِ الذِي نَجَّى اللهُ فيهِ سيّدَنا نُوحًا وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الطُّوفانِ وأَنْزَلَهُمْ من السفينةِ سَالِمِينَ وذِكْرَى اليَوْمِ الذِي نَجَّى اللهُ فيهِ سَيِدَنا مُوسَى وأَتْبَاعَهُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ فِرْعَوْنَ. إخوةَ الإيمانِ سيدُنا نُوحٌ عليهِ السلامُ أرسلَهُ اللهُ إلى قومٍ كفارٍ فصارَ يدعُوهم ليلًا ونهارًا سِرًّا وجِهارًا بالتّرغيبِ تَارَةً والتَّرْهِيبِ تَارَةً أُخْرَى وظَلَّ هَكذَا أَلْفًا إِلا خَمسينَ سنةً لكنَّ أكثَرَهُمْ لَمْ يُؤْمِنْ بَلِ اسْتَمَرُّوا علَى الضّلالِ وَالطُّغْيَانِ وَنَصَبُوا لَهُ العَدَاوَةَ وءَاذَوْهُ بِالاسْتِهْزَاءِ وَالضَّرْبِ بَلْ كانُوا لا يَتْرُكونَهُ حتَّى يُغْشَى عليهِ مِنْ شِدَّةِ الضَّرْبِ فَيَظُنُّونَ أنَّهُ مَاتَ ثمّ يُعافِيهِ اللهُ ولا يُثْنِيهِ ذلكَ أيها الأحبةُ عنِ الدعوةِ إلى اللهِ بل كان يعودُ إليهم ليدعوَهم إلى الإيمانِ مرّةً بعدَ أُخْرَى مِنْ غَيرِ كَلَلٍ وَمِنْ غَيرِ مَلَلٍ إلى أَنْ أَوْحَى اللهُ إليهِ أَنَّهُ لن يُؤمنَ بهِ مِنْ قومِه إلّا مَنْ قد ءامنَ فدَعا سيّدُنا نوحٌ على القومِ الكَافِرينَ فقالَ ﴿رَبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا٢٦﴾[2] أي لا تَتْرُكْ يَا رَبّي أحدًا منَ الكفارِ حيًّا علَى وجهِ الأرضِ فسلَّطَ اللهُ عليهِمْ عِقابَه، سلطَ اللهُ عليهمُ الطُّوفانَ ولَمْ يُبْقِ منَ الكافرينَ أحدًا ونَجَّى اللهُ نَبِيَّهُ ومَنْ ءامَنَ بهِ مِنْ قَومِهِ بالسفينَةِ التِي صَنَعَهَا سيِدُنا نُوحٌ بأَمْرِ اللهِ وَحَفِظَهَا اللهُ بِحِفْظِهِ وعِنايَتِه. …

الهجرةُ النبويةُ الشريفَةُ

إخوةَ الإيمان، إنَّ كلامَنا اليَوْمَ عَنْ مُنَاسَبَةٍ مُهِمَّةٍ كَلامُنا عَنْ شَىْءٍ مِنْ سِيرَةِ الْمُصْطَفَى صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عليهِ كلامُنا عنِ الهجرةِ النَّبَوِيَّةِ المباركةِ وإنَّ الدروسَ الْمُسْتَفَادَةَ مِنْ سِيرتِه عليهِ الصلاةُ والسلامُ كَثيرَة، كيفَ لَا وَالكلامُ عَنْ سِيرَةِ أَفْضَلِ الناسِ وخيرِ النَّاسِ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، كيفَ لا والكلامُ عن سيرةِ خاتَمِ الأنبياءِ وسيدِ المرسلينَ وَحَبِيبِ رَبِّ العالمين، فسيدُنا محمدٌ إخوةَ الإيمانِ اصْطَفَاهُ اللهُ بالرِسالةِ وأمرَهُ بالتبليغِ والإِنْذَارِ فدعَا الناسَ إلَى دِينِ الإسلامِ دِينِ جَميعِ الأنبياءِ عليهِمُ السلامُ دِينِ التَّوحِيدِ، دعَا الناسَ إلَى عبادةِ اللهِ الوَاحِدِ الأحَدِ الذِي لا شريكَ له ولا شبيهَ له ولا مثيلَ ولا صاحبةَ له ولا وَلدَ ودعَا النَّاسَ إلى العَدْلِ إلى الإِحسانِ إلى مكارِمِ الأخلاقِ كما قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلَاق اهـ[2] وَقَدْ تَحَمَّلَ حبيبُنا المصطَفَى أيها الأحبةُ في سبيلِ الدعوةِ الشىءَ الكثيرَ والمصاعِبَ الكبيرةَ، دعَا الناسَ جِهَارًا فكانَ يُكَلِّمُ الناسَ في المواسِمِ التي يَجْتَمِعُونَ فيهَا ويقولُ  أيُّها الناسُ قُولُوا لَا إلَهَ إِلّا اللهُ تُفْلِحُوا اهـ دَعَا قومَه بِصَبْرٍ وَثَبَاتٍ مَعَ إيذائِهِمْ لَهُ وكَيْدِهِمْ لَه، رَمَوْا علَى ظَهْرِه سَلَى جَزُورٍ[3] أَيْ كِيسَ وَلَدِ النَّاقَةِ وَصَبَرَ ولَمْ يَتَخَلَّ عنِ الدَّعْوَةِ إلَى اللهِ، ضُرِبَ بِالحجارَةِ وَصَبَرَ وَلَمْ يَتَخَلَّ عنِ الدعوةِ إلَى اللهِ، عُرِضَ عليهِ المالُ والجاهُ وَلَمْ يَتَخَلَّ عَنْ دِينِ اللهِ، هُدِّدَ بالقَتْلِ فَلَمْ يَتَخَلَّ عَنِ الدَّعْوَة، قالَ المشركونَ لأبِي طَاِلبٍ “يَا أبَا طَالبٍ ماذا يُريدُ ابْنُ أخِيك ؟ إِنْ كانَ يُريدُ جَاهًا أَعْطَيْنَاهُ فَلَنْ نُمْضِيَ أَمْرًا إِلّا بعدَ مَشُورَتِه، وَإِنْ كانَ يُريدُ مَالًا جَمَعْنَا لَهُ المالَ حتّى يَصِيرَ أَغْنَانَا، وإِنْ كانَ يُريدُ الْمُلْكَ تَوَّجْنَاهُ عَلَيْنَا” فأَجَابَهُم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالجوابِ المشهورِ واللهِ يا عَمِّ لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ بِيَمِيني والقمرَ بِشِمالِي مَا تَرَكْتُ هذَا الأَمْرَ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ أَوْ أَهْلِكَ دُونَه اهـ …

عودة الحجاج

ها قد رَجَعْتَ أيُّها الحاجُّ مِنْ رِحلةِ طاعةٍ رحلةِ امْتِثَالٍ لِأَمْرِ البَارِئِ عزَّ وجلّ، فنسألُ اللهُ تعالى أن يكونَ حَجُّكَ مَبْرُورًا وسَعْيُكَ مَشْكُورًا.

إخوة الإيمان، ينتظرُ أهلُ الحُجاجِ أقارِبَهم وأحبَابَهم بِشَوْقٍ لِلقائِهم بعدَ غِيابٍ والاجتماعِ بِهِمْ بعدَ فِراقٍ ولِيَسْمَعُوا منهُمْ مَا حَصَلَ معهم مِنَ الخيرَاتِ في رِحلتِهم، وهم يَنتظرونَ منهُمْ بعضَ الهدايا مِنْ سِواكٍ وماءِ زمزمَ وتمرِ المدينةِ المنورةِ على ساكنِها أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلام.

ولكن إخوةَ الإيمانِ لا تَغْفُلُوا أَنْ تسألوا حُجَّاجَكُمُ الاستغفارَ لكم أيضا فقد وردَ في الحديثِ الذِي رواهُ البيهقيُّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ اللهمَّ اغْفِرْ لِلْحَاجِّ وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الحاجُّ اﻫ

إخوةَ الإيمانِ إذا تعلَّمَ المسلِمُ مَا وردَ فِي السواكِ وماءِ زَمْزَمَ والتَّمرِ لا سيما عجوةِ المدينةِ واستعمالِ السبحةِ ولُبْسِ القَميصِ والقَلَنْسُوَةِ وغيرِها مِنْ أشياءَ وردَ فيها ما وَردَ يعرفُ قيمةَ هذهِ الأشياءِ التِي يأتِي بِها الحَاجّ. فَحافِظُوا إخوَةَ الإيمانِ على هذِهِ العَادَاتِ فإنَّ عاداتِ السَّاداتِ سادَاتُ العَادَات. فَلْيَكُنِ السِّواكُ رفيقَكَ على مَدارِ العَامِ ولَيسَ لِشَهْرٍ فقط مِنْ وُصولِ الحَاجِّ. وحافِظْ مَا اسْتَطَعْتَ علَى لِباسِ المسلِمينَ وإِظْهَارِه، لا تَخْجَلْ مِنْ حَمْلِ السِّواكِ، لا تَخْجَلْ مِنْ لُبْسِ القَلنسوُةِ والقَميصِ، عوِّدُوا أولادَكُم علَى هذِه الأمورِ الحسنةِ فَإِنَّ استعمالَ السواكِ ولُبْسَ القميصِ والقلنسوةِ ليس مُنحصِرًا في مَوْسِمِ رُجوعِ الحجاجِ فقط. …