Category Archives: خطب الجمعة

ماذا ينبغِي للمؤمنِ أَنْ يَعْمَلَ في نهارِ رمضان

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهديهِ ونشكرُه ونعوذُ بالله منْ شُرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهْدِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلـهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مَثِيلَ ولا شبيهَ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لَهُ. وأشهدُ أنَّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنا مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه مَنْ بعثَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ هاديًا ومبشِّرًا وَنَذِيرًا بَلَّغَ الرسالةَ وَأدَّى الأمانةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ فجزاهُ اللهُ عنَّا خيرَ ما جَزى نبيًّا مِنْ أنبيائهِ. اللهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا مُحمَّدٍ وعلَى جميع إخوانه النبيين وءال كل وصحب كل والصالحين.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكم ونَفْسي بتقوى اللهِ العليِّ القديرِ القائلِ في محكمِ كتابهِ ﴿أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدا وَقَآئِما يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ٩﴾[1].

عبادَ الله، هذا شَهْر التَّوْبَةِ قَدْ ءَابَ، شَهْرُ الزّهدِ وكسرِ النفسِ، شهرُ صفاءِ الروحِ، شهرُ قِراءةِ القرءانِ وقيامِ الليلِ والإكثارِ من الخيرِ فبادِرْ يا عبدَ اللهِ لِشَغْلِ أيَّامِكَ وأَنْفاسِكَ بِطاعةِ اللهِ، لأن مَن لَمْ يَشْغَلِ الفراغَ بما يَعْنِيهِ شَغَلَه الفَرَاغُ بِما لا يَعْنيه.

فعندَ الفَجْرِ استَفْتِحْ بذكرِ اللهِ وقلْ بِسمِ اللهِ الّذي لا يَضُرُّ معَ اسمِهِ شَىْءٌ في الأرضِ ولا في السّماءِ وهو السميعُ العليمُ، قُلْها ثلاثَ مراتٍ صباحًا ومساءً فقد وَرَدَ عَنْ حَبِيبِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم أنَّ مَنْ قالَها ثلاثًا لم يَضُرَّهُ شَىْءٌ. ثم رَدِّدْ يا أخي في اللهِ أَوْرَادَ التَّحصينِ التي وردَتْ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ شَاءَ اللهُ يَدفعُ اللهُ بها عَنْكَ أَذَى الإِنْسِ وَالجِنِّ.

ثم بَادِرْ إلى صَلاةِ الصُّبحِ في جماعةٍ فقد وردَ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلمَ مَنْ صلّى العِشاءَ في جَمَاعَةٍ فكأنَّما قامَ نِصْفَ اللَّيْلِ ومَنْ صَلَّى الصُّبْحَ في جماعةٍ فكأنَّما صَلَّى اللَّيلَ كُلَّهُ اﻫ[2].

Continue reading ماذا ينبغِي للمؤمنِ أَنْ يَعْمَلَ في نهارِ رمضان

أحكام الصيام

الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونستغفِرُهُ ونستَرْشِدُهُ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مَثِيلَ لَهُ مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبالكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلكَ وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وأشهدُ أَنَّ سیدَنا وحبيبَنا وقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا محمدًا عَبْدُ اللهِ ورسولُه وصفيُّهُ وحبيبُه وخَلِيلُهُ، اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلَى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، أمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ فَأُوصِي نَفْسِي وَأُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ القائلِ في كِتابِه الكَرِيمِ في سورةِ البَقَرَةِ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ اهـ رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

أَقْبَلَ رَمَضَانُ وَالْخَيْرُ فِي إِقْبَالِهِ، أَقْبَلَ رَمَضَانُ وَنُفُوسُ الْمُؤْمِنِينَ تَشْتَاقُ إلَى أَيَّامِهِ،  اللهمَّ بَلِّغْنَا الشَّهْرَ الكَرِيمَ وَوَفِّقْنَا فِيهِ لِمَا يُرْضِيكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

اعْلَمُوا أَيُّهَا الأَحِبَّةُ أَنَّ فَرْضِيَّةَ صِيَامِ رَمَضَانَ أَمْرٌ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أَيْ يَشْتَرِكُ في مَعْرِفَةِ ذلكَ العَالِمُ وَالعَامِّيُّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَذَلكَ ثَابِتٌ في كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِجْماعِ الأُمَّةِ فَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَ صَوْمِ رَمَضَانَ فَقَدْ كَذّبَ الدِّينَ وَفَارَقَ الْمِلَّةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ أَوْ مِثْلِهِ كَأَنْ نَشَأَ في بِلَادٍ بَعِيدَةٍ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَسْمَعْ بِوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ.

فَمَنْ بَلَّغَهُ اللهُ رَمَضَانَ وَوَفَّقَهُ لِلصَّوْمِ فَلْيَحْمَدِ اللهَ علَى هَذِهِ النِّعْمَةِ فَإِنَّ الصَّوْمَ طَاعَةٌ عَظِيمَةٌ وَفَرِيضَةٌ جَلِيلَةٌ. وَحَيْثُ إِنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي شَىْءٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا أَحَلَّ اللهُ مِنْهُ وَمَا حَرَّمَ فَيُنَاسِبُ أَنْ نَتَكَلَّمَ عَنْ بَعْضِ أَحْكَامِ الصَّوْمِ لِيَكُونَ الصَّائِمُ علَى عِلْمٍ بِمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مُهِمَّاتِ هَذِهِ العِبَادَةِ الكَرِيمَةِ فَنَقُولُ وَبِاللهِ التَّوفِيقُ يَجِبُ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ علَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا القَضَاءُ، وَيَجُوزُ الفِطْرُ لِمُسَافِرٍ بِشُرُوطٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ وَلِمَرِيضٍ مَرَضًا يُرْجَى شِفَاؤُهُ لكنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ لِمَرَضِهِ الصَّوْمُ مشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ، وَلِحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ خَافَتَا علَى أَنْفُسِهِمَا الفِطْرُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمُ القَضَاءُ فَقَطْ. أَمَّا إِنْ أَفْطَرَتِ الحَامِلُ خَوْفًا علَى الْجَنِينِ أَنْ يُجْهَضَ أَوْ أَفْطَرَتِ الْمُرْضِعُ خَوْفًا أَنْ يَقِلَّ اللَّبَنُ فَيَتَضَرَّرَ الرَّضِيعُ فَعَلَيْهِمَا مَعَ القَضَاءِ الفِدْيَةُ في مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا في مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَمَنْ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ مُزْمِنٍ لَا يُرْجَى شِفَاؤُهُ أَفْطَرَ وَأَخْرَجَ الفِدْيَةَ، وَهِيَ مُدٌّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ البَلَدِ وَهُوَ القَمْحُ في هَذَا البَلَدِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ،  وَالْمُدُّ مِلْءُ كَفَّيْنِ مُعْتَدِلَتَيْنِ، وَيَجُوزُ في فِدْيَةِ الشَّيْخِ الفَانِى العَاجِزِ عَنِ الصَّوْمِ إِخْرَاجُ قِيمَةِ مَا يُغَدِّي وَيُعَشِّي بِالْمَالِ عِنْدَ الإِمَامِ أَبي حنيفَةَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ، وَيَصِحُّ في الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ أَنْ يُخْرِجَهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ عَنِ الشَّهْرِ كُلِّهِ أَوْ يُؤَخِّرَهَا فَيُخْرِجَها ءَاخِرَ الشَّهْرِ عَنِ الشَّهْرِ كُلِّهِ. وَلَعَلَّ عَمَلَ أَكْثَرِ النَّاسِ اليَوْمَ يُوَافِقُ هذَا القَوْلَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَفِيهِ فُسْحَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ.

Continue reading أحكام الصيام

كيف يثبت رمضان

الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونستغفِرُهُ ونستَرْشِدُهُ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مَثِيلَ لَهُ مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبالكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلكَ وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وأشهدُ أَنَّ سیدَنا وحبيبَنا وقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا محمدًا عَبْدُ اللهِ ورسولُه وصفيُّهُ وحبيبُه وخَلِيلُهُ أَرْسَلَهُ اللهُ بالهدَی وَدِينِ الحَقِّ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا ونذيرًا وَدَاعِيًا إلَى اللهِ بإذنِهِ وسِراجًا مُنِيرًا. اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلَى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فَأُوصِي نَفْسِي وإياكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ القائلِ في سورةِ الحَشْرِ ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ٧.

إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ العَظِيمَةِ عَلَيْنَا أَنْ بَعَثَ فِينَا نَبِيَّهُ الكَرِيمَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَتَرَكَنَا علَى الْمَحَجَّةِ البَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ.

وقد أَوْضَحَ صلى الله عليه وسلمَ السَّبِيلَ، وَبَيَّنَ الأَحْكامَ، وَأَرْشَدَنَا إلَى مَا فِيهِ السَّلَامَةُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنِ الْتَزَمَ نَهْجَهُ وَشَرْعَهُ فَازَ، وَمَنْ خَالَفَهُ هَلَكَ، وكانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا جَاءَ بهِ رسولُ اللهُ صلى الله عليه وسلم مُبَلِّغًا عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وجلَّ فَرْضِيةُ صِيامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فقد قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ في سورةِ البَقَرَةِ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣.

وَلِمَعْرِفَةِ ابْتِدَاءِ وَانْتِهَاءِ الشهرِ الْمُبَارَكِ طَرِيقَةٌ وَأَحْكَامٌ، بَيَّنَهَا النبيُّ الأَكْرَمُ صلى الله عليه وسلم بِوَحْيٍ مِنَ اللهِ تعالَى، وَأَخَذَهَا عَنْهُ الصَّحَابَةُ الكِرَامُ، ثُمَّ أخذَهَا عَنْهُمُ التَّابِعُونَ، ثم مَنْ بَعْدَهُمْ، وَمَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ مُنْذُ قُرونٍ طَوِيلَةٍ يَعْمَلُونَ بِهَا إلَى يَوْمِنَا هَذَا، وَهَذِهِ الطَّريقَةُ مَبْنِيَّةٌ علَى مُرَاقَبَةِ الْهِلَالِ بِالْعَيْنِ في الْمُدُنِ وَالْقُرَى وَالبُلْدَانِ، يَعْرِفُ ذلكَ كُلُّ مَنْ عَاشَ في بِلادِ الْمُسْلِمِينَ وَشَهِدَ عادَاتِهِمْ مِنَ الْخُرُوجِ لِمُرَاقَبَةِ الْهِلَالِ، وَتَجَمُّعِ الناسِ في الْمَواضِعِ التي تَتَّضِحُ فِيهَا الرُّؤْيَةُ، وَمِنُ ثمَّ إطلاقُ الْمَدَافِعِ، أَوْ إِيقَادُ النارِ على رُءُوسِ الْجِبَالِ عِنْدَ ثُبُوتِ الرُّؤْيةِ إِيذَانًا بِثُبُوتِ الشَّهْرِ الشَّريفِ، أَوِ العِيدِ السَّعِيدِ.

Continue reading كيف يثبت رمضان

الإيمانُ باللهِ ورسولِه

الحمدُ للهِ الواحِدِ القَهَّارِ العزيزِ الغفّارِ مُكَوِّرِ اللَّيلِ على النهارِ تذكرةً لأُولِي القلوبِ والأَبْصَارِ وتبصرِةً لِذَوِي الأَلْبَابِ وَالاعتِبار وصلَّى اللهُ علَى سيدِنا محمدٍ وعلى ءالِه وصحبِه الطيِّبينَ الطَّاهِرينَ وَسلَّم، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأشهَدُ أنَّ سيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفِيُّهُ وحبيبُه صلَّى اللهُ عليهِ وعَلى كلِّ رسولٍ أرسلَهُ مَنْ بَعثَهُ اللهُ رحمةً للعالَمينَ هادِيًا وَمُبَشِّرًا ونَذِيرًا بَلَّغَ الرسالةَ وأَدَّى الأمانةَ ونَصحَ الأُمّةَ فجزاهُ اللهُ عنّا خيرَ ما جزَى نبيًّا مِنْ أَنْبيائِه.

أمّا بعدُ عبادَ الله فإنّي أُوصيكُمْ ونفسي بتقوى اللهِ العليِّ العظيمِ القائلِ في مُحكمِ كِتابِه في سورةِ الفَتْح ﴿وَمَن لَّمۡ يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ فَإِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَعِيرا ١٣﴾ إخوةَ الإيمانِ إنَّ مِمّا يجبُ علَى الْمُكَلَّفينَ الإيمانَ باللهِ ورسولِه وهو أَصْلُ الوَاجباتِ وأفضَلُها وأَعلاهَا وأَوْلاهَا فأَمَّا الإيمانُ بِاللهِ فهو الاعتِقادُ الجازِمُ بوجودِه تعالى علَى ما يليقُ بهِ فهو تعالى موجودٌ لا شكَّ في وُجودِه موجودٌ بِلا كيفيَّةٍ ولا كَمِّيَّةٍ ولا مَكانٍ وَلا جِهة، وأمّا الإيمانُ برسولِه محمدٍ صلى الله عليه وسلم فهو الاعتقادُ بِأنَّ محمدَ بنَ عبدِ اللهِ هو رسولُ اللهِ إلى الإنسِ والجنِّ وأنهُ صادقٌ في كُلِّ مَا يُبَلِّغُه عنِ الله.

Continue reading الإيمانُ باللهِ ورسولِه