Category Archives: خطب الجمعة

الملائكة عباد الله المكرمون

الحمدُ للهِ ربّ العالمينَ قيومِ السمواتِ والأرضين مُدَبّرِ الخلائقِ أَجمعين، باعِثِ الرُّسُلِ صلواتُه وسلامُه عليهِم إلَى المكلفِينَ لِهِدايَتِهِمْ وبيانِ شرائعِ الدّينِ بالدّلائلِ القَطْعِيَّهِ وَوَاضِحَاتِ البَراهِينِ، أَحْمَدُهُ علَى جَميعِ نِعَمِهِ وَأسألُهُ المزيدَ مِنْ فَضْلِهِ وكَرمِه وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ الواحدُ الأحَدُ الكَرِيمُ الغَفَّارُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه وحبيبُه وخليلُه أَفضَلُ المخلوقينَ الْمُكَرَّمُ بالقُرءانِ العَزيزِ المعجزَةِ المستمرةِ علَى تعاقُبِ السّنينَ، وبالسُّنَنِ الْمُسْتَنِيرَةِ للمُسْتَرْشِدِينَ الْمَخْصُوصِ بِجَوامِعِ الكَلِمِ وسماحَةِ الدّينِ وصلى اللهُ وسلمَ على سيدِنا محمدٍ وعلَى سائرِ إخوانِه منَ النَّبِيّينَ والمرسلينَ وءالِ كلٍ وسائِرِ الصَّالِحينَ.

أمّا بعدُ عبادَ اللهِ فَإِنّي أوصِي نفسِي وإيّاكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِ العظيمِ القائلِ في كتابِه الكريمِ ﴿ٱلحَمدُ لِلَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرضِ جَاعِلِ ٱلمَلَٰئِكَةِ رُسُلًا أُوْلِي أَجنِحَة مَّثنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ يَزِيدُ فِي ٱلخَلقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ
كُلِّ شَيء قَدِير ١﴾
[1]

اعلموا عبادَ اللهِ أنهُ يجبُ الإيمانُ بوجودِ الملائكةِ وهم أجسامٌ نُورانِيّهٌ لَطِيفَةٌ ذَوُو أَرْوَاحٍ مُشَرَّفَهٍ فَهُمْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ عندَ الله ليسُوا ذُكورًا ولا إِناثًا لَا يأْكلونَ ولا يشربونَ ولا ينامونَ ولا يتعبونَ ولا يتوالدُونَ وَهُمْ عبادٌ مُكَلَّفُونَ لَا يَعْصُونَ اللهَ تعالَى ما أَمرَهُمْ ويفعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون.

وهُمْ عبادٌ مُكَلَّفُونَ مُوَكَّلُونَ بأَعمالٍ شَتَّى، فَمِنْهُمْ مَنْ هم موكلونَ بالمطرِ والنَّبات، ومنهم مُوَكَّلونَ بكتابةِ أَعمالِ بنِي ءادمَ، وبعضهم موكلونَ بِتَوَفّي الأرواحِ، وبعضُهم موكلونَ بحفظِ بني ءادمَ، يحفَظونَهم من تلاعُبِ الجن بِهم إِلّا أَنّهم لَا يَمْنَعُونَ وُقوعَ الْمُقَدَّرِ، فمَا شاءَ اللهُ تعالَى كانَ ومَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يكُنْ، وَمِنْهُمْ مُوَكَّلونَ بتبليغِ السلامِ إلى الرّسولِ الأَعظمِ صلى الله عليه وسلم من أُمَّتِه، وَمِنْهمْ موكلونَ بكتابةِ ما يَسْقُطُ مِنْ أوْرَاقِ الشَّجَر .

Continue reading الملائكة عباد الله المكرمون

أهوال يوم القيامة

إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَهْدِيْهِ وَنَشْكُرُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوْبُ إِلَيْهِ، وَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ وَلَا مَثِيْلَ وَلَا ضِدَّ وَلَا نِدَّ وَلَا جِسْمَ وَلَا أَعْضَاءَ وَلَا هَيْئَةَ وَلَا صُوْرَةَ وَلَا مَكَانَ لَهُ، جَلَّ رَبّي هُوَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الفَرْدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيّدَنَا وَحَبِيْبَنَا وَعَظِيْمَنَا وَقَائِدَنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبِيْبُهُ، اللَّهُمَّ صَلّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ وَأَنْعِمْ عَلَى سَيّدِنَا مُحَمَّدٍ المعَلّمِ، وَعَلَى ءالِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِيْنَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدّيْنِ.

أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ فإنّي أوصيكم بتقوى الله، اتَّقُوا اللهَ وَاسْتَقِيْمُوا عَلَى هُدَاهُ فقد قال ربنا تبارك وتعالى ﴿وَٱتَّقُواْ يَوما تُرجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفس مَّا كَسَبَت وَهُم لَا يُظلَمُونَ ٢٨١﴾[1] إنَّ ذلكَ اليَوْمَ هُوَ يَوْمُ القِيَامَةِ الذِي تُوَفَّى فِيهِ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ في الدُّنْيا، فَاعْلَمُوا أَحِبَّتِي أَنَّهُ يَجِبُ الإيمانُ باليومِ الآخِرِ أي بِيَوْمِ القِيامَةِ فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ فقدْ خَرَجَ مِنْ دَائِرَةِ الإسلامِ. واللهُ تعالَى أخبرَنا في كتابِه العَزِيزِ عَمَّا يَحْصُلُ مِنْ أَهْوَالٍ فِي هَذَا اليَوْمِ العَظِيمِ فَاسْتَمِعُوا مُتَدَبِّرِينَ مُتَنَبِّهِينَ وَتَذَكَّرُوا أنكم سَتَشْهَدُونَ هذَا اليَوْمَ فَاعْمَلُوا الخَيْرَ بِإِخْلاصٍ لِتُنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الخَطَرِ العَظِيمِ، لِتَكُونُوا سَالِمِينَ غَانِمِينَ ءَامِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ.

أَحِبَّتِى إِنَّ مَواقِفَ القِيامَةِ خَمْسُونَ مَوْقِفًا وَكُلُّ مَوْقِفٍ مِقْدَارُهُ أَلْفُ سَنَةٍ مِنْ سَنَوَاتِ الدُّنيا قالَ تعالى ﴿فِي يَوم كَانَ مِقدَارُهُۥ خَمسِينَ أَلفَ سَنَة ٤﴾[2] لكنَّها تكونُ علَى التَّقِيِّ أَقَلَّ مِنْ مِقْدَارِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَمَنْ صَبَرَ فى الدُّنيا على أَداءِ الوَاجباتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ يُخَفَّفُ عَنْهُ فى ذلكَ اليَوْمِ.

فالبَعْثُ هُوَ خُروجُ الْمَوْتَى مِنَ القُبُورِ بَعْدَ إعادَةِ الجَسَدِ الذِي أَكَلَهُ الترابُ إِنْ كَانَ مِنَ الأَجْسَادِ التِي يَأْكُلُها التُّرابُ وَهِيَ أَجْسَادُ غَيْرِ الأَنْبِيَاءِ لقولِه صلى الله عليه وسلم “إِنَّ اللهَ حَرَّمَ علَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاء[3] وكذلكَ بَعْضُ الأَوْلِياءِ لا تَأْكُلُ الأَرْضُ أَجْسَادَهُمْ لِمَا تَوَاتَرَ مِنْ مُشَاهَدَةِ ذَلِكَ.

ثم يُجْمَعُ الناسُ إلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ فَيُحْشَرُونَ قالَ اللهُ تعالَى ﴿وَحَشَرنَٰهُم فَلَم نُغَادِر مِنهُم أَحَدا ٤٧﴾[4] أَيْ جَمَعْنَاهُمْ إلَى الموقِفِ فَلَمْ نَتْرُكْ مِنْهُمْ أَحَدًا وَيَكُونُ حَشْرُ النَّاسِ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ كَاسُونَ رَاكِبُونَ علَى نُوقٍ رَحائِلُهَا مِنْ ذَهَبٍ طَاعِمُونَ شَارِبُونَ وَهُمُ الأَتْقِيَاءُ وَقِسْمٌ حُفَاةٌ عُراةٌ وَهُمُ العُصاةُ وَقَسْمٌ يُحشَرونَ حفاةً عُراةً علَى وُجوهِهِمْ وَهُمُ الكُفَّارُ. وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الشَّامَ هِيَ أَرْضُ الْمَحْشَرِ.

ثُمَّ تُوزَنُ أَعْمَالُ العِبَادِ، وَالْمِيزانُ الذِي تُوزَنُ عليهِ الأعمالُ ذلكَ اليَوْمَ شَبِيهٌ بِمِيزَانِ الدُّنْيَا فَلَهُ قَصَبَةٌ وَكَفَّتَانِ لَكِنَّهُ عَظِيمُ الجِرْمِ كَبِيرُ الحَجْمِ فَتُوضَعُ صَحَائِفُ الحسَنَاتِ في كَفَّةٍ وَصَحَائِفُ السَّيِئَاتِ في كَفَّةٍ ﴿فَأَمَّا مَن ثَقُلَت مَوَٰزِينُهُۥ ٦﴾[5] أَيْ مَنْ رَجَحَتْ صَحَائِفُ حَسَنَاتِهِ علَى صَحَائِفِ سَيِّئَاتِهِ ﴿فَهُوَ فِي عِيشَة رَّاضِيَة ٧﴾ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الذِينَ ظَفِرُوا وَرَبِحُوا فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِلَا عَذَابٍ حَيْثُ العَيْشُ الهَنِيءُ الْمَرْضِيُّ ﴿وَأَمَّا مَن خَفَّت مَوَٰزِينُهُۥ ٨﴾ أَيْ رَجَحَتْ صَحَائِفُ سَيِّئَاتِهِ علَى صَحَائِفِ حَسَنَاتِهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ بِالْمَرَّةِ وَهُوَ الكَافِرُ ﴿فَأُمُّهُۥ هَاوِيَة﴾ أَىْ فَمَصِيرُهُ إلَى جَهَنَّمَ وَسُمِّيَتْ هَاوِيَةً لأَنَّهُ يُهْوَى فِيهَا مَعَ بُعْدِ قَعْرِهَا فَأَمَّا الكَافِرُ فيَصِلُ إلَى القَعْرِ وأمَّا المسلِمُ العَاصِي الّذِى يُعَذَّبُ فِيهَا فَلَا يَصِلُ إليهِ ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَه ١٠﴾[6] تَعْظِيمٌ لِشِدَّتِهَا فَقَدْ وَرَدَ فى الحَدِيثِ أَنَّه أُوقِدَ عَلَيها أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ ﴿نَارٌ حَامِيَةُ ١١﴾[7] أَىْ حَرُّها شَدِيدٌ.

فَاتَّقُوا هذَا اليَوْمَ العَظِيمَ الذِي تُرْجَعُونَ فِيهِ إلَى اللهِ عز وجل يَومَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. وَتَقْوَى هذَا اليَوْمِ وبَلائِهِ يَكُونُ بطاعَةِ اللهِ فَاجْتَهِدُوا في الطَّاعَاتِ وَتَعَلَّمُوا وَعَلِّمُوا الخَيْرَاتِ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ العمَلِ وَالآخِرَةَ دَارُ الجَزَاءِ علَى العمَلِ فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابنُ مَاجَهْ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضيَ اللهُ عنهُ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ “الكَيِّسُ مَنْ دانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، والعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى علَى اللهِالكَيِّسُ أَىِ الْعَاقِلُ الْمُتَبَصِّرُ فِي الْأُمُورِ النَّاظِرُ فِي الْعَوَاقِبِ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ أى حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وعمل لما بعد الموت والعاجزُ وَهُوَ الذِي غَلَبَتْهُ نَفْسُهُ فَقَصَّرَ في طَاعَةِ اللهِ رَبِّ العالمينَ مَنْ أتبع نفسَهُ هَوَاهَا أَيْ جَعَلَهَا تَابِعَةً لِهَوَاهَا فَلَمْ يَكُفَّهَا عَن الشَّهَوَاتِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا عَنِ الوُقُوعِ فى الْمُحَرَّمَاتِ وتَمَنَّى على الله أي يَقَعُ في الْمَعَاصِي وَيَطْلُبُ الجَنَّةَ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ لَهَا.

وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أنه قَالَ حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا. قالَ تعالى ﴿يَومَئِذ تُعرَضُونَ لَا تَخفَىٰ مِنكُم خَافِيَة ١٨﴾[8].

هذا وأستغفرُ اللهَ لِي وَلَكُم

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

إنّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونَستغفرُه ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فلا مُضِلّ لهُ ومَن يُضلِلْ فلا هادِي لهُ، والصلاةُ والسلامُ على سَيِّدِنا محمدٍ الصادِقِ الوَعْدِ الأَمينِ وعلَى إِخوانِه النبيِّينَ وَالْمُرْسَلِين. وَرَضِيَ اللهُ عَنْ أُمَّهاتِ المؤمِنينَ خديجةَ وَحَفْصَةَ وعائِشَةَ الوَلِيَّةِ البَرَّةِ الطَّاهِرَةِ النَّقِيَّةِ الصَّالِحَةِ الْمُبَرَّأَةِ وَسَائِرِ أُمَّهاتِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الرِّجْسِ وءالِ البَيْتِ الطَّاهِرينَ وَعَنِ الخُلفاءِ الرَّاشدِينَ أبِي بكرٍ الصِّدِّيقِ وعُمَرَ الفَارُوقِ الذي يَجْرِي الحَقُّ علَى لِسانِه وَقَلْبِه وَمَنْ قالَ فيهِ الرسولُ مَا لَقِيَكَ الشيطانُ سَالِكًا فَجًّا إِلّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّك اهـ وعُثْمَانَ ذي النُّورَيْنِ وَعَلِىٍّ الكَرّارِ وعَنِ الأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ أبِي حنيفَةَ ومَالِكٍ والشافِعِيِّ وأحمَدَ وعنِ الأولياءِ والصَّالحينَ.

عِبَادَ اللهِ، أَوْصِيْكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيّ العَظِيْمِ فَاتَّقُوهُ وَخَافُوهُ.

وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيْمٍ، أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى نَبِيِّهِ الكَرِيْمِ فَقَالَ وَهُوَ أَصْدَقُ القَائِلِيْنَ ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيهِ وَسَلِّمُواْ تَسلِيمًا ٥٦﴾[9]، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءالِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى ءالِ إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءالِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى ءالِ إِبْرَاهِيْمَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا، فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا ذُنُوْبَنَا، وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا، وَكَفّرْ عَنَّا سَيّئَاتِنَا، وَتَوَفَّنَا وَأَنْتَ رَاضٍ عَنَّا، اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالمؤْمِنَاتِ، المسْلِمِيْنَ وَالمسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ.

عبادَ الله إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بالعَدْلِ والإِحسانِ وإِيتاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، وَأَقِمِ الصَّلَاةَ.

[1] سورة البقرة.

[2] سورة المعارج.

[3] رواه ابن ماجه وغيره.

[4] سورة الكهف.

[5] سورة القارعة.

[6] سورة القارعة.

[7] سورة القارعة.

[8] سورة الحاقة.

[9] سورة الأحزاب.

لماذا نحتفلُ بولادةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

إنّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونَستغفرُه ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِه اللهُ فهو المهتد ومَن يُضلِلْ فلا هادِي لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له ولا شبيهَ لهُ، ولا حَيِّزَ وَلا جهةَ ولا مَكانَ له، ولا هيئَةَ ولا صُورةَ ولا شَكْلَ لَهُ، ولا جَسَدَ ولا جُثَّةَ ولا لونَ لهُ، ولا ضِدَّ ولا نِدَّ ولا حَدَّ لَهُ، سُبْحَانَه ليسَ كمثلهِ شَىءٌ وهو السميعُ البَصيرُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرّةَ أعينِنا محمدًا عبدُه ورسولُه ونبيُّه وصفيُّه وخليلُه، والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا محمدٍ وعلى ءالِه وأصحابِه الطيبينَ الطاهرينَ.

أما بعدُ عبادَ اللهِ، فإِنِّي أُوصيكُمْ ونفسِي بتقوَى اللهِ العليِّ العظيمِ القائِلِ في كتابِهِ الكريمِ ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَولا سَدِيدا ٧٠ يُصلِح لَكُم أَعمَٰلَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَد فَازَ فَوزًا عَظِيمًا ٧١﴾[1]

إخوةَ الإيمان، ماذَا عسَانا نقولُ مِنَ القَوْلِ السّديدِ في يَومِ مولدِ الحبيبِ سيدِنا محمد؟ يا رسولَ اللهِ أيّها الفَخْمُ الْمُفَخَّمُ والنبيُّ الْمُعَظَّمُ والحبيبُ الْمُكَرَّم .. يا صاحبَ الفَضْلِ علَى أُمَّتِكَ .. يَا مَنْ ءاثَرْتَ أُمَّتَكَ بِدَعْوَتِكَ التِي أَعْطَاكَ ربُّكَ فَقُلْتَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نبِيٍّ دَعْوَتَه[2] ولكنَّكَ اخْتَبَأْتَها شفَاعَةً لَهم فقلتَ وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَة اهـ وذلكَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِهِمْ وأنتَ كما وصفَكَ ربُّكَ في كتابِه ﴿بِٱلمُؤمِنِينَ رَءُوف رَّحِيم ١٢٨﴾[3] .. وأنتَ الذِي يُقالُ لكَ يومَ القِيامَةِ يَا محمّدُ سَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ وَأَنْتَ الذِي تَقُولُ أَيْ رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي[4] اﻫ .. وأَنْتَ الذِي أَرْشَدتَ لِلْخَيْرِ، فَجَزَاكَ اللهُ عنْ هذِه الأُمَّةِ خيرَ الجزَاء.

Continue reading لماذا نحتفلُ بولادةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

الإجماعُ وَالبِدْعَةُ الحسنَةُ والاحتِفالُ بالمولد

إن الحمدَ للهِ نحمَدُهُ سُبحانَه وتَعالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ولا مَثيلَ لَهُ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ ولا أَعضاءَ ولا هيئةَ ولا صورةَ ولا شكلَ ولا مكانَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه. اللهم صلِّ وسلِّم على محمدٍ وعلى ءالِه وصحبهِ سلامًا كثيرًا وبعد عباد الله، فإنِّي أوصيكُمْ ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ القَائِلِ في مُحكمِ كتابِه {وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلهُدَىٰ وَيَتَّبِع غَيرَ سَبِيلِ ٱلمُؤمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصلِهِۦ جَهَنَّمَ وَسَاءَت مَصِيرًا ١١٥}[1] إخوةَ الإِيمانِ دَلَّتْ هَذِه الآيَةُ الكريمَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ النَّجاةَ علَيْهِ أَنْ يَلْتَزِمَ سبيلَ الْمُؤْمِنينَ أي ما أَجْمَعَ عليهِ عُلمَاءُ المسلمينَ وأَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذلك فجَزَاؤُهُ جهنَّمُ وبِئْسَ المصِيرُ وجاءَ في الحديثِ الْمَوقوفِ عنِ الصحابِيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بن ِمسعودٍ أنهُ قالَ مَا رَءَاهُ المسلِمونَ حسنًا – أي أجمعوا على أنه حسن – فهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وما رءاهُ المسلِمُونَ قبيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ قَبِيح اهـ[2]. Continue reading الإجماعُ وَالبِدْعَةُ الحسنَةُ والاحتِفالُ بالمولد