Category Archives: خطب الجمعة

الحث على الإكثار من الطاعة في النصف من شعبان

إنَّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وأشهدُ أَنْ لَا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَهُ وأشهدُ أنّ محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ هَاديًا وَمُبَشِّرًا ونذيرًا بلّغَ الرسالةَ وأدَّى الأَمَانةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ فجزاهُ اللهُ عَنَّا خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَائِه صلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيْهِ وعَلَى كُلِّ رَسُولٍ أَرْسَلَه. اللهمَّ صَلِّ علَى سَيِّدِنا محمّدٍ وعلَى ءالِه وصَحابَتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرين.

أمّا بعدُ عبادَ اللهِ فَإِنِّى أُوصِى نَفْسِى وَأُوْصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيم، اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون، يَقُولُ رَبُّنا تباركَ وتعالَى ﴿يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱركَعُواْ وَٱسجُدُواْۤ وَٱعبُدُواْ رَبَّكُم وَٱفعَلُواْ ٱلخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ۩ ٧٧﴾[1] فَأَمَرَ رَبُّنا عزَّ وَجَلَّ المؤمنينَ بِأَفْضَلِ الأَعْمَالِ بعدَ الإيمانِ وَهِىَ الصَّلاةُ الْمُشْتَمِلَةُ علَى الرُّكوعِ والسُّجودِ وَحَثَّهُمْ علَى التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِسَائِرِ العِبَادَاتِ وَأَمَرَهُمْ بِفِعْلِ الخَيْرِ لِيَكُونَ بِذَلِكَ فَلاحُهُمْ فِي الآخِرَةِ. Continue reading الحث على الإكثار من الطاعة في النصف من شعبان

التَّصَوُّف

الحمدُ للهِ الواحِدِ القَهَّارِ العزيزِ الجبّارِ، مُكَوِّرِ الليلِ علَى النَّهَارِ تَذْكِرَةً لأُولِي القُلوبِ والأَبْصَارِ، وَتَبْصِرَةً لِذَوِي الأَلْبَابِ وَالاعتِبَارِ، الذِي هدَى مِنْ خَلْقِهِ مَنِ اصْطَفَاهُمْ فزَهَّدَهُمْ فِي هذِه الدّار. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ العزيزُ الجبَّار، وأشهدُ أنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم نبيُّهُ العَرَبِيُّ الْمُخْتَارُ، الذِي اصْطَفَاهُ رَبُّهُ وَجَعَلَهُ إِمَامًا لِلمُتَّقِينَ وَسَيِّدًا للأَبْرَار.

اللهمَّ صلِّ على سيدِنا مُحَمَّدٍ وعلَى ءالِه وصحابتِه أهلِ الأَسرار، وعلَى مَنْ سَارَ خَلْفَهُمْ مِنَ الزَّاهِدينَ والصُّوفيّةِ الأَخْيَار.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فإِنِّي أوصيكم ونفسِي بتقوى اللهِ فاتّقوه.

واعلمُوا إخوةَ الإيمانِ أَنَّ اسْمَ الصُّوفِيِّ لَمْ يَكُنْ في الصَّدْرِ الأوّلِ لكنَّ المعنَى كانَ موجودًا، والتصوُّفُ إخوةَ الإيمانِ ليسَ مُجَرَّدَ لُبْسِ جُبَّةٍ وعِمَامَةٍ وكَثْرَةِ ذِكْرٍ وَطَقْطَقَةِ سُبْحَة معَ تَرْكِ مَا أوْجَبَ اللهُ علَى المكلَّفِ تَعَلُّمَهُ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ إنَّما التَّصَوُّفُ عِلْمٌ وعَمَلٌ فكَمْ مِنَ النَّاسِ يَظُنُّ نفسَهُ صُوفِيًّا مَعَ أنَّهُ لَمْ يتعلمْ ما أوجبَ اللهُ عليهِ تعَلُّمَه مِنْ عِلْمِ الدين، هذا كيفَ يَصِيرُ وَلِيًّا .. كيفَ يُقالُ عنهُ صُوفِيّ. الصوفيُّ هو الذي استَقامَ على التوحيدِ وأَداءِ الفَرائِضِ وزَهِدَ في الدنيا وتواضَعَ وذَلّ للهِ تعالى وأَظْهَرَ افْتِقارَهُ للهِ بِصِدْقٍ، الصوفيُّ الصادقُ هو من كانَ عامِلًا بشريعَةِ اللهِ تعالى وَلا يُتْبِعُ نَفْسَهُ الهوَى في الْمَأْكَلِ والْمَشْرَبِ والملبَسِ بَلْ يَكْتَفِي بالقَدْرِ الذِي يَحْفَظُ له صِحَّةَ جَسَدِهِ مِنَ المأكَلِ والمشربِ والملبسِ معَ بذلِ الجهدِ بِطَاعَةِ اللهِ بأداءِ الواجباتِ والإكثارِ مِنَ النَّوافِل.

Continue reading التَّصَوُّف

معجزةُ الإسراء

الحمدُ للهِ ثمّ الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ وسلامٌ علَى عبادِه الذينَ اصْطَفَى، الحمدُ للهِ الواحِدِ الأَحَدِ الفَرْدِ الصَّمَدِ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد، نحمدُه تعالى ونستهديهِ ونسترشِدُه ونعوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنا وسيئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهُوَ المهتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا. والصَّلاةُ والسّلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلانِ على سيدِنا محمدٍ سيِّدِ ولدِ عدنانَ مَنْ أَيَّدَهُ اللهُ بالبُرْهانِ وأظهرَ شَرَفَهُ علَى سَائِرِ الأنبياءِ ليلةَ الإِسراءِ. وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ أَرْسَلَ رسولَه بالهُدَى ودِينِ الحقِّ لِيُظْهِرَهُ علَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ وأشهَدُ أنَّ سيدَنا محمّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وخليلُه صلّى اللهُ عليهِ وسلّم وعلى جميعِ إِخوانِه مِنَ النبيّينَ والمرسلِين.

أما بعدُ معشرَ المسلِمينَ، فَإِنِّي أوصي نفسي وأوصيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظيمِ فَاتّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِه وَلا تَموتُنَّ إلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ واعلَمُوا أنَّ اللهَ معَ الذينَ يَتَّقون. إخوةَ الإيمانِ تُطِلُّ علينَا مُنَاسَبَةٌ عَظِيمَةٌ أَلَا وَهِي ذِكرَى الإِسراءِ والمعراجِ. وَكلامُنا اليَوْمَ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالَى علَى مُعجِزَةِ الإِسراءِ. قالَ اللهُ تبارَك وتعالَى في القُرْءَانِ الكَرِيم ﴿سُبحَٰنَ ٱلَّذِي أَسرَىٰ بِعَبدِهِۦ لَيلا مِّنَ ٱلمَسجِدِ ٱلحَرَامِ إِلَى ٱلمَسجِدِ ٱلأَقصَا ٱلَّذِي بَٰرَكنَا حَولَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِن ءَايَٰتِنَا إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ ١﴾[1] إخوَةَ الإيمانِ لَقَدْ ثَبَتَ الإِسراءُ بِنَصِّ القُرْءَانِ والأحَادِيثِ الصَّحيحَةِ وإِجْمَاعِ المسلِمينَ فَيَجِبُ الإِيمانُ بهِ. وقَدْ كانَ إسراؤُه صلى الله عليه وسلم في اليَقَظَةِ بِالرُّوحِ والجَسدِ وما هذَا علَى اللهِ بِعَزِيزٍ فَإِنَّهُ تبارَكَ وتعالَى علَى كُلِّ شىءٍ قَدِيرٌ لِذَا قالَ عُلماءُ الإسلامِ إِنَّ مَنْ أَنْكَرَ مُعجِزَةَ الإِسراءِ فَقَدْ كَذَّبَ القُرْءَانَ وَمُكَذِّبُ القُرْءَانِ لا يَكُونُ مِنَ المسلِمين.

Continue reading معجزةُ الإسراء

الاعتبار بما جرى في حدوث بعض الزلازل والهزات الأرضية

الحمدُ للهِ نحمَدُه ونَسْتَعِينُه ونستَهْدِيهِ ونَسْتَغْفِرُه ونَسْتَرْشِدُه، ونعوذُ بِاللهِ من شرورِ أنفُسِنا وَمِنْ سيئاتِ أَعمالِنا، مَن يهدِ اللهُ فهوَ المهتَدِ ومَنْ يُضْلِلْ فلنْ تَجِدَ له وَلِيًّا مُرشدًا، وأشهدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا شَبيهَ ولا مثيلَ لهُ، مهما تَصَوَّرْتَ ببالِكَ فاللهُ لا يُشْبِهُ ذلك، ومن وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعانِي البشرِ فقَدْ كفَرَ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا وحبيبَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمدًا عبدُ اللهِ ورَسولُه وصَفِيُّه وحبِيبُه وخلِيلُه أرسلَهُ اللهُ بالهُدَى ودِينِ الحَقِّ هادِيًا ومُبَشِّرًا ونذِيرًا وداعِيًا إلى اللهِ بإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، فهَدَى اللهُ بهِ الأمَّةَ وكشفَ بهِ الغُمَّةَ وأَخْرَجَ بهِ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إلَى النُّورِ فجَزَاه اللهُ خيرَ ما جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِه.

اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ عبادَ اللهِ فأُوْصِي نفسِي وإِيَّاكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظيمِ فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ وَاذْكُرُوا قولَهُ تعالَى في القُرءانِ الكريمِ في سورةِ البقرةِ ﴿وَٱتَّقُواْ يَوما تُرجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفس مَّا كَسَبَت وَهُم لَا يُظلَمُونَ ٢٨١﴾.

وقالَ اللهُ تعالى في سورةِ الإسراءِ ﴿وَمَا نُرسِلُ بِٱلأيَٰتِ إِلَّا تَخوِيفا ٥٩﴾.

مَعْشَرَ الإِخْوَة:

إِنَّ ما جَرَى فيهِ تَخْوِيفٌ مِنَ اللهِ تعالى لِعِبَادِهِ وقَدْ جاءَ في الدُّرِّ الْمَنْثُورِ لِلْحَافِظِ السُّيوطِيِّ في تَفْسِيرِ قولِه تعالَى ﴿وَمَا نُرسِلُ بِٱلأيَٰتِ إِلَّا تَخوِيفا ٥٩﴾ عَنْ قَتادَةَ قال “إِنَّ اللهَ يُخوِّفُ النَّاسَ بِما شاءَ مِنْ ءايَاتِهِ لَعَلَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ أَوْ يَذَّكَّرُونَ أَوْ يَرْجِعُونَ”

فَاخْشَوْا رَبَّكُمْ أيُّها الناسُ فما زَالَتْ علامَاتُ تَخْويفِ اللهِ تعالَى لنَا تَظْهَرُ وتَتَوَالَى شَيْئًا بعدَ شىءٍ لا سِيَّما الخُسُوفُ والبَراكِينُ والتسونامي والزَّلازِلُ والهَزَّاتُ ومعَ ذلكَ فَإِنَّ ما يَصْرِفُهُ اللهُ تعالَى عَنَّا أَكْبَرَ مِمَّا نُبْتَلَى بِه، وَمِصْدَاقُ هذَا في قولِ اللهِ تعالَى في سُورةِ البَقَرَةِ ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيء مِّنَ ٱلخَوفِ وَٱلجُوعِ وَنَقص مِّنَ ٱلأَموَٰلِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ١٥٥﴾.

فقولُه تعالى ﴿بِشَيء﴾ معناهُ بِقَلِيلٍ مِنْ كُلِّ واحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ البَلايَا وَطَرَفٍ مِنْها. إذًا ما يَصْرِفُهُ اللهُ عنَّا أكبَرُ، فَلَوْ شاءَ اللهُ لَخَسَفَ بِنَا الأَرْضَ وَلَوْ شَاءَ تعالى لأَسْقَطَ علينَا مِنَ السماءِ كِسَفًا (أَيْ قِطَعًا) وَلَوْ شاءَ سُبْحَانَه لَأَطْبَقَ علينَا الجِبالَ ولَوْ شاءَ لَطَغَى علينَا البَحْر، فاللهُ فَعَّالٌ لِمَا يُريدُ وَهُوَ قَادِرٌ علَى مَا يَشَاءُ فَاتَّقُوا اللهَ أيُّها الناسُ وقُولُوا: اللهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبَكِ وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ وعَافِنَا قَبْلَ ذلك.

Continue reading الاعتبار بما جرى في حدوث بعض الزلازل والهزات الأرضية