الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ الحمدُ للهِ الذي قَيَّضَ للخلق رجالًا حفظوا عليهم الدين، وأظهر مناقبهم نُصرةً لهذا الدين، وأشهدُ أن لا إله إلّا اللهُ وحده لا شريكَ له وأشهدُ أن سيدَنا ونَبِيَّنَا مُحمَّدًا عبدُه ورَسُولُهُ إلى جميعِ الخلق رَحْمَةً لِلْعَالَمِين. اللهمَّ صلِّ وسَلِّمْ على سيدِنا محمدٍ الأمينِ وعلى ءالِهِ وصَحْبِهِ والتَّابِعِينَ لهم بِإِحْسَانٍ إلى يومِ الدين.
أما بعدُ عِبَادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ العظيمِ والثَّبَاتِ على هَدْيِ نَبِيِّهِ الكريمِ. يقولُ اللهُ تعالى ﴿مِّنَ ٱلمُؤمِنِينَ رِجَال صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَّن قَضَىٰ نَحبَهُۥ وَمِنهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبدِيلا ٢٣﴾[1].
إِنَّ أفضَلَ هذهِ الأُمَّةِ بعدَ نَبِيِّها الخُلفَاءُ الرَّاشِدُونَ الأربعةُ أبو بَكرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ. وَكَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِمْ نَحْوًا مِنْ ثَلاثِينَ سَنَةً. وحدِيثُنا اليومَ عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه ثاني الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ وأفْضَلُ هذِهِ الأُمَّةِ بعدَ نَبِيِّها صلى الله عليه وسلم وَبعْدَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عنه. ومُدَّةُ خِلافَتِهِ عَشْرُ سِنِينَ وَسِتَّةُ أَشْهُرٍ تَقْرِيبًا فَقَدْ وَلِيَ الخِلَافَةَ بعدَ وفاةِ أَبِي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه سنةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ مِنَ الهِجْرَةِ.
هو أميرُ المؤمنينَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ الخطابِ بنِ نُفَيْلِ بنِ عَبْدِ العُزَّى ابنِ رِيَاحٍ القُرَشِيُّ وَأُمُّهُ حَنْتَمَةُ بِنْتُ هَاشِمٍ، لَقَّبَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالفاروقِ لأَنَّهُ يَفْرُقُ بَيْنَ الحَقِّ والبَاطِلِ فَقَدْ قَالَ صلَّى الله عليه وسلم إِنَّ اللهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِه[2] اهـ وَمَعْنَاهُ أَنَّ اللهَ أَجْرَى الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ. وُلِدَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بعدَ عَامِ الفِيلِ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وأَسْلَمَ بعدَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَإِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً. كانَ طَوِيلًا كَأَنَّهُ عَلَى دَابَّةٍ أَصْلَعَ الرَّأْسِ أَبْيَضَ اللونِ تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ كَثَّ اللحيةِ أَيْ كَثِيفَها خَفِيفَ شَعَرِ العَارِضَيْنِ مُتَواضِعًا زَاهِدًا وَرِعًا مُتَقَشِّفًا.
Continue reading عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي الله عنْه ثَاني الخلفَاءِ الرَّاشِدِين