الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونستغفِرُهُ ونستَرْشِدُهُ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مَثِيلَ لَهُ مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبالكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلكَ وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وأشهدُ أَنَّ سیدَنا وحبيبَنا وقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا محمدًا عَبْدُ اللهِ ورسولُه وصفيُّهُ وحبيبُه وخَلِيلُهُ أَرْسَلَهُ اللهُ بالهدَی وَدِينِ الحَقِّ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا ونذيرًا وَدَاعِيًا إلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وسِرَاجًا مُنِيرًا فَهَدَى اللهُ بهِ الأُمَّةَ وكَشَفَ بِهِ الغُمَّةَ وَأَخْرَجَ بهِ النَّاسَ مِنَ الظُلُمَاتِ إلَى النُّورِ فَجَزَاهُ اللهُ خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلَى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، أما بعدُ عبادَ اللهِ فَأُوصِي نَفْسِي وإياكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ فاتقوا اللهَ ربَّكُمُ الذِي قالَ في كِتابِه الكَريمِ في سُورةِ الإسراءِ ﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَة وَسَآءَ سَبِيلا ٣٢﴾.
لَقَدْ خَلَقَ اللهُ الإنسانَ مُرَكَّبًا فيهِ غَرَائِزُ وَحَاجَاتٌ وَمُتَطَلَّبَاتٌ يَسْعَى الْمَرْءُ عَادَةً لِتَحْقِيقِهَا، وَسَخَّرَ لِهذَا الإنسانِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً لِتَكُونَ عَوْنًا لَهُ في مُواجَهَةِ مَشَقَّاتِ الدُّنْيَا وَظُرُوفِ الحَيَاةِ العَصِيبَةِ، وَلكنْ لَمْ يُرَخِّصْ رَبُّنا تعالى لِلإنسانِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِما سَخَّرَهُ لَهُ علَى هَوَاهُ وَكمَا تَشْتَهِي نَفْسُهُ وتَمِيلُ إلَيْهِ غَرائِزُهُ بِلَا ضَوابِطَ، بَلْ شَرَعَ سبحانَهُ الشريعةَ وبيَّنَ الأَحْكَامَ وَأَرْسَلَ أَنْبِيَاءَهُ الكِرَامَ لِإِرْشَادِ الناسِ إلَى مَا فِيهِ صَلَاحُهُم وفَلاحُهُمْ لِيَسْلَمَ مَنِ اقْتَدَى بِهمْ في الدنيا ويَفُوزَ في الآخِرَةِ، وَقَدْ مَيَّزَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حَياةَ الإنسانِ عَنْ حَيَاةِ البهَائِمِ بِأَنْ خَلَقَ في الإنسانِ نِعْمَةَ العَقْلِ الذِي يُمَیِّزُ بهِ بينَ الْخَيْرِ والشَّرِّ وبينَ مَا يَنْفَعُ وَمَا يَضُرُّ ولمْ يَجْعَلْ ذلكَ في البَهَائِمِ، ولِذَلِكَ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ البهائِمَ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ، وَكَلَّفَ الإنسانَ بِمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ، فَيَجِبُ عليهِ أَنْ يَلْتَزِمَ حُدُودَ الشَّرْعِ لِيَحْيَا في الدنيا حَيَاةً كريمَةً وَيَنْجُوَ في الآخِرَةِ مِنْ عَذَابِ اللهِ.
وهذَا هُوَ التَّوَجُّهُ السَّلِيمُ بِخِلَافِ مَنْ يَدْعُو لِإِطْلَاقِ الرَّغَبَاتِ وَالشَّهَوَاتِ لِلإِنْسانِ وَلا سِيَّمَا شَهَواتِ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ وَالْمَسِّ الْمُحَرَّمِ وَالِجمَاعِ الْمُحَرَّمِ.