إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهديهِ ونشكرُه ونعوذُ باللهِ ِمنْ شُرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهْدِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلـهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مَثِيلَ ولا شبيهَ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لَهُ. وأشهدُ أنَّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنا مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه. اللهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا مَحمَّدٍ وعلَى جميعِ إخوانِه النبيينَ والْمُرْسَلِينَ.
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الْقَائِلِ فِي كِتَابِهِ الْكَريِمِ ﴿فَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيرا يَرَهُۥ ٧ وَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّة شَرّا يَرَهُۥ ٨﴾[1].
إِخْوَةَ الإيِمَانِ، إنَّ فِي هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ التَّرْغِيبَ بِقَلِيلِ الْخَيْرِ وَكَثِيرِهِ وَالتَّحْذِيرَ مِنْ قَلِيلِ الشَّرِّ وَكَثِيرِهِ، فَحَرِيٌّ بِنَا وَنَحْنُ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ أَنْ نُقْبِلَ عَلَى الْخَيْرَاتِ وَالطَّاعَاتِ وَقَدْ وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنهُ قالَ في ليلةِ النصفِ من شعبان إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا اﻫ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وغيرُه.
أيها الأحبةُ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَيْلَةٌ مُبَارَكَةٌ عظيمةٌ وهيَ ليلةٌ تُذَكِّرُنا بِاقْتِرَابِ خيرِ الشهورِ شهرِ رمضانَ الذِي أُنْزِلَ فيهِ القرءانُ وقد أَرْشَدَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى ما ينبغِي للمُؤْمِنِ أن يفعلَه في يومِ النصفِ من شعبانَ وماذا يفعَلُ في ليلتِه أيِ الليلةِ الْمُتَقَدِّمَةِ على يومِ النصفِ من شعبانَ بأن يقومَ ليلَهُ بالصلاةِ والدُّعاءِ والاستِغْفَارِ ويصومَ نَهارَه، وقد قالَ ربُّ العزّةِ في كتابِه الكريم ﴿وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنيَا﴾[2] أَيْ لاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ لآخِرَتِكَ مِنْ دُنْيَاكَ، فَمَنْ تَزَوَّدَ لآِخِرَتِهِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا فَهُوَ الْمُتَزَوِّدُ وَمَنْ فَاتَهُ التَّزَوُّدُ لِلآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا فَقَدْ فَاتَهُ التَّزَوُّدُ. وقد جاءَ في أَخْبارِ مَكَّةَ لِلْفَاكِهِيِّ أنَّ أهلَ مكةَ كانُوا إذَا أَتَتْ ليلةُ النصفِ من شعبانَ خرجَ عامَّةُ رجالِهم ونِسائِهم إلى المسجِدِ فصَلَّوْا وطافُو وأَحْيَوْا لَيْلَتَهم حتّى الصباح بِالقِرَاءةِ في المسجدِ الحرامِ حتّى يَخْتِمُوا القُرْءانَ كُلَّه ومِنْهُمْ مَنْ كانَ يُصَلِّي تلكَ الليلَةَ مائةَ ركعَةٍ يَقْرَأُ في كُلِّ ركعَةٍ بالحمدُ وقُلْ هُوَ اللهُ أَحَد عشرَ مرَّاتٍ وأنهم كانوا يأخُذونَ مِنْ مَاءِ زمزمَ تلكَ الليلةَ فيَشْرَبُونَه ويَغْتَسِلُونَ بِه ويُخَبِّئونَهُ عندَهُم لِلْمَرْضَى يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ البَرَكَةَ في هذِهِ الليلَةِ.
Continue reading النِّصْف مِنْ شَعْبَان (مغانم ومحاذير من دسائس)