Category Archives: خطب الجمعة

فَضْلُ الصَّلاةِ على النَّبِيِّ ومَدْحِه عليه الصلاة والسلام

إن الحمدَ للهِ نحمَدُهُ سُبحانَه وتَعالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُه، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّـئَاتِ أَعْمَالِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ ومن يُضلِلْ فلا هَادِيَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ولا مثيلَ له ولا ضِدَّ ولا نِدَّ له، أيَّنَ الأَيْنَ وَلا أَيْنَ وَلا مَكانَ وَلا جِهَةَ لَهُ، وَكَيَّفَ الكَيْفَ فَلا كَيْفَ وَلا شَكْلَ وَلا صورةَ وَلا أَعْضَاءَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا وحبيبَنا وعظيمَنَا وقائِدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنَا وَحِبَّ قُلوبِنا مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وَصَفِيُّهُ وحبيبُهُ، صلى اللهُ وسلم عليه وعلى كلِّ رسولٍ أرسله. الصلاة والسلامُ عليكَ سيدي يا رسولَ الله.

نطقَ الفُؤادُ وَبِالغَرامِ أجابَكُم    أنَا مَذْهَبِي عَنْ حُبِّكُمْ لا أَذْهَبُ

الصلاةُ والسلامُ عليكَ يا سَيِدِي يا صاحبَ الذِّكرى يا أَبَا القَاسِمِ يا أبا الزَّهراءِ يَا مُحَمَّد.

أما بعدُ عبادَ اللهِ، فَإِنِّي أُوصيكُمْ وَنَفْسِيَ بتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ القَديرِ القائِلِ في مُحْكَمِ كتابِه ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا ٥٦[1] ومعنَى الصَّلاةِ هنا التعظيمُ فاللهُ عظَّمَ قدرَ محمدٍ وأمرنا أن نطلبَ منهُ سبحانه أن يزيدَ سيدَنا محمدًا تَعْظِيمًا وأنْ نطلُبَ السلامَ أَيِ الأمانَ مِمَّا يَخَافُه عَلَى أُمَّتِه.

اللهُ عَظَّمَ قدرَ جاهِ محمدٍ      وأَنالَهُ فضلًا لديهِ عظيمَا

في مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ قَالَ لِخَلْقِهِ     صَلُّوا عليِه وَسَلِّمُوا تَسْلِيما

إخوة الإيمان لقد وَرَدَ في فَضْلِ الصَّلاةِ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أحاديثُ كثيرةٌ مِنْهَا ما رواهُ النَّسائيُّ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِنْ أُمَّتِي صَلَاةً مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرَ صَلَوَاتٍ وَرَفَعَهُ بِهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ وَكَتَبَ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ اهـ وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواهُ عنه الإمامُ أحمدُ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهَا زَكَاةٌ لَكُمْ وَاسْأَلُوا اللهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا دَرَجَةٌ فِي أَعَلَى الْجَنَّةِ لَا يَنَالُهَا إِلَّا رَجُلٌ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ اهـ وقال عليه الصلاةُ والسلامُ فيما رواه مسلم إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ اهـ وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواهُ عنه الترمذيُّ وابنُ حِبان إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ القِيامَةِ أكثَرُهمْ صلاةً عَلَيَّ اهـ اللهمَّ اجْعَلْنَا منهم يا أكرمَ الأكْرَمين.

فَيَا ربِّ صلِّ وسلِّمْ على سيِدِنا وَمَوْلانَا مُحَمَّدٍ الذِي فَضَّلْتَهُ علَى أَهْلِ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ، اللهم صلِّ وسلِّمْ عليه عددَ ما ذكرهُ الذَّاكِرونَ وغَفَلَ عن ذكرِهِ الغَافِلون.

Continue reading فَضْلُ الصَّلاةِ على النَّبِيِّ ومَدْحِه عليه الصلاة والسلام

العبادةُ فِي الفتن

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونَستعينُه ونَسْتَغْفِرُهُ ونَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُه ونعوذُ باللهِ ِمنْ شُرورِ أَنْفُسِنا ومِنْ سَيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهْدِ اللهُ فهو المهتدِ ومَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهدُ أن لا إلـهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مَثِيلَ له ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنا مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه صلّى اللهُ على سيدِنا محمدٍ وعلَى كُلِ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ. أمّا بعدُ عبادَ اللهِ، فإِنّي أُوصيكُمْ ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ القائلِ في مُحكَمِ كِتابِه ﴿وَٱعبُد رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأتِيَكَ ٱليَقِينُ ٩٩﴾[1]

روى مسلمٌ عَنْ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ العِبادَةُ فِي الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ اهـ

اعلموا مَعْشَرَ المؤمنينَ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قد خلَقَنا وأَوْجَدَنا في هذِه الدنيا الفانيةِ الزائلةِ لِحِكْمَةٍ عظيمةٍ بَالِغَةٍ؛ خَلَقَنَا سبحانَهُ لِنَعْبُدَهُ وحدَه ولا نُشْرِكَ بهِ شيئًا، لِنُطيعَهُ فيمَا أمَرَ بهِ ونَنْتَهِيَ عَمَّا نَهى عنهُ لأنهُ سبحانَهُ وتعالَى يَسْتَحِقُّ أَنْ يُطَاعَ فَهُوَ الآمِرُ فَلَا ءامِرَ لَهُ وهوَ النَّاهِي فَلَا نَاهِيَ لَهُ قالَ اللهُ ﴿وَمَا خَلَقتُ ٱلجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ ٥٦ مَا أُرِيدُ مِنهُم مِّن رِّزق وَمَا أُرِيدُ أَن يُطعِمُونِ ٥٧﴾[2] وَقَدْ أَوْجَبَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ علينَا أَنْ نُؤَدّيَ الفرائضَ ونجتنبَ المحرماتِ فوَجَبَ علينَا أَنْ نَتَقَرَّبَ إليهِ بِمَا افْتَرَضَ وأَمَرَ ونَنْتَهِيَ عمَّا نَهى عنهُ وحَذَّرَ فإنَّ أفضلَ ما يَتَقَرَّبُ بهِ العبدُ إلى ربّهِ أداءُ الوَاجِبَاتِ واجتِنابُ الْمُحَرَّمَاتِ فَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيمَا يَرْوِيه عن رَبّهِ تبارك وتعالى أنهُ قالَ وما تقرَّبَ إليَّ عَبْدِي بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عليهِ اهـ فدَلَّ الحديثُ على عَظيمِ فَضْلِ المحافَظَةِ علَى الفَرائِضِ وَلا شَكَّ أَنَّ أَعْلَى الفَرائِضِ وأفْضَلَها الإيمانُ باللهِ ورسولِه صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام أَفْضَلُ الأعمالِ إيمانٌ باللهِ ورسولِه اهـ[3]

Continue reading العبادةُ فِي الفتن

علاماتُ الساعةِ الكبرى

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهديهِ ونشكرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ باللهِ ِمنْ شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهْدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلـهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مِثْلَ ولا نِدَّ لَهُ، ولا جُثَّةَ ولا أَعضاءَ له، أَحدٌ صمدٌ لم يلدْ وَلَمْ يُولدْ ولم يكن له كفُوًا أحد، وأشهدُ أنَّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنا مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه مَنْ بعثَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ هاديًا ومبشّرًا ونذيرًا. اللهم صلِّ على سيدِنا محمدٍ القائلِ بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتينِ وقَرَنَ بينَ السَّبَّابةِ والوُسْطَى مُشِيرًا بذلكَ إلَى اقْتِرَابِ قيامِ الساعةِ، وعلَى ءالِه وصحابَتِه الطيبينَ الطَّاهرين.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ ونَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ فإنَّ القيامَةَ قدِ اقْتَرَبَتْ قالَ ربُّنا تبارك وتعالى ﴿ٱقتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلقَمَرُ ١﴾[1] والآخرةُ يَنْفَعُ فيهَا تقوَى الله.

واعْلَمُوا إخوةَ الإيمانِ أنَّ الساعةَ لا تقومُ حتى تحصُلَ حَوَادِثُ هِيَ عَلامَاتُ اقْتِرابِ الساعةِ وهيَ كمَا جاءَ عشَرةُ أشراط ويقالُ لها أشراطُ الساعةِ الكبرى وهيَ خروجُ الدَّجّالِ ونُزُولُ عيسى ابنِ مريمَ وخروجُ يَأْجوجَ ومَأْجُوجَ وطُلوعُ الشمسِ مِنْ مَغْرِبِها وخروجُ دَابّةِ الأرضِ والدُّخَانُ وثلاثَةُ خُسُوفٍ ونَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ في بلادِ اليَمَن.

Continue reading علاماتُ الساعةِ الكبرى

الإنترنت ما له وما عليه

الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونستغفِرُهُ ونستَرْشِدُهُ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مَثِيلَ لَهُ مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبالكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلكَ وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وأشهدُ أَنَّ سیدَنا وحبيبَنا وقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا محمدًا عَبْدُ اللهِ ورسولُه وصفيُّهُ وحبيبُه وخَلِيلُهُ أَرْسَلَهُ اللهُ بالهدَی وَدِينِ الحَقِّ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا ونذيرًا وَدَاعِيًا إلَى اللهِ بإذنِهِ وسِراجًا مُنِيرًا فَهَدَى اللهُ بهِ الأمةَ وكشفَ بهِ الغُمَّةَ وأخرَجَ بهِ الناسَ مِنَ الظُلُمَاتِ إلَى النُّورِ فَجَزَاهُ اللهُ خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ. اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلَى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، أما بعدُ عبادَ اللهِ فَأُوصِي نَفْسِي وإياكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ فاتقوا اللهَ رَبَّ العَالَمِين.

يقولُ اللهُ تعالى في القرءانِ الكريمِ في سورةِ التوبةِ ﴿وَقُلِ ٱعمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُۥ وَٱلمُؤمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلغَيبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ١٠٥﴾. نعيشُ اليومَ في زَمَنٍ حَصَلَ فِيهِ تَقَدُّمٌ كبيرٌ في صِنَاعَةِ الأَجْهِزَةِ والآلَاتِ التكنولوجيةِ التي أَضْحَتْ تَغْزُو البُيُوتَ وَالْمُؤَسَّسَاتِ والشَّركَاتِ، وَأَصْبَحَتْ حَياةُ كَثِيرٍ مِنَ الناسِ مُرْتَبِطَةً بِالْمَكْنَنَةِ وَالتقنِياتِ الحديثَةِ ارْتِبَاطًا وَثِيقًا في شَتَّى الْمَيَادِينِ، وأَضْحَتِ الأَرْضُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ لِمَنْ في أَقْصَى الشَّرْقِ أن يَتَحَدَّثَ معَ منْ هو في أقصَى الغربِ كِتابَةً أَو صوتًا مَصْحُوبًا بالصُّورَةِ وكأنَّهما يَجْلِسَانِ في غُرْفَةٍ وَاحِدَةٍ رَغْمَ الْمَسافاتِ الشَّاسِعَةِ، وتَبَدَّلَتِ الوَسائِلُ التِي كانَ يَتَعاطَاها الناسُ علَى مُسْتَوَى النَّقْلِ أَوْ علَى مُسْتَوَى الْمُحَادثاتِ أَوِ الإِعْلامِ أوِ العَمَلِ التِّجاريِّ والصِّناعِيِّ، ومَا زَالَ هذَا التطوُّرُ مُسْتَمِرًّا يومًا بعدَ يَومٍ وَلَا نَدْرِي إلَى أَيْنَ سَنَصِلُ بهذِهِ الوَسائلِ وما سَتَشْهَدُهُ الأيامُ القادِمَةُ منَ الإنجازاتِ والاكْتِشافَاتِ.

Continue reading الإنترنت ما له وما عليه