Category Archives: خطب الجمعة

علمُ الدّينِ حياةُ الإسلامِ (الجزءُ الثاني) في الحثِّ علَى التَّعَلُّم

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستَهْدِيهِ ونَشكُرُه ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لَهُ. الحمدُ للهِ الذِي علَّمَ الإنسانَ ما لَمْ يعلَمْ وشرَعَ لِلْخَلْقِ الدِّينَ وقيَّضَ لهذَا الدِّينِ فقهاءَ وجعلَهم وَرَثَةَ الأَنْبياءِ فنَفَعَ خَلْقًا وَحَرَمَ ءاخَرِين.

وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ لا شريكَ لهُ ولا مثيلَ لهُ ولا ضِدَّ ولا ندَّ لهُ، وَلا شَكْلَ ولا صُورةَ وَلا أعضاءَ له، ولا حيِّزَ ولا جهةَ ولا مكانَ له، جلَّ ربِّي لا يشبهُ شيئًا وَلا يشبهُهُ شىءٌ ولا يحلُّ في شىءٍ ولا يَنْحَلُّ منهُ شىء، جلَّ ربِّي وتنزَّهَ عنِ الأَيْنِ والكَيْفِ والشَّكْلِ والصُّورةِ والحدِّ والجهةِ والمكانِ، ليسَ كمثلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السَّميعُ البصير. وأشهَدُ أنَّ سيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفِيُّهُ وحبيبُه بلّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونصحَ الأمّةَ فجزاهُ اللهُ عنا خيرَ مَا جزَى نبيًّا من أنبيائِه. اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ وأكرِمْ وأنعِمْ علَى سيِّدِنا محمّدٍ معلِّمِ الخيرِ وعلى ءالِه وأصحابِه الطاهرين ومن تبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلى يومِ الدِّين.

أمَّا بعدُ عبادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ ونفسِي بتقوَى اللهِ العليِّ العظيم.

إخوتِي في اللهِ كنّا تَكَلَّمْنا في الخُطْبَةِ الماضيةِ عن فضلِ العِلمِ والعلماءِ وكلامُنا اليومَ إن شاءَ اللهُ تعالى عن طلبِ العلمِ وكيْفيَّتِه فإنَّ اللهَ مَا أمرَ نبيَّهُ في القرءانِ بِطَلَبِ الازديادِ من شىءٍ إلّا مِنَ العلمِ فقالَ ربُّنا تبارك وتعالى ﴿وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡما ١١٤[1]. وقالَ تبارك وتعالى ﴿وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّة فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَة مِّنۡهُمۡ طَآئِفَة لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ ١٢٢[2] فجعَلَهُمُ اللهُ فِرقَتَيْنِ فرقةٌ تحرُسُ بيضةَ الإسلامِ أي جماعتَهم وفرقةٌ تحفَظُ شريعةَ الإيمانِ وَهُمُ الفُقَهَاءُ.

Continue reading علمُ الدّينِ حياةُ الإسلامِ (الجزءُ الثاني) في الحثِّ علَى التَّعَلُّم

علمُ الدّينِ حياةُ الإسلامِ (الجزءُ الأول) الحثُّ علَى التَّعَلُّم

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونَشكُرُه ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ وَمَنْ يضلِلْ فلا هاديَ لَهُ. الحمدُ للهِ الذِي علَّمَ الإنسانَ ما لَمْ يعلَمْ ورَفَعَ شأنَ العُلماءِ علَى مَنْ دُونَهم فَلَا يَسْتَوُونَ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ الواحدُ الأحدُ الفَرْدُ الصَّمَدُ الذِي لم يتَّخِذْ صَاحِبةً ولا ولدًا، جلَّ ربِّي لا يشبهُ شيئًا وَلا يشبهُهُ شىءٌ ولا يحلُّ في شىءٍ ولا يَنْحَلُّ منهُ شىء، جلَّ ربِّي وتنزَّهَ عنِ الأَيْنِ والكَيْفِ والشَّكْلِ والصُّورةِ والحدِّ والجهةِ والمكانِ، ليسَ كمثلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السَّميعُ البصير. وأشهَدُ أنَّ سيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفِيُّهُ وحبيبُه الذِي أرشدَنا إلَى طريقِ الخيرِ والهُدَى وَالنُّور. وصَلَّى اللهُ على سيِّدِنا محمَّدٍ النبِيِّ الأمِّيِّ الذي علَّمَ النّاسَ الخيرَ وأرشدَهُمْ إلَى مَا فيهِ خيرُهم وصلاحُهم وفلاحُهم في الدُّنيا والآخِرَةِ وعلَى ءَالِه وصحابَتِه الطيَّبِينَ الطَّاهِرِينَ.

أمَّا بعدُ عبادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ ونفسِي بتقوَى اللهِ العليِّ القَدِير. إخوةَ الإيمانِ إنَّ اللهَ تباركَ وتعالَى مدحَ العلماءَ في كتابِه العَزيزِ فقَالَ ﴿يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِير ١١[1] وقال تعالى ﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ١٨[2] فَانْظُرْ أَخِي المؤمنَ كيفَ جَاءَ فِي الآيةِ ذِكْرُ اللهِ ثمَّ الملائكةِ ثمَّ أهلِ العِلْمِ ونَاهيكَ بهذَا شَرَفًا وفَضْلًا وَجَلاءً وَنُبْلًا.

Continue reading علمُ الدّينِ حياةُ الإسلامِ (الجزءُ الأول) الحثُّ علَى التَّعَلُّم

الحثُّ على أداءِ رواتبِ الفَرَائضِ ونوافِلِ الصَّلَوَات

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستَهْدِيهِ ونَشكُرُه ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لَهُ. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ لا شريكَ لهُ ولا مثيلَ لهُ ولا ضِدَّ ولا ندَّ لهُ. وأشهد أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنَا محمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه،  مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ هاديًا وَمُبَشِّرًا ونَذِيرًا، صلّى اللهُ على سيدِنا محمّدٍ وعلى كُلِّ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فإنِّي أوصيكم ونفسِي بتَقْوَى اللهِ العليِّ القديرِ فَاتَّقُوه.

قالَ اللهُ تعالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)﴾[1]

أمرَنا اللهُ تباركَ وتعالَى بِعبادَتِهِ وطَاعَتِه وقَدْ سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن أفضلِ الأَعمالِ فقالَ الصلاةُ لِوَقْتِهَا اﻫ[2] وهِيَ أوَّلُ مَا يُسْأَلُ العبدُ عنهُ مِنَ الفَرَائِضِ العَمَلِيَّةِ وذلكَ بعدَ سُؤَالِهِ عنِ الإيمانِ بِاللهِ وَرَسُولِه صلى الله عليه وسلم. وقَدْ فَرَضَ اللهُ علينا خمسَ صلَوَاتٍ فَمَنْ أدَّاها كمَا أمرَ اللهُ تعالى كانَتْ لَهُ نورًا وبُرْهَانًا يومَ القِيامَة.

فالصلاةُ إخوةَ الإِيمانِ والإسلامِ أحسنُ ما قصدَهُ المرءُ في كُلِّ مُهِمٍّ وأَوْلَى مَا قامَ بهِ عندَ كُلِّ خَطْبٍ مُدْلَهِمّ .. خُضوعٌ وخُشوعٌ وافْتِقَارٌ وَاضْطِرَار .. دُعاءٌ وَثَنَاءٌ وتَحْمِيدٌ وتَمْجِيدٌ وتَذَلُّلٌ للهِ العَلِيِّ الحمِيد، وقد جعلَها اللهُ قرَّةً لِلْعُيونِ وَمْفَزَعًا للمَحْزُونِ فكانَ رسولُ الهُدَى صلى الله عليه وسلم إذَا حَزَبَهُ أَيْ نَابَهُ وأَلَـمَّ بهِ أَمْرٌ شديدٌ وفي روايةٍ حَزَنَهُ أَمْرٌ يَفْزَعُ إلى الصلاةِ وكانَ يُنادِي أَرِحْنَا بِالصَّلاةِ يَا بِلال، فكانَتْ سُرورَهُ صلى الله عليه وسلم وهناءَةَ قَلْبِهِ وسعادَةَ فُؤادِهِ فقَدْ قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عينِي فِي الصَّلَاة اﻫ[3]

Continue reading الحثُّ على أداءِ رواتبِ الفَرَائضِ ونوافِلِ الصَّلَوَات

التّوكُّلُ على اللهِ والتّحذيرُ مِنَ الكَهَنَةِ والعَرّافِين

إنَّ الحمدَ للهِ نَحْمَدُهُ ونَستعينُهُ ونَستَهْدِيهِ ونستغفِرُهُ ونَشْكُرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سَيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مثيلَ لهُ ولا شبيهَ لهُ ولا صورةَ ولا أعضاءَ ولا جُثّةَ ولا جسمَ ولا مكانَ لهُ، خلقَ العالَمَ وهو غنيٌّ عنِ العالمينَ، خلقَ العرشَ إظهارًا لقدرتِهِ ولَمْ يَتّخِذْهُ مَكانًا لذاتِهِ، جَلّ ربِّي فهو الواحدُ القهّارُ. وأشهدُ أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرّةَ أعينِنا محمّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه اللهم صلّ على سيدِنا محمدٍ صلاةً تقضي بها حاجَاتنا وتفرِّج بها كُرُباتِنا وسلِّمْ عليه وعلى ءالِهِ وأصحابِهِ تسليمًا كثيرًا.

أمّا بعدُ عبادَ اللهِ، فإني أوصيكُمْ ونفسي بتقوى اللهِ العليِّ القديرِ القائلِ في مُحكَمِ كتابِهِ ﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ١٣[1]

إخوةَ الإيمانِ، مِنَ الواجباتِ القلبيّةِ التوَكّلُ على اللهِ وهو الاعتمادُ عليه تعالى، فيجبُ على العبدِ أنْ يكونَ اعتمادُهُ على اللهِ لأنهُ خالقُ كلِّ شىءٍ مِنَ المنافعِ والمضارِّ وسائرِ ما يدخلُ في الوجودِ، فلا ضارَّ ولا نافعَ على الحقيقةِ إلا اللهُ، فإذا اعتقدَ العبدُ ذلكَ وَوَطّنَ قلـبَهُ عليهِ كانَ اعتمادُهُ على اللهِ في أمورِ الرّزقِ والسلامةِ من المضارِّ.

فالتوكُّلُ هو ثِقَةُ القلبِ باللهِ. وقالَ الجنَيْدُ البغداديُّ رضي اللهُ عنهُ التوكُّلُ هُوَ تَرْكُ الاعتِمادِ الحقيقِيِّ على غيرِ اللهِ اﻫ

فمَنْ توكّلَ على اللهِ تجنّبَ أنْ يلجأَ إلى ما حرّمَ اللهُ منَ العَمَلِ بالسحرِ وإتيانِ العرّافينَ والمنجِّمينَ، فقد قالَ حبيبُنا محمّدٌ صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ من أتى كاهنًا أو عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يقولُ فقدْ كفرَ بما أُنزِلَ على محمّدٍ اﻫ رواه الحاكم.

فالكاهنُ هو مَنْ يتعاطى الإخبارَ عمّا يقعُ في المستقبلِ كالذين لهم أصحابٌ من الجنِّ يأتونَهم بالأخبارِ فيعتمدونَ على أخبارِهِمْ فيحدّثونَ الناسَ بأنهُ سيحصلُ كذا.

والعرّافُ هو من يتحدّثُ عن الماضي من المسروقِ ونحوِهِ.

Continue reading التّوكُّلُ على اللهِ والتّحذيرُ مِنَ الكَهَنَةِ والعَرّافِين