Category Archives: خطب الجمعة

في محبةِ سيدِنا محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستهدِيهِ ونشكرُهُ ونستغفِرُهُ ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لَهُ. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شرِيكَ لهُ ولا مَثيلَ لهُ ولا ضِدَّ وَلا نِدَّ لَهُ، وأشهدُ أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفيُّهُ وحبيبُهُ، صلّى اللهُ على سيدِنا محمّدٍ وعَلَى كُلِّ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ. الصلاةُ والسلامُ عليكَ يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ، يَا حبيبَ اللهِ يَا أَبَا الزَّهْرَاءِ يَا أَبَا القَاسِمِ يَا مُحمَّد.

أما بعدُ عبادَ الله فإِنِّي أُوصيكُمْ وَنَفْسِي بتقوَى اللهِ العظيمِ القائِلِ في كتابِهِ الكريمِ ﴿قُل إِن كُنتُم تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ ٱللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَٱللَّهُ غَفُور رَّحِيم ٣١ قُل أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلكَٰفِرِينَ ٣٢[1]

كلامُنا اليومَ بإِذْنِ اللهِ تعالى عَنْ أمرٍ عظيمٍ، عن محبَّةِ خاتَمِ المرسلينَ محمدٍ، عن محبَّةِ أفضَلِ المرسلينَ محمد، عن محبةِ سيّدِ وَلَدِ ءَادَمَ أَجْمَعينَ مُحَمَّد، عنْ محبةِ أفضَلِ العالَمين محمد، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على سيدِنا محمدٍ صلاةً يَزْدَادُ بِها سُرورُه ويتَضاعَفُ بِها حُبورُهُ وَيُشْرِقُ بِها علينَا نُورُهُ وعلى ءالِه وصحبِه وسلم.

إخوةَ الإيمانِ اعلَمُوا أنَّنا نُعَظِّمُ ونُحبُّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غيرِ مُخالَفَةٍ لِشرعِ اللهِ إِنَّما كَمَا أمَرَ اللهُ تعالى، وَكَمَا جَاءَ في شرعِ اللهِ تعالَى فَإِنَّ محبَّةَ سيدِنا محمدٍ فرضٌ علَى الْمُكَلَّفينَ فَقَدْ قالَ اللهُ العليُّ العظيمُ في القُرءَانِ الكَريمِ ﴿قُل إِن كُنتُم تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ ٱللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَٱللَّهُ غَفُور رَّحِيم ٣١﴾[2] وَقالَ سبحانَهُ في ءَايَةٍ أخرى عن حبيبِه وَصَفِيِّهِ ﴿إِنَّا أَرسَلنَٰكَ شَٰهِدا وَمُبَشِّرا وَنَذِيرا ٨ لِّتُؤمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ
وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾
[3] الآيةَ وَمَعْنَى تُعَزِّرُوهُ هُنا أيّها الأحبةُ تُعَظِّمُوهُ. وقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ - أَيْ لا يَكْمُلُ إِيمانُهُ - حَتَّى أَكونَ أَحَبَّ إليهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ رواه البخاري.

Continue reading في محبةِ سيدِنا محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم

الإجماعُ وَالبِدْعَةُ الحسنَةُ والاحتِفالُ بالمولد

إنَّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونَستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونَعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومَن يُضلِلْ فلا هادِي لهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأشهدُ أنَّ سَيِّدَنا وحَبِيبَنا محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفِيُّهُ وخليلُه مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحمةً للعالَمينَ هادِيًا ومُبَشِّرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإِذْنِه وسراجًا منيرًا، بلَّغَ الرِّسالةَ وأدَّى الأمانَةَ ونَصحَ الأُمَّةَ فجزَاهُ اللهُ عنا خيرَ ما جزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيائِه، اللهمَّ صلِّ على سيِّدِنا محمدٍ وعلى ءالِه وأصحابِه الطَّيِّبينَ الطاهرين، وبعد عباد الله، فإنِّي أوصيكُمْ ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ القَديرِ القَائِلِ في مُحكمِ كتابِه ﴿وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلهُدَىٰ وَيَتَّبِع غَيرَ سَبِيلِ ٱلمُؤمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصلِهِۦ جَهَنَّمَ وَسَاءَت مَصِيرًا ١١٥﴾[1] إخوةَ الإِيمانِ دَلَّتْ هَذِه الآيَةُ الكريمَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ النَّجاةَ علَيْهِ أَنْ يَلْتَزِمَ سبيلَ الْمُؤْمِنينَ أي ما أَجْمَعَ عليهِ عُلمَاءُ المسلمينَ وأَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذلك فجَزَاؤُهُ جهنَّمُ وبِئْسَ المصِيرُ وجاءَ في الحديثِ الْمَوقوفِ عنِ الصحابِيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بن ِمسعودٍ أنهُ قالَ مَا رَءَاهُ المسلِمونَ حسنًا – أي أجمعوا على أنه حسن – فهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وما رءاهُ المسلِمُونَ قبيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ قَبِيح اهـ[2]Continue reading الإجماعُ وَالبِدْعَةُ الحسنَةُ والاحتِفالُ بالمولد

الحثُّ على بِرِّ الوَالِدَيْنِ والتَّحذيرُ مِنَ العُقوق

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهديهِ ونشكرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهْدِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلـهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مَثِيلَ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لَهُ. وأشهدُ أنَّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنا مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه مَنْ بعثَهُ اللهُ رَحْمَةً للعالمينَ هاديًا ومبشّرًا ونذيرًا بلَّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونصحَ الأُمَّةَ فجزاهُ اللهُ عنَّا خيرَ ما جَزى نبيًّا مِنْ أنبيائهِ. اللهُمَّ صَلِّ على سَيِّدِنا مَحمَّدٍ وعلى جَمِيعِ إِخْوَانِهِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ.

عبادَ اللهِ أُوصيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ القَديرِ بِالخوفِ مِنَ الجليلِ وَالعَمَلِ بِالتَّنْزِيلِ وَالاسْتِعْدَادِ لِيَوْمِ الرَّحِيل.

إخوةَ الإيمانِ يقولُ رَبُّنا تباركَ وتعالَى في القُرءانِ الكَريمِ ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ وَبِٱلوَٰلِدَينِ إِحسَٰنًا إِمَّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ ٱلكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَو كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفّ وَلَا تَنهَرهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَولا كَرِيما ٢٣ وَٱخفِض لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرحَمهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرا ٢٤﴾[1]

﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعبُدُواْ إِلَّا إِيَّاهُ﴾ أَىْ أَمَرَ اللهُ عبادَهُ أَمْرًا مَقْطُوعًا بِهِ بأَنْ لا يَعْبُدُوا إِلّا إِيَّاهُ ﴿وَبِٱلوَٰلِدَينِ إِحسَٰنًا﴾ أَيْ وَأَمَرَ بالإِحسانِ لِلوالدَيْنِ وَالإِحسانُ هُوَ البِرُّ وَالإِكْرَامُ وقَدْ رَوَى مُسلمٌ عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ أنهُ سأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ ــــ أَيْ بَعدَ الإِيمانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ـــ قالَ الصَّلاةُ لِوَقْتِها قالَ قُلتُ ثُمَّ أَيٌّ قالَ بِرُّ الوَالدينِ اﻫ

وروَى مسلمٌ عَنِ الصَّادِقِ المصدُوقِ صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ رَغِمَ أَنْفُ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ أَحَدَهُما أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الجنَّة اﻫ “رَغِمَ أَنف” قالَ أهلُ اللغةِ مَعناهُ ذَلَّ وَأَصْلُهُ لَصْقُ أَنْفِهِ بِالرِّغَامِ وهو تُرابٌ مُخْتَلِطٌ بِرَمْلٍ والمعنَى أَنَّ بِرَّ الوالِدَيْنِ عندَ كِبَرِهِمَا وضَعْفِهِمَا بالخِدْمَةِ أَوِ النَّفَقَةِ أو غَيرِ ذلكَ سَبَبٌ لِدُخولِ الجنَّةِ والفوزِ في الآخِرَةِ فمَنْ قَصَّرَ في ذلكَ فقَدْ خَسِرَ خَسَارَةً كبيرَةً وقَدْ قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلم رِضَا اللهِ في رِضَا الوَالِدَيْنِ وسَخَطُهُ في سَخَطِهِمَا اﻫ رواهُ الحاكِمُ وغيرُه، فَبِرُّ الوَالِدَيْنِ فَوزٌ كَبيرٌ في الدنيا والآخرةِ وعقُوقُهما خُسرَانٌ مُبينٌ بَلْ هُوَ مِنْ أَكْبَرِ الكَبائِرِ كمَا جاءَ في الحديثِ الذِي رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومسلمٌ، ورَوَى البيهَقِيُّ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنّهُ قالَ ثلاثَةٌ لا يدخُلونَ الجنَّة أَىْ مَعَ الأَوَّلِينَ أي لسبقِ العذابِ لهم إن لَمْ يَعْفُ اللهُ عنهم وَعَدَّ مِنْهُم “العَاقّ لِوَالِدَيْه”.

والعقوقُ أَيُّها الأَحِبَّةُ ضَابِطُهُ كمَا قالَ بعضُ العُلَماءِ هُوَ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الوَالِدَانِ أَوْ أَحَدُهُما تَأَذيًا ليسَ بِالهيِّنِ في العُرْفِ أَيْ في عُرْفِ الناسِ كالشَّتْمِ وَنَحْوِهِ بَلْ نَصَّ بَعْضُهُم أنَّهُ يَجِبُ علَى الوَلَدِ أَنْ يُطِيعَ وَالِدَيْهِ في كُلِّ أَمْرٍ يَحْصُلُ لَهُمَا غَمٌّ بِسَبَبِ تَرْكِهِ لَهُ أَيْ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ مَعْصِيَة.

وأَمَّا مَا لا يَحْصُلُ لَهُمَا غَمٌّ بِسَبَبِ تَرْكِهِ فَلا يَجِبُ عليهِ طاعتُهُما فِيهِ، فلَوْ طَلَبَ أحَدُ الوَالِدَيْنِ مِنْ وَلَدِهِ شَيئًا مُبَاحًا كَتَرْتِيبِ المكانِ أَوْ غَسْلِ الصُّحونِ أَوْ تَسخِينِ الطَّعامِ أَوْ عَمَلِ الشَّايِ وَمَا أَشْبَهَ ذلكَ وَكانَ يَغْتَمُّ قلبُهُ إِنْ لَمْ يُطِعْهُ في ذلكَ حَرُمَ علَى الوَلَدِ أَنْ لا يَفْعَلَ، أَمَّا إِنْ كَانَ لا يَتَأَذَّى بِامْتِنَاعِهِ فَمُجَرَّدُ ذلكَ ليسَ حَرَامًا لكنْ مِنَ البِرِّ طاعتُهُمَا فِي كُلِّ مَا لا مَعْصِيَةَ فِيهِ بَلْ بِرُّ الوَالِدَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّوافِلِ.

Continue reading الحثُّ على بِرِّ الوَالِدَيْنِ والتَّحذيرُ مِنَ العُقوق

لماذا نحتفلُ بولادةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

إنّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونَستغفرُه ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِه اللهُ فهو المهتد ومَن يُضلِلْ فلا هادِي لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له ولا شبيهَ لهُ، ولا حَيِّزَ وَلا جهةَ ولا مَكانَ له، ولا هيئَةَ ولا صُورةَ ولا شَكْلَ لَهُ، ولا جَسَدَ ولا جُثَّةَ ولا لونَ لهُ، ولا ضِدَّ ولا نِدَّ ولا حَدَّ لَهُ، سُبْحَانَه ليسَ كمثلهِ شَىءٌ وهو السميعُ البَصيرُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرّةَ أعينِنا محمدًا عبدُه ورسولُه ونبيُّه وصفيُّه وخليلُه، والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا محمدٍ وعلى ءالِه وأصحابِه الطيبينَ الطاهرينَ.

أما بعدُ عبادَ اللهِ، فإِنِّي أُوصيكُمْ ونفسِي بتقوَى اللهِ العليِّ العظيمِ القائِلِ في كتابِهِ الكريمِ ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَولا سَدِيدا ٧٠ يُصلِح لَكُم أَعمَٰلَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَد فَازَ فَوزًا عَظِيمًا ٧١﴾[1]

إخوةَ الإيمان، ماذَا عسَانا نقولُ مِنَ القَوْلِ السّديدِ في يَومِ مولدِ الحبيبِ سيدِنا محمد؟ يا رسولَ اللهِ أيّها الفَخْمُ الْمُفَخَّمُ والنبيُّ الْمُعَظَّمُ والحبيبُ الْمُكَرَّم .. يا صاحبَ الفَضْلِ علَى أُمَّتِكَ .. يَا مَنْ ءاثَرْتَ أُمَّتَكَ بِدَعْوَتِكَ التِي أَعْطَاكَ ربُّكَ فَقُلْتَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نبِيٍّ دَعْوَتَه[2] ولكنَّكَ اخْتَبَأْتَها شفَاعَةً لَهم فقلتَ وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَة اهـ وذلكَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِهِمْ وأنتَ كما وصفَكَ ربُّكَ في كتابِه ﴿بِٱلمُؤمِنِينَ رَءُوف رَّحِيم ١٢٨﴾[3] .. وأنتَ الذِي يُقالُ لكَ يومَ القِيامَةِ يَا محمّدُ سَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ وَأَنْتَ الذِي تَقُولُ أَيْ رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي[4] اﻫ .. وأَنْتَ الذِي أَرْشَدتَ لِلْخَيْرِ، فَجَزَاكَ اللهُ عنْ هذِه الأُمَّةِ خيرَ الجزَاء.

أيُّها القائدُ الْمُعَلِّم، في شَهرِ مَولِدِكَ نَتَذَكَّرُ عَظَمَتَكَ وَفَضْلَكَ وَخُلُقَكَ وَوَصْفَ جَمالِكَ وجَميلَكَ علينَا يا نبِيَّ اللهِ. يا نَبِيَّ اللهِ حينَ يَمْدَحُكَ المادِحُونَ وَيَذْكُرُ اسمَكَ الذَّاكِرونَ تَأْخُذُنا الشُّجونُ حتَّى كأَنَّ لِسانَ الحَالِ يقولُ يا لَيْتَنِي أَحْظَى بِاللقاءِ وَلَوْ بِنَظْرَةٍ مِنْكَ فِي المنَامِ كمَا حَظِيَ بِها سيدُنا بِلالٌ الحبَشِيُّ وقَدْ كانَ لَهُ شرفُ الاجتماعِ بِكَ وَرُؤْيَاكَ يَقَظَةً، ومَعَ ذلكَ لَمّا شاهدَ في المنامِ وَجْهَكَ الأَغَرَّ إِذْ بِهِ يَصْحُو مِنْ نَوْمِهِ في تلكَ الليلَةِ وتَحْدُوهُ الأشواقُ بِوَجْدٍ يَتَأَجَّجُ في البِطَاح، يُعَجِّلُ سَيْرَهُ في لَيْلٍ وَصَبَاح، لِيَصِلَ المدينَةَ الغَرَّاءَ فَيقِفَ علَى الأَعْتَاب .. والعَبَرَاتُ مِنْ عَيْنَيْهِ تَنْسَاب .. علَّهَا تُخَفِّفُ مِنْ حَرْقَةٍ فِي الفُؤَادِ، وَلكن هيهاتَ هيهات .. فَهُوَ الذِي وقبلَ مَماتِه أَطْلَقَ المقالَ فقالَ غَدًا نَلْقَى الأَحِبَّةَ محمَّدًا وصَحْبَه اهـ غَدًا لِقَاءُ محمَّدٍ يَوْمَ الجزَاء.

Continue reading لماذا نحتفلُ بولادةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم