الحمدُ للهِ الّذِي رَفَعَ من أرادَ بهِ خيرًا بِالعلمِ والإيمانِ وخَذَلَ المعرِضينَ عنِ الهدَى وعرَّضهم لكلِّ هلاكٍ وهوان. وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، الكريمُ الْمَنّان، سبحانه لا يَجْرِي عليهِ زَمَان، ولا يَحْوِيهِ مَكان، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُه الَّذِي كَمَّلَ اللهُ لهُ الفضائلَ والحُسْنَ والإحسان، فصلَّى اللهُ وسلَّمَ على سيِّدِنا محمَّدٍ مدَى الأَزْمَان، وعلَى ءالِه وأصحابِه الطَّيبينَ والتّابِعينَ لَهُمْ بِإِحسان.
أمّا بعدُ عبادَ اللهِ فإِنِّي أُوصِيكُمْ ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العزيزِ الغَفَّار وَالسَّيْرِ علَى نَهجِ النّبيِّ المختَارِ والثَّبَاتِ علَى شرعِه إلَى الْمَمَاتِ والعَمَلِ بِعَمَلِ الأَبْرَار.
قالَ اللهُ تعالَى في حَقِّ سيّدِنا محمّدٍ صلى الله عليه وسلّم ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيم ٤﴾[1] وَروَى البخاريُّ مِنْ حديثِ عائشةَ في وَصفِ الرّسولِ الأعظَمِ صلَّى اللهُ عليه وسلّم “كانَ خُلُقُهُ القُرءَان” فمَنْ أرَادَ أَنْ يَعْرِفَ خُلُقَ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلَّمَ فَلْيَقْرَإِ القُرءَانَ وليَفْهَمْهُ فَكُلُّ خَصْلَةِ خَيْرٍ أَمَرَ اللهُ في القُرْءَانِ بِالتَّخَلُّقِ بِها فَهِيَ مِنْ خُلُقِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم.
مِنَ الأخلاقِ التي جاءَ بها القرءانُ الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عنِ المنكَرِ والصَّبرُ على الأَذى وكَفُّ الأَذَى عَنِ الغَير.
وروَى البخاريُّ مِنْ حَديثِ أَنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّهُ قالَ في صفةِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلّم “كانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خَلْقًا وَخُلُقًا” اﻫ.
وأَخرَجَ أبو بكرٍ اللآل في كتابِه “مكارمُ الأَخلاقِ” أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ “كُنتُ بينَ شَرِّ جَارَيْنِ عُقْبَةَ بنِ أبِي مُعَيْط وأبِي لَهَبٍ كانَا يَرْمِيَانِ بِمَا يخرُجُ منَ النَّاسِ على بابِي” اﻫ أَيْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلّم كانَ يتحمَّلُ أذاهُما معَ أنَّهُ كانَ أشجعَ خَلْقِ اللهِ علَى الإطلاقِ وقد أُوتِيَ مِنَ القوّةِ البدنيّةِ قُوَّةَ أربعينَ رَجُلا ومعَ ذلكَ كانَ العَفْوُ خُلُقَهُ والصَّبْرُ شِيمتَه وتَحَمُّلُ الأَذَى مِنَ الغَيْرِ حالَهُ وَدَأْبَهُ وقد قالَ الحبِيبُ المصطَفَى صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ “مَا شىءٌ أَثْقَلُ في مِيزانِ الْمُؤْمِنِ يومَ القِيامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ فَإِنَّ اللهَ تعالى يُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ” اﻫ قال الترمذيُّ حديثٌ حَسَنٌ صحيح.
Continue reading من أخلاقِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم كظمُ الغَيظِ وصِلَةُ الرَّحم