All posts by mrivwp

معرفة أحكام الصيام

الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونستغفِرُهُ ونستَرْشِدُهُ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مَثِيلَ لَهُ مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبالكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلكَ وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وأشهدُ أَنَّ سیدَنا وحبيبَنا وقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا محمدًا عَبْدُ اللهِ ورسولُه وصفيُّهُ وحبيبُه وخَلِيلُهُ اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلَى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، أمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ فَأُوصِي نَفْسِي وَأُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمُ الذِي قَالَ في كِتابِه الكَرِيمِ في سورةِ البَقَرَةِ {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣}. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ اهـ رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

أَقْبَلَ رَمَضَانُ وَالْخَيْرُ فِي إِقْبَالِهِ، أَقْبَلَ رَمَضَانُ وَنُفُوسُ الْمُؤْمِنِينَ تَشْتَاقُ إلَى أَيَّامِهِ، اللهمَّ وَفِّقْنَا فِيهِ لِمَا يُرْضِيكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اعْلَمُوا أَيُّهَا الأَحِبَّةُ أَنَّ فَرْضِيَّةَ صِيَامِ رَمَضَانَ أَمْرٌ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أَيْ يَشْتَرِكُ في مَعْرِفَةِ ذلكَ العَالِمُ وَالعَامِّيُّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَذَلكَ ثَابِتٌ في كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِجْماعِ الأُمَّةِ قالَ تعالَى في سُورَةِ البَقَرَةِ {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ}[1]. وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ قالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَقُولُ بُنِيَ الإِسْلَامُ علَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَإِقَامِ الصلاةِ وإِيتاءِ الزكاةِ وَحَجِّ البَيْتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ اهـ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَ صَوْمِ رَمَضَانَ فَقَدْ كَذّبَ الدِّينَ وَفَارَقَ الْمِلَّةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ أَوْ مِثْلَهُ كَأَنْ نَشَأَ في بِلَادٍ بَعِيدَةٍ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَسْمَعْ بِوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ.

إِنَّ الصَّوْمَ طَاعَةٌ عَظِيمَةٌ وَفَرِيضَةٌ جَلِيلَةٌ. وَحَيْثُ إِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي شَىْءٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا أَحَلَّ اللهُ مِنْهُ وَمَا حَرَّمَ فَيُنَاسِبُ أَنْ نَتَكَلَّمَ عَنْ بَعْضِ أَحْكَامِ الصَّوْمِ لِيَكُونَ الصَّائِمُ علَى عِلْمٍ بِمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مُهِمَّاتِ هَذِهِ العِبَادَةِ الكَرِيمَةِ

Continue reading معرفة أحكام الصيام

الإيمان بالله ورسوله أفضل الأعمال

إنّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستهدِيهِ ونشكرُهُ ونستغْفِرُهُ ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفسِنا ومنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ لهُ. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ ولا مثيلَ لهُ ولا شَكْلَ ولا صورةَ ولا أعضاءَ لهُ، هوَ الإلهُ العفُوُّ الغفورُ الْمُسْتَغْنِي عَنْ كُلِّ ما سِواهُ والْمُفتقِرُ إليهِ كلُّ ما عَداهُ. وأشهدُ أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقَائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنا محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفِيّهُ وحبيبُهُ، بلّغَ الرِّسالةَ وأدّى الأمانةَ ونصَحَ الأمّةَ، صلّى اللهُ عليهِ صلاةً يقضي بِها حاجاتِنا ويفرِّجُ بِها كُرباتِنا ويكفينا بِها شرَّ أعدائِنا وسلَّمَ عليهِ وعلى صحبِهِ الطيبينَ وءالِهِ الأطهارِ ومَنْ والاهُ.

أما بعدُ عِبَادَ اللهِ يقولُ ربُّنا عَزَّ وجلَّ في كِتابِهِ العَزيزِ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ ١١٩﴾ فأُوصِي نفسِي وَإِيَّاكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ فَاتَّقوهُ امْتَثِلُوا أَوامِرَهُ وَاجْتَنِبُوا نَوَاهِيَهُ واعْلَمُوا إخوَةَ الإيمانِ أَنَّ أساسَ التَّقْوَى هُوَ العِلْمُ بِاللهِ سبحانَهُ وتعالَى والإيمانُ بهِ ومعرفةُ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم على ما يَلِيقُ به فإِنَّ ذَلكَ هُوَ أَوَّلُ الواجِباتِ وأَصْلُها وأَهَمُّها وأفضَلُها، فقد روى البُخاريُّ في صَحيحِهِ عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ اهـ فأفضَلُ الأعمالِ على الإِطلاقِ هو الإِيمانُ باللهِ ورسولِهِ وهوَ الأصلُ الذِي لا تَصِحُّ الأعمالُ بِدونِه.

Continue reading الإيمان بالله ورسوله أفضل الأعمال

كيف يثبت رمضان

الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونستغفِرُهُ ونستَرْشِدُهُ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مَثِيلَ لَهُ مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبالكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلكَ وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وأشهدُ أَنَّ سیدَنا وحبيبَنا وقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا محمدًا عَبْدُ اللهِ ورسولُه وصفيُّهُ وحبيبُه وخَلِيلُهُ أَرْسَلَهُ اللهُ بالهدَی وَدِينِ الحَقِّ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا ونذيرًا وَدَاعِيًا إلَى اللهِ بإذنِهِ وسِراجًا مُنِيرًا فَجَزَاهُ اللهُ خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ. اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلَى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فَأُوصِي نَفْسِي وإياكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ القائلِ في سورةِ الحَشْرِ ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ٧﴾.

إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ العَظِيمَةِ عَلَيْنَا أَنْ بَعَثَ فِينَا نَبِيَّهُ الكَرِيمَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَتَرَكَنَا علَى الْمَحَجَّةِ البَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ.

وقد أَوْضَحَ صلى الله عليه وسلمَ السَّبِيلَ، وَبَيَّنَ الأَحْكامَ، وَأَرْشَدَنَا إلَى مَا فِيهِ السَّلَامَةُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنِ الْتَزَمَ نَهْجَهُ وَشَرْعَهُ فَازَ، وَمَنْ خَالَفَهُ هَلَكَ، وكانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا جَاءَ بهِ رسولُ اللهُ صلى الله عليه وسلم مُبَلِّغًا عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وجلَّ فَرْضِيةُ صِيامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فقد قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ في سورةِ البَقَرَةِ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣﴾.

وَلِمَعْرِفَةِ ابْتِدَاءِ وَانْتِهَاءِ الشهرِ الْمُبَارَكِ طَرِيقَةٌ وَأَحْكَامٌ، بَيَّنَهَا النبيُّ الأَكْرَمُ صلى الله عليه وسلم بِوَحْيٍ مِنَ اللهِ تعالَى، وَأَخَذَهَا عَنْهُ الصَّحَابَةُ الكِرَامُ، ثُمَّ أخذَهَا عَنْهُمُ التَّابِعُونَ، ثم مَنْ بَعْدَهُمْ، وَمَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ مُنْذُ قُرونٍ طَوِيلَةٍ يَعْمَلُونَ بِهَا إلَى يَوْمِنَا هَذَا، وَهَذِهِ الطَّريقَةُ مَبْنِيَّةٌ علَى مُرَاقَبَةِ الْهِلَالِ بِالْعَيْنِ في الْمُدُنِ وَالْقُرَى وَالبُلْدَانِ، يَعْرِفُ ذلكَ كُلُّ مَنْ عَاشَ في بِلادِ الْمُسْلِمِينَ وَشَهِدَ عادَاتِهِمْ مِنَ الْخُرُوجِ لِمُرَاقَبَةِ الْهِلَالِ، وَتَجَمُّعِ الناسِ في الْمَواضِعِ التي تَتَّضِحُ فِيهَا الرُّؤْيَةُ، وَمِنُ ثمَّ إطلاقُ الْمَدَافِعِ، أَوْ إِيقَادُ النارِ على رُءُوسِ الْجِبَالِ عِنْدَ ثُبُوتِ الرُّؤْيةِ إِيذَانًا بِثُبُوتِ الشَّهْرِ الشَّريفِ، أَوِ العِيدِ السَّعِيدِ.

Continue reading كيف يثبت رمضان

ليلة النصف من شعبان

الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونستغفِرُهُ ونستَرْشِدُهُ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مَثِيلَ لَهُ مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبالكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلكَ وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وأشهدُ أَنَّ سیدَنا وحبيبَنا وقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا محمدًا عَبْدُ اللهِ ورسولُه وصفيُّهُ وحبيبُه وخَلِيلُهُ أَرْسَلَهُ اللهُ بالهدَی وَدِينِ الحَقِّ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا ونذيرًا وَدَاعِيًا إلَى اللهِ بإذنِهِ وسِرَاجًا مُنِيرًا. اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلَى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، أما بعدُ عبادَ اللهِ فَأُوصِي نَفْسِي وإياكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ فاتقوا اللهَ ربَّكُمُ الذِي قالَ في كِتابِه الكَريمِ في سورةِ الحَجِّ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ وَٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمۡ وَٱفۡعَلُواْ ٱلۡخَيۡرَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ۩ ٧٧﴾.

وَرُوِيَ عن سيدِنا عليٍّ رضي الله عنه عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ إذَا كانَتْ ليلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعبانَ فَقُومُوا لَيلَها وصُومُوا نَهارَها اهـ رواهُ ابنُ ماجَهْ.

فَلْيَغْتَنِمِ الواحدُ منَّا ليلةَ النصفِ مِنْ شَعْبَانَ بإِحْيائِها بأنواعِ العِباداتِ وصيامِ نهارِها لعَلَّ اللهَ يُعتِقُه منَ النارِ. وقَدْ جَعَلَ اللهُ تعالَى مَواسِمَ في حياةِ المؤمنينَ مَنِ اغْتَنَمَها كانَتْ لَهُ ذُخْرًا وَمَنْ أَهْمَلَ اغْتِنَامَها فَوَّتَ علَى نَفْسِه خَيْرًا كثيرًا، وَمِنْ هذِهِ المواسِمِ لَيْلَةُ القَدْرِ ويومُ عرفةَ وشهرُ رمضانَ، وغيرُ ذلكَ مما جاءَ بهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُبَلِّغًا عن رَبِّهِ عزَّ وجَلَّ، فالمؤمنُ الكامِلُ سَاعٍ لِلْخَيْرِ حَيْثُمَا تَيَسَّرَ لَهُ ونَفَّاعٌ حيثُ كانَ لأنهُ أَيْقَنَ أَنَّ اللهَ تعالَى جعَلَ الآخرةَ مُنْتَهَى الأَمْرِ ولم يَجعلِ الدنيا مُنتهى الأمرِ، فراحَ يُنافِسُ لِنَيْلِ تلكَ الدارِ العظيمةِ التي قالَ اللهُ تعالى فيها في سورةِ القَصَصِ ﴿تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَاداۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ٨٣﴾. فَجَدِيرٌ بِالعَاقِلِ أَنْ يَغْتَنِمَ فُرَصَ العُمُرِ التِي دَلَّ علَيْهَا مُعَلِّمُ الخيرِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وحيثُ رُوِيَ عنهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ الحَثُّ على اغتِنامِ ليلةِ النِّصْفِ مِنْ شعبانَ وصَوْمِ نهارِها ورَوَى ابنُ ماجه وغيرُه في سننِه عن أبي موسى الأشعريِّ رضي اللهُ عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ إِنَّ اللهَ لَيَطَّلِعُ في لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعبانَ فيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ اهـ والمشاحنُ هو الذي بينَه وبينَ أَخيهِ المسلمِ عَداوةٌ لِأَجْلِ الدُّنيا فإنَّه ينبغِي أن لا يضيعَ المسلمُ هذهِ الفُرْصَةَ لِنَيْلِ الثَّوابِ والمغْفِرَةِ مِنَ اللهِ تعالى وأَنْ يَغْتَنِمَها بالصِّيامِ والقِيامِ لا بِاتِّباعِ الشَّهْوَةِ والنَّوْمِ.

Continue reading ليلة النصف من شعبان