إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونشكرُه ونستغفرُه وَنَتُوبُ إليهِ ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهْدِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلـهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ وَلا مِثْلَ وَلا نِدَّ لَهُ، وَلا حَدَّ وَلا جُثَّةَ ولا أعضاءَ لهُ، أَحَدٌ صمدٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لهُ كُفُوًا أَحَد، وأشهدُ أنَّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنا مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه، مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ هاديًا ومبشرًا ونذيرًا. اللهم صَلِّ وسلِّمْ علَى سَيِّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِه وصَفْوَةِ صَحْبِه.
أمّا بعدُ عبادَ اللهِ فإنِّي أوصيكم ونفسِي بتَقْوَى اللهِ العليِّ القديرِ القائلِ في مُحْكَمِ كِتابهِ ﴿شَهرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِي أُنزِلَ فِيهِ ٱلقُرءَانُ هُدى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰت مِّنَ ٱلهُدَىٰ وَٱلفُرقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهرَ فَليَصُمهُ﴾[1] الآية. وقال تعالى ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱركَعُواْ وَٱسجُدُواْۤ وَٱعبُدُواْ رَبَّكُم وَٱفعَلُواْ ٱلخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ۩ ٧٧﴾[2]
أيّها الأحبّةُ لقدِ اقْتَرَبْنَا مِنْ سَيِّدِ الشهورِ مِنْ شَهْرِ رمضان شهرِ البرَكةِ والرِّضْوَان، شَهْرِ تَطْهِيرِ النُّفوسِ مِنَ الشَّوائِبِ والأَدْرَان، شهرِ الإكثارِ مِنَ الخيراتِ ونَيْلِ الدَّرجاتِ والتَّزَوُّدِ لِيَوْمِ الْمَعَادِ، شهر أوَّلُهُ رَحمةٌ وأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ وَءاخِرُه عِتْقٌ مِنَ النَّار.
إِخْوَتِى رَمَضَانُ شَهْرُ الإِطْعَامِ، شَهْرُ الإِنْفَاقِ، شَهْرُ الْمُوَاسَاةِ، شَهْرُ قِرَاءَةِ القُرْءَانِ، شَهْرُ العِبَادَةِ، شَهْرُ الاعتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ، وليسَ شَهْرَ التُّخْمَةِ وَلَا شَهْرَ الكَسَلِ وَلَا شَهْرَ التَّوَسُّعِ في الْمُسْتَلَذَّاتِ وَلَا شهرَ السَّهَرِ علَى مَا يُسَمَّى بِالفَضَائِيَّاتِ، بَلْ هُوَ شَهْرُ الزُّهْدِ، والزهدُ هوَ قَطْعُ النَّفْسِ عَنِ اتِّبَاعِ الْمُسْتَلَذَّاتِ وَالْمُسْتَحْسَنَاتِ.
فَصِيَامُ رَمَضانَ عبادَةٌ عَظِيمَةٌ يَكْفِي فِي بَيَانِ فَضْلِهَا الحَديثُ القُدْسِيُّ الذِي رَوَاهُ البُخاريُّ “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ ءَادَمَ فَهُوَ لَهُ إِلَّا الصَّومَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ”.