التحذير من شرب الخمر والمخدّرات والوَشْم

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهديهِ ونشكرُه ونعوذُ باللهِ ِمنْ شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، أحمدُه سبحانَه لا شريكَ لهُ ولا مَثِيلَ ولا شبيهَ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لَهُ. اللهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا مَحمَّدٍ وعلى جميعِ إخوانِه النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ. وبعدُ عبادَ الله فأُوصِي نفسِي وإيَّاكُم بتَقْوَى اللهِ العَظِيم وأُذَكِّرُكم بقولِه عزَّ وَجَلَّ ﴿وَٱتَّقُواْ يَوما تُرجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفس مَّا كَسَبَت وَهُم لَا يُظلَمُونَ ٢٨١﴾[1] اعلَمُوا أَيُّها الأَحِبَّةُ أَنَّ الكَيِّسَ مَنْ دانَ نَفْسَهُ وأَلْزَمَها التَّقْوَى لاسِيَّمَا في هذَا الزَّمَنِ الذِي نَعيشُ فيهِ حيثُ فشَتِ الْمُنْكَرَاتُ. ولَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَسْتَعْرِضَ حَالَ كثيرٍ مِنَ الناسِ اليَوْمَ ومَا يتَعَاطَوْنَهُ مِنَ الحرَامِ لضَاقَ بِنَا المقَامُ لكنَّنِي أَحْبَبْتُ في خُطْبَتِي هذِهِ أَنْ أُنَبِّهَ وَأُحَذِّرَ مِنْ ثَلاثَةِ أُمُورٍ مُحَرَّمَةٍ تَفَشَّتْ في المجتَمَعِ والعياذُ باللهِ تعالَى وهي شُربُ الخَمرِ وتَعاطِي الْمُخَدِّراتِ والوَشْمُ.

وغَنِيٌ عَنِ البَيانِ مَا لِلخمرِ مِنْ أَضْرار على الصعيدِ الصِّحِّي وَالاجْتِمَاعِيِّ وَلَقَدْ صدقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حيثُ قالَ “لا تَشْرَبِ الخمرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ” رواهُ ابنُ مَاجَه. فكم وكم مِنَ النَّاسِ اقْتَتَلُوا وَسَفَكُوا دِماءَ بَعْضِهِم البَعْض بِسَبَبِ السُّكْرِ الشَّديدِ وَكمْ مِنَ النَّاسِ خَسِرُوا ثَرَواتِهِم وَجَنَى أَعمارِهِم في القِمارِ والْمُراهَناتِ وَهم تحتَ تأثيرِ الخمرِ وكم مِنَ النَّاسِ اغْتَصَبُوا أَقْرَبَ الناسِ إليهم وهُمْ تحتَ وَطْأَةِ تأثيرِ الخمرِ. وتَرَى مِنَ الناسِ مَنْ يَذْهَبُ أبعدَ مِنْ ذلكَ فمَعَ تعَاطِيهِ الخمرَ يُضيفُ إلى ذلكَ خصْلَةً أخرى مِنْ خِصالِ الشَّرِّ التي نَهى عنهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فتَراهُ يَجْمَعُ مَعَ شُربِ الخمرِ تعاطيَ المخدِّراتِ ولا يَخْفَى ما تُؤَدِّي إليهِ المخدِّراتُ مِنَ الضّعفِ والمرضِ والعَجْزِ معَ مَا يَلحقُ صاحبَها منَ الإِثمِ وقد وروى أبو داودَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتّرٍ. والمفتِّرُ هو مَا يُحدِثُ في الجسمِ والعَينِ أثَرًا ضَارًّا. وفي الحديثِ دَلِيلٌ علَى تَحريمِ تعاطِي الْمُخَدِّراتِ مثلِ الحشيشةِ والأفيونِ بل إنَّ كلَّ ما يُؤَدِّي بالإِنسانِ إلَى الهلاكِ فَهُوَ حَرَامٌ أَنْ يَتعاطَاهُ كَمَا دَلَّ علَى ذلكَ قولُه تعالى ﴿وَلَا تَقتُلُواْ أَنفُسَكُم﴾[2]

ثم ليُعلَمْ أيضًا أَنَّ مِنَ الناسِ مَنْ يَزِيدُ إِثْمُهُ فَإِذَا بهِ معَ شربِ الخمرِ وتَعاطِي الْمُخَدِّراتِ يَضُمُّ إليهِمَا مَعْصِيَةً أُخرَى دَرَجَ عليهَا كَثِيرٌ مِنَ الناسِ اليَوْمَ وهي الوَشْمُ وهيَ منَ الكَبائِرِ والعياذُ باللهِ وَالوَشْمُ غَرْزُ الجِلْدِ بِالإِبْرَةِ حَتَّى يَخرجَ الدَّمُ ثم يُذَرُّ نَحْوُ نِيلَةٍ لِيَزْرَقَّ أَوْ يَسْوَدَّ وَمَا أَكْثَرَ مَن يَفْعَلُ هَذَا في هذهِ الأَيامِ. فَلْيَنْظُرْ هؤلاءِ مَاذَا يُعِدُّونَ وَمَاذَا يُقَدِّمونَ لِقُبورِهِمْ فَإِنَّ كُلَّ معصيةٍ مِنَ المعاصِي الثلاثِ التِي ذَكَرتُ وَهِيَ شُرْبُ الخمرِ وتَعَاطِي المخدِّراتِ والوشمُ يسْتَحِقُ فَاعِلُها عَذابَ اللهِ الشديدَ في القبرِ وفِي الآخرَةِ فكيفَ إذَا اجْتَمَعَتِ الثلاثةُ فإنَّ الخطرَ يكونُ عندَئِذٍ أكبَرَ وأكبَرَ. هذا وأستغفِرُ اللهَ لي وَلَكم.

الخطبة الثانية

إنّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونَستغفرُه ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، والصلاةُ والسلامُ على سَيِّدِنا محمدٍ الصادِقِ الوَعْدِ الأَمينِ وعلَى إِخوانِه النبيِّينَ وَالْمُرْسَلِين. أمَّا بعدُ عبادَ اللهِ فإِنِّي أوصيكُمْ ونفسِي بتَقوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ فاتّقوه. اللهمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعاءَنا فَاغْفِرِ اللهمَّ لنا ذُنوبَنَا وإِسرافَنَا في أمرِنا اللهمَّ اغفِرْ لِلمؤمنينَ والمؤمناتِ الأَحْياءِ منهم والأَمواتِ اللهُمَّ اجعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غيرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللهمَّ استُرْ عَورَاتِنا وءامِنْ رَوْعاتِنَا واكْفِنَا ما أَهَمَّنا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ اللهمَّ اجْزِ الشيخَ عبدَ اللهِ الهررِيَّ رَحَمَاتُ اللهِ عليهِ عنَّا خَيْرا. عبادَ الله، إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بالعَدْلِ والإِحسانِ وإِيتاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، وَأَقِمِ الصلاةَ.

[1] سورة البقرة.

[2] سورة النساء/ءاية 29.