Category Archives: تعاليم إسلامية

اَلتَّحذِيرُ منَ الكِبْرِ والفَخْرِ

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهديهِ ونشكرُه ونعوذُ باللهِ ِمنْ شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهْدِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلـهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مَثِيلَ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنا مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه مَنْ بعثَهُ اللهُ رحمةً للعالميَن هاديًا ومبشّرًا ونذيرًا بلَّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونصحَ الأُمَّةَ فجزاهُ اللهُ عنَّا خيرَ ما جَزى نبيًّا مِنْ أنبيائهِ. اللهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا مَحمَّدٍ وعلَى ءالِ سَيِّدِنا محمدٍ كما صلَّيتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيِّدِنا إبراهيمَ وبَارِكْ عَلَى سيّدِنا محمَّدٍ وعلَى ءالِ سيّدِنا محمدٍ كمَا باركتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلَى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مجيدٌ.

اتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، ولا تَنْسَوا يَوْمًا يُقالُ فِيهِ لِمَنِ الْمُلْكُ اليَوْمَ، للهِ الواحِدِ القَهَّار، فَاتَّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ القَائِلَ في مُحْكَمِ كِتَابِه ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡس مَّا قَدَّمَتۡ لِغَد وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ ١٨﴾ [1]

تَقْوَى اللهِ إِخْوَةَ الإِيمانِ مَدَارُها على أَمْرَيْنِ عَظِيمَيْنِ أَدَاءِ الوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمات .. اجتِنَابِ المعاصِي، وكَلامُنا اليَوْمَ بِإِذْنِ اللهِ تعالى عَنْ مَعْصِيَةٍ عَدَّها العُلَمَاءُ مِنْ مَعَاصِي القَلْبِ ألا وَهِيَ الكِبْرُ والعياذُ بِاللهِ. فالتَّكَبُّرُ عِبَادَ الله مِنْ مَعَاصِي القَلْبِ وَهُوَ نَوْعانِ الأولُ ردُّ الحقِّ أي أَنْ يَعْرِفَ الحقَّ ولا يَلْتَزِمُ بِهِ وَيَقِفُ عِنْدَهُ والثانِي استِحْقَارُ الناسِ وسَبَبُهُ نَاشِئٌ مِنَ القَلْبِ، وَإِنْ كَانَتْ مَظَاهِرُهُ مِنْ أَعْمَالِ الجَوارِحِ وذلكَ لأنَّ القَلْبَ إذا حصلَ فيه الْكِبْرُ ظَهَرَتْ ءَاثَارُهُ عَلَى الجَوَارِحِ، فيَنْظُرُ الْمُتَكَبِّرُ بِعَيْنِ الاحْتِقَارِ إلَى الفَقِيرِ أَوْ يُعْرِضُ عَنْهُ تَرَفُّعًا، أَوْ يَرُدُّ الْحَقَّ على قائلِهِ مَعَ العِلْمِ بِأَنَّ الصَّوَابَ معَ القَائِلِ لِكَوْنِه أصغرَ مِنْهُ سِنًّا أو أقلَّ جاهًا أو يَتَكَبَّرُ فِي مِشْيَتِهِ فيَمْشِي مِشْيَةَ الخُيَلَاءِ لِلتَّكَبُّرِ. كُلُّ هذَا مِنْ كَبائِرِ الذُّنوبِ وَقَدْ وَرَدَ في الحديث أن الْمُتَكَبِّرِينَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ كَأَمْثَالِ الذَّرِّ – أي النَّمْلِ الأَحْمَرِ الصَّغِيرِ – يطؤُهمُ النَّاسُ بأَقْدَامِهِمْ.

فعليكم إخوةَ الإيمانِ بالتواضع، فقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إنَّكُمْ لَتَغْفُلونَ عَنْ أَفْضَلِ العِبَادَةِ التَّوَاضُع اهـ[2] ولذلك كان أكابِرُ الصحابةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ تَوَاضُعًا. سَيِّدُنا عُمَرُ رضي اللهُ عنهُ كانَ خَرَجَ مَرَّةً لِلجُمُعَةِ ولَبِسَ اللباسَ الذِي يَلْبَسُهُ المسلِمُ لِلجُمُعَةِ وَهُوَ في طَريقِهِ نَزَلَ عَلَيْهِ مِنْ مِيزَابِ دَارِ العَبَّاسِ دَمُ فَرْخَيْنِ ذُبِحَا مَعَ ماءٍ، فَذَهَبَ وغَسَلَ ما نَزَلَ علَيْهِ ثُمَّ قَالَ يُزَالُ هَذَا الميزَابُ، فقالَ العَبَاسُ هَذَا الرَّسولُ وَضَعَهُ فَقَالَ عُمَرُ يُعَادُ كَمَا كَانَ، وَقَالَ لِلْعَبَّاسِ تَطْلُعُ عَلَى ظَهْرِي لِتُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، أَمِيرُ المؤمِنينَ عُمَرُ يَقُولُ للعَبَّاسِ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَطْلُعُ عَلَى ظَهْرِي، وعَزَمَ عليهِ فَطَلعَ العبّاسُ عَلَى ظَهْرِهِ وَأَعَادَهُ.

التَّوَاضُعُ أيُّها الإِخْوَةُ نَتِيجَتُهُ سَلامَةٌ مِنَ الفَخْرِ واللهُ تعالى لا يُحِبُّ الفَخْرَ من عبدِهِ سَوَاءٌ كانَ في الثِّيَابِ أم فِي الأَثَاثِ أم فِي الْمَسْكَنِ أم في نحوِ ذلكَ، بل الذِي يَعْمَلُ لِلفَخْرِ فعليه ذَنْبٌ كَبِيرٌ فهؤلاءِ الذِينَ يَلْبَسُونَ الثيابَ الفاخرةَ للفَخْرِ، أو يَبْنُونَ البِنَاءَ الجَمِيلَ لِلْفَخْرِ، أو يَرْكَبُونَ الْمَركوباتِ النَّفيسَةَ الجمِيلةَ لِلفَخْرِ، لَوْ عَجَّلَ اللهُ عُقُوبَتَهُم لَعَاقَبَهُمْ في الدُّنيا قَبلَ الآخِرَةِ لكنَّهُ يُؤَخِّرُ عَذَابَ أَكْثَرِ الخَلْقِ إلَى الآخِرَةِ، وَقَدْ يُظهِرُ اللهُ تبارَكَ وتعالَى عُقُوبةً على البعضِ في الدنيا لِيعتبرَ بِها من شَاءَ اللهُ لَهُ أَنْ يَعْتَبِرَ.

الرسولُ صلى الله عليه وسلم حَدَّثنا أَنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَ هذهِ الأُمَّةِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ كَانَ يَمْشِي مُتبَخْتِرًا يَنْظُرُ فِي جَانِبَيْهِ، أَعْجَبَهُ ثَوْبُهُ وشَعَرُهُ، تَهْيِئَةُ شَعَرِهِ وحُسْنُ شعرِه، بينما هو يَمْشِي مُتَبَخْتِرًا أَمَرَ اللهُ تباركَ وتعالَى الأَرْضَ فَبَلَعَتْهُ فهو يَتَجَلْجَلُ إلَى يَوْمِ القِيامةِ، والتَّجَلْجُلُ مَعْنَاهُ السَّوْخُ أَيِ النُّزُولُ في الأَرْضِ معَ التَّحرُّكِ والاضطرابِ الشَّدِيدِ مِنْ شقٍّ إلى شقٍّ.

فالفَخْرُ إخوةَ الإيمانِ مَعْنَاهُ أَنْ يَفْعَلَ الشخصُ مثلَ ذَلِكَ ليُعْجَبَ به الناسُ، يُريدُ أَنْ يَكُونَ لَهُ اخْتِصَاصٌ عندَ النَّاسِ بالنَّظَرِ إليهِ والتَّفْخِيمِ فإذا لبسَ لِباسًا جَمِيلا للفخرِ كان عليهِ إثمٌ وإذا اقتنى أثاثًا جَمِيلا لِلْفَخْرِ كَانَ عَلَيْهِ إِثْمٌ وَإِذَا رَكِبَ سَيارةً جميلَةً لِلْفَخْرِ كانَ علَيْهِ إِثْمٌ وَإِذَا بَنَى بِنَاءً لِلفَخْرِ كان عليه إثم أي مِن كبائِرِ الذنوبِ وعظائِمها أَمَّا إِذَا فَعَلَ مِثْلَ ذلكَ للتَّجَمُّلِ فَقَطْ وليس للفخر فيَلبَسُ الثَوبَ الأَنِيق للتَّجَمُّلِ ويفرحُ بِنَفْسِهِ لَا لِلْفَخْرِ ويركَبُ السيارةَ الفَاخِرَةَ لِلتَّجَمُّلِ لَا لِلْفَخْرِ فَلَا ذَنْبَ عَلَيْهِ.

أخي المؤمن، عِ مِنِّي مَا أقُولُ. أَخِي الْمُؤْمِنَ الْمُتَوَكِّلَ على اللهِ الْمُقْبِلَ إلى الطَّاعةِ الْمُدْبِرَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ اسْتَمِعْ إلى مَا أُلْقِي إِلَيْكَ مِنْ قَوْلِ أَبِي العَتَاهِيَةِ

        رَغِيـفُ خُبْـزٍ يَـابِسٌ

   تَأْكُلُــهُ فِـي  زَاوِيـَهْ

        وَكُـوزُ  مَـاءٍ  بَـاردٍ

   تَشرَبـُهُ  مِـنْ  صَافِيَهْ

        وغُـرْفَـةٌ   ضَيِّقَــةٌ

   نَفْسُـكَ  فيهَـا   خَالِيَهْ

        ومَسـجِدٌ  بَمَعْــزِلٍ

   عَنِ  الورَى  بِنَاحِيَـهْ

        تَـدْرُس  فيـهِ  دفتَـرًا

   مُسْتَنِــدًا    بِسَـارِيَهْ

        مُعتَبِـرًا بِمَـنْ مَضَـى

   مِنَ  القُرونِ  الخَالِيَــهْ

       خَيْـرٌ مِنَ السَّاعَاتِ فِي

   فَـىْءِ القُصورِ العَالِيـَهْ

       تَعْقُبُـهَـا نَدَامَةٌ

   تُصْلَـى  بِنَارٍ  حَامِيَـهْ

اللهمَّ اجعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ المتواضِعِينَ الزَّاهِدِينَ الصَّالِحِينَ العَابِدِينَ النَّاسِكِينَ، الوَالِهِينَ بِمَحَبَّتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين. هَذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم.

الخطبةُ الثانيةُ

إنّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونَستغفرُه ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، والصلاةُ والسلامُ على سَيِّدِنا محمدٍ الصادِقِ الوَعْدِ الأَمينِ وعلَى إِخوانِه النبيِّينَ وَالْمُرْسَلِين. أمَّا بعدُ عبادَ اللهِ فإِنِّي أوصيكُمْ ونفسِي بتَقوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ فاتقوه.

رَوَى الطَّبرانيُّ في المعجمِ الكَبِيرِ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ إِنَّ مُحَرِّمَ الحَلالِ كَمُسْتَحِلِّ الحرامِ اهـ ذَكَرْتُ لكم إخوةَ الإيمانِ هَذَا الحَدِيثَ لِيَرْسَخَ في نُفوسِكُمْ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الناسِ يَتَكَلَّمُونَ في الدِّينَ فَيُحَرِّمونَ مَا أَحَلَّ اللهُ أَوْ يُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَكِلَا الأَمْرَيْنِ هَلَاكٌ، بَعْضُ الناسِ يقولونَ عِنْدَ الغَضَبِ على مُسْلمٍ: فلانٌ  قَتْلُهُ حَلالٌ أَوْ يَقُولونَ سَرِقَتُهُ حَلالٌ أو يقولونَ الذِي يَضْرِبُ رَأْسَهُ يَدْخُلُ الجَنَّةَ” والعياذُ باللهِ فَإِنَّ في ذلكَ تَحْلِيلًا لِمَا عُلِمَ مِنَ الدينِ بالضرورةِ حُرْمَتُهُ وهذَا كُفْرٌ والعِياذُ باللهِ. فَمَنْ صَدَرَ مِنْهُ ذلكَ فَلْيَتَشَهَّدْ لِلرُّجوعِ إلى الإِسلامِ.

اللهمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعاءَنا فَاغْفِرِ اللهمَّ لنا ذُنوبَنَا وإِسرافَنَا في أمرِنا اللهمَّ اغفِرْ لِلمؤمنينَ والمؤمناتِ الأَحْياءِ منهم والأَمواتِ رَبَّنَا ءاتِنَا فِي الدُّنيا حسنَةً وفِي الآخرَةِ حسنَةً وقِنَا عَذَابَ النارِ اللهُمَّ اجعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غيرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللهمَّ استُرْ عَورَاتِنا وءامِنْ رَوْعاتِنَا واكْفِنَا ما أَهَمَّنا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ اللهمَّ اجْزِ الشيخَ عبدَ اللهِ الهررِيَّ رَحَمَاتُ اللهِ عليهِ عنَّا خَيْرا. عبادَ الله إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بالعَدْلِ والإِحسانِ وإِيتاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. وَأَقِمِ الصلاةَ.

 سورة الحشر.[1]

 رواه البيهقي.[2]

التربية الإسلامية ودور الأسرة والمعلّم

إنَّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يهدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وأشهدُ أَنْ لَا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَهُ ولا مثيلَ لَهُ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لَهُ، هو اللهُ الواحِدُ الأَحَدُ الفَرْدُ الصَّمَدُ الذِي لم يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ولمْ يَكُنْ لهُ كفوًا أحد. وأشهدُ أنّ سَيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفيُّهُ وَحَبِيبُهُ مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ هَاديًا ومبشرًا ونذيرًا بلّغَ الرسالةَ وأدَّى الأَمَانةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ فجزاهُ اللهُ عنا خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَائِه. اللّهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى جَمِيعِ إِخْوَانِهِ النَّبِيِّين.

أمّا بعدُ عِبادَ اللهِ فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِى بِتَقْوَى اللهِ العَلِىِّ العَظِيمِ أَلَا فَاتَّقُوهُ وَخَافُوه. يقولُ اللهُ تعالى في كتابِهِ العَزيزِ {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَيۡهَا مَلَٰٓئِكَةٌ غِلَاظ شِدَاد
لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ ٦}
[1]. قالَ سيدُنا علىٌّ رضىَ اللهُ عنهُ في تفسيرِ هذِهِ الآيةِ عَلِّمُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمُ الخَيْرَ[2] اهـ أَىْ عِلْمَ الدِّينِ فَمِنَ الوَاجِبِ علينَا إخوةَ الإيمانِ أَنْ نَتَعَلَّمَ أَحْكَامَ دِينِنا وَأَنْ نُعَلِّمَ أَوْلادَنا مَا يَحْتَاجُونَهُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَبِعِلْمِ الدِّينِ يَقِى الإِنسانُ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ وأولادَهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ يومَ القِيامَةِ. وقد بيَّنَ لنا رسولُنَا الكريمُ صلَّى الله عليه وسلم أهميةَ الدَّوْرِ الذِى يَنْبَغِى أَنْ تَقُومَ بهِ الأُسْرَةُ وأَنْ يَقُومَ بِهِ الْمُعَلِّمُ والْمُرَبِّى معَ الأولادِ وَالْمَسْئُوليَّةَ الكبيرةَ الوَاقِعَةَ علَى الأَهْلِ وعلَى كُلِّ مَنْ يَرْعَى طِفْلًا أَوْ أُسْرَةً أو جَماعَةً قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه[3] اهـ

Continue reading التربية الإسلامية ودور الأسرة والمعلّم

تفسير سورة الإخلاص وتفسير الحديث “الله أكثر

إنَّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستهديهِ ونشكرُهُ ونستغفرُهُ ونتوبُ إليه ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وَحدَهُ لا شريكَ له ولا ضدَّ ولا نِدَّ ولا مثيلَ ولا شبيهَ لَهُ ولا مَكانَ ولا جهةَ لَه ولا خالقَ سواه، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا بَلَّغَ الرسالةَ وأَدَّى الأمانةَ ونصحَ الأمَةَ فجزاهُ اللهُ عنا خيرَ ما جزى نبيًّا من أنبيائِهِ، صلى اللهُ على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى كُلِّ رسولٍ أَرْسَلَهُ. أما بعدُ عبادَ اللهِ، أُوصِيكُمْ ونَفْسِي بتَقْوَى اللهِ العَظِيم، اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِه وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمون. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يقولُ في القُرءانِ الكَريمِ ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ٢ لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ٣ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ ٤﴾ سورة الإخلاص.

إخوةَ الإيمان، إِنَّ هذهِ السورةَ هِيَ مِنْ سُوَرِ القُرْءَانِ العَظِيمَةِ مَعَ قِصَرِهَا لأنَّ فيهَا مِنْ مَعاني التوحيدِ وَصِفَاتِ اللهِ ما يُظْهِرُ عَقِيدَةَ المسلمِينَ بِرَبِّهِمْ تبارَكَ وتعالى. وَقَدْ وَرَدَ في هذِهِ السورةِ أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا مَرَّةً فَكَأَنَّما قَرَأَ ثُلُثَ القُرءانِ وَمَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ فَكَأَنَّما قَرَأَ ثُلُثَيِ القُرْءَانِ وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلاثًا فَكَأَنَّما قَرَأَ القُرْءَانَ كُلَّهُ. اهـ أَيْ لَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ لَا أَنَّهُ يَكونُ لَهُ أَجْرٌ تَمامًا كَمَنْ قَرَأَ القُرْءَانَ كُلَّهُ.

وأمَّا عنْ سَبَبِ نُزُولِ هذهِ السورةِ فَهُوَ أنَّ بعضَ الناسِ جاؤُوا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا لَهُ صِفْ لَنَا رَبَّكَ الذِي تَعْبُدُه كانَ سُؤالُهُم عِنَادًا وَلَيْسَ حُبًّا بِالعِلْمِ وَاسْتِرْشَادًا بِهِ فَأَنْزَلَ اللهُ تعالى قولَه ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١ ﴾ إلى ءاخِرِ السورةِ، فقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ هَذهِ صِفَةُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ اهـ

Continue reading تفسير سورة الإخلاص وتفسير الحديث “الله أكثر

الثبات على الطاعة والتوبة ومجالس العلم والفضائل بعد رمضان

الحمدُ للهِ ثم الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ بجميعِ مَحامِده كلِّها ما عَلِمْنا منها وما لم نعلمْ عددَ خلقِه كُلِّهِم ما علمنا منهُمْ ومَا لم نَعلَمْ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ الواحدُ الأحدُ الفردُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكن له كفُوًا أحَد، تقَدَّسَ ربِّي عنِ الأمثالِ والأكفاءِ وتنزَّه عن الزوالِ والفناءِ ليس كمثله شىءٌ ولا يشبهُهُ شىء، وأشهد أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرّةَ أعيُنِنا محمّدًا عبدُه ورسولُه. اللهم صل على سيدنا محمدٍ سيدِ البشرِ وفخرِ ربيعةَ ومضر وعلَى ءالِه وصحبِه ما أقبلَ ليلٌ وأَدْبَرَ وأضاءَ صُبْحٌ وأسفَرَ.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فإني أُوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ العليِّ القديرِ القائلِ في مُحكمِ كتابِه ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوۡبَة نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمۡ سَيِّ‍َٔاتِكُمۡ وَيُدۡخِلَكُمۡ جَنَّٰت تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ يَوۡمَ لَا يُخۡزِي ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥۖ نُورُهُمۡ يَسۡعَىٰ بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتۡمِمۡ لَنَا نُورَنَا وَٱغۡفِرۡ لَنَآۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡء قَدِير ٨﴾[1]

إخواني، لقد وَدَّعنا منذُ أيامٍ شهر رمضانَ الكريم، شهر الخيرِ والبركاتِ والتوبةِ والطاعاتِ فبعدَ وَداعِ شهرِ التوبةِ اثبُتوا على التوبةِ، بعدَ وداعِ شهرِ الطاعةِ اثبُتوا على الطاعةِ.

فكم هو جميلٌ ثباتُك يَا ثابِت، ثابتٌ البنانيُّ هذا كانَ من أئمةِ التابعينَ وكانَ رأسًا في العلمِ والعملِ جاءَ عنهُ أنهُ كانَ يقرأُ القرءانَ في كلِّ يومٍ وليلةٍ وكانَ يصومُ الدهر، وكانَ يقولُ كابَدتُ الصلاةَ أربعينَ سنةً وتنعَّمتُ بها أربعينَ سنة، هذا ثابتٌ إخوةَ الإيمانِ وردَ عنِ الذِي أَلْحَدَه في قبرِه أي أدخلَه في قبرِه أنهُ قالَ “أنا والذي لا إله إلا هو أدخلتُ ثابتًا البنانيَّ لَحْدَهُ فلمَّا سَوَّيْنَا عليه اللَّبِنَ سَقَطَتْ لَبِنَةٌ يعنِي حجرا فنـزلتُ فأخذتُها من قبرِه فإذَا به يُصلي في قبرِه، قالَ فقلتُ للذي معي ألا ترى ؟ قال اسكتْ، فلمّا سوَّينا عليهِ الترابَ وفرَغْنا أَتَيْنا ابنتَه فقُلنا لَها ما كانَ عملُ ثَابِت، ماذَا كانَ يفعلُ في هذه الدنيا ؟ قالت وما رأيتُم ؟ فأخبَرْناها، فقالت كان يقومُ الليلَ خمسينَ سنةً فإذا كانَ السَّحَرُ قالَ في دُعائهِ اللهم إن كنتَ أعطيتَ أحدًا الصلاةَ في قبرِه فأَعْطِنِيها، فما كانَ اللهُ لِيَرُدَّ ذلكَ الدُّعاء” رواهُ أبو نُعيم في حِليةِ الأولياء.

Continue reading الثبات على الطاعة والتوبة ومجالس العلم والفضائل بعد رمضان