الحمدُ للهِ نحمَدُه ونَسْتَعِينُه ونستَهْدِيهِ ونَسْتَغْفِرُه ونَسْتَرْشِدُه، ونعوذُ بِاللهِ من شرورِ أنفُسِنا وَمِنْ سيئاتِ أَعمالِنا، مَن يهدِ اللهُ فهوَ المهتَدِ ومَنْ يُضْلِلْ فلنْ تَجِدَ له وَلِيًّا مُرشدًا، وأشهدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا شَبيهَ ولا مثيلَ لهُ، مهما تَصَوَّرْتَ ببالِكَ فاللهُ لا يُشْبِهُ ذلك، ومن وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعانِي البشرِ فقَدْ كفَرَ، وأشهدُ أنَّ سيدَنا وحبيبَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمدًا عبدُ اللهِ ورَسولُه وصَفِيُّه وحبِيبُه وخلِيلُه أرسلَهُ اللهُ بالهُدَى ودِينِ الحَقِّ هادِيًا ومُبَشِّرًا ونذِيرًا وداعِيًا إلى اللهِ بإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، فهَدَى اللهُ بهِ الأمَّةَ وكشفَ بهِ الغُمَّةَ وأَخْرَجَ بهِ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إلَى النُّورِ فجَزَاه اللهُ خيرَ ما جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِه.
اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ عبادَ اللهِ فأُوْصِي نفسِي وإِيَّاكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظيمِ فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ وَاذْكُرُوا قولَهُ تعالَى في القُرءانِ الكريمِ في سورةِ البقرةِ ﴿وَٱتَّقُواْ يَوما تُرجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفس مَّا كَسَبَت وَهُم لَا يُظلَمُونَ ٢٨١﴾.
وقالَ اللهُ تعالى في سورةِ الإسراءِ ﴿وَمَا نُرسِلُ بِٱلأيَٰتِ إِلَّا تَخوِيفا ٥٩﴾.
مَعْشَرَ الإِخْوَة:
إِنَّ ما جَرَى فيهِ تَخْوِيفٌ مِنَ اللهِ تعالى لِعِبَادِهِ وقَدْ جاءَ في الدُّرِّ الْمَنْثُورِ لِلْحَافِظِ السُّيوطِيِّ في تَفْسِيرِ قولِه تعالَى ﴿وَمَا نُرسِلُ بِٱلأيَٰتِ إِلَّا تَخوِيفا ٥٩﴾ عَنْ قَتادَةَ قال “إِنَّ اللهَ يُخوِّفُ النَّاسَ بِما شاءَ مِنْ ءايَاتِهِ لَعَلَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ أَوْ يَذَّكَّرُونَ أَوْ يَرْجِعُونَ”
فَاخْشَوْا رَبَّكُمْ أيُّها الناسُ فما زَالَتْ علامَاتُ تَخْويفِ اللهِ تعالَى لنَا تَظْهَرُ وتَتَوَالَى شَيْئًا بعدَ شىءٍ لا سِيَّما الخُسُوفُ والبَراكِينُ والتسونامي والزَّلازِلُ والهَزَّاتُ ومعَ ذلكَ فَإِنَّ ما يَصْرِفُهُ اللهُ تعالَى عَنَّا أَكْبَرَ مِمَّا نُبْتَلَى بِه، وَمِصْدَاقُ هذَا في قولِ اللهِ تعالَى في سُورةِ البَقَرَةِ ﴿وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيء مِّنَ ٱلخَوفِ وَٱلجُوعِ وَنَقص مِّنَ ٱلأَموَٰلِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ١٥٥﴾.
فقولُه تعالى ﴿بِشَيء﴾ معناهُ بِقَلِيلٍ مِنْ كُلِّ واحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ البَلايَا وَطَرَفٍ مِنْها. إذًا ما يَصْرِفُهُ اللهُ عنَّا أكبَرُ، فَلَوْ شاءَ اللهُ لَخَسَفَ بِنَا الأَرْضَ وَلَوْ شَاءَ تعالى لأَسْقَطَ علينَا مِنَ السماءِ كِسَفًا (أَيْ قِطَعًا) وَلَوْ شاءَ سُبْحَانَه لَأَطْبَقَ علينَا الجِبالَ ولَوْ شاءَ لَطَغَى علينَا البَحْر، فاللهُ فَعَّالٌ لِمَا يُريدُ وَهُوَ قَادِرٌ علَى مَا يَشَاءُ فَاتَّقُوا اللهَ أيُّها الناسُ وقُولُوا: اللهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبَكِ وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ وعَافِنَا قَبْلَ ذلك.
Continue reading الاعتبار بما جرى في حدوث بعض الزلازل والهزات الأرضية →