Category Archives: خطب الجمعة

الرؤيةُ للهِ تعالَى فِي الآخِرَة

إنَّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه، ونَعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومَن يُضلِلْ فلا هادِيَ لهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهَدُ أَنَّ محمدًا عبدُه ورَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وحَبِيبُهُ مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلعالَمِينَ هادِيًا ومُبَشِّرًا ونذيرًا بَلَّغَ الرِّسالَةَ وأَدَّى الأَمانَةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ فَصَلَّى اللهُ علَى نَبِيِّنا محمَّدٍ وعلى ءالِهِ وصَحْبِهِ وسلَّمَ وجَزَاهُ اللهُ عنَّا خيرَ ما جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيائِهِ.

أَمَّا بعدُ أَيُّها الأحبَّةُ فَأُوصيكُمْ ونَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظيمِ والعَمَلِ لِلفَوْزِ بِالآخِرَةِ فَإِنَّ اللهَ سبحانَهُ يقولُ في كِتابِهِ الكَريمِ ﴿وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰط مُّسۡتَقِيم ٢٥ ۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَة وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَر وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ٢٦﴾[1]

إخوةَ الإِيمانِ اللهُ يَدعُوكُمْ إلَى دارِ السلامِ، شَرعُ اللهِ تعالَى يَدُلُّكُمْ علَى سبيلِ الوُصولِ إلى دَارِ السلامِ، وهيَ الجنَّةُ التِي أَعَدَّها اللهُ لِلْمُؤْمِنِينَ به، واللهُ يَهدِي مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ فَيُوَفِّقُه لإِصابَةِ الطريقِ الْمُسْتَقِيمِ الذِي جَعَلَهُ جَلَّ ثَناؤُهُ سَبَبًا لِلْوُصُولِ إلَى رِضَاهُ، وطريقًا لِمَنْ سَلَكَ فيهِ إلَى جِنَانِهِ وكَرامَتِهِ.

إخوةَ الإيمانِ إنَّ الفَوْزَ الحقيقِيَّ هُوَ الفَوْزُ في الآخِرَةِ والسَّعيد مَنْ فَازَ هُناكَ والطريق إلى ذلكَ هُوَ التَّقْوَى أي أدَاءُ الطاعاتِ واجتِنَابُ الْمُنْكَراتِ فَمَنْ أحسَنَ في هذِهِ الدُّنيا فَلَهُ الْحُسْنَى وزيادَةٌ كما قالَ عزَّ مِنْ قَائِلٍ ﴿لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَة وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَر وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ٢٦﴾[2]

Continue reading الرؤيةُ للهِ تعالَى فِي الآخِرَة

زيارةُ الحبيبِ محمَّدٍ قُرْبَةٌ وَشَرَفٌ عَظِيْمٌ

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه ونشكرُه ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفُسِنا وسيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إلـه إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، ولا مثيلَ له ولا ضدَّ ولا ندَّ له. وأشهدُ أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائِدَنا وقرّةَ أعينِنا محمّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه صلّى الله عليه وعلى كلِّ رسولٍ أرسلَه. اللهم صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلى ءاله وأصحابِه الغرِّ الْمَيَامِين.

أما بعدُ أيها الأحبةُ فأُوصِي نفسِي وإيَّاكم بتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ وبالتمَسُّكِ بسنةِ النبيِّ الكريمِ الذِي أرسلَه اللهُ رحمةً للعالمينَ واذْكُروا قولَ اللهِ تعالَى في القُرءانِ الكريمِ ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابا رَّحِيما ٦٤﴾[1].

إخوةَ الإيمانِ إنَّ سيدَنا محمدًا صلى الله عليه وسلم هو إِمامُ المرسلينَ وخاتمُ النبيينَ وحبِيبُ ربِّ العالمينَ وسيدُ ولدِ ءادمَ أجمعينَ وإنَّ زيارةَ قبرِه صلّى الله عليه وسلّم مِنْ أَعظمِ القُرَبِ إلى اللهِ تعالَى وَلا يُنْكِرُ ذلكَ إِلّا مَحرومٌ بَعيدٌ عنِ الخَيرِ فقَدْ قالَ صلّى الله عليه وسلّم مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفاعَتِي اﻫ

Continue reading زيارةُ الحبيبِ محمَّدٍ قُرْبَةٌ وَشَرَفٌ عَظِيْمٌ

العيدُ محَطَّةٌ لتهذيبِ النَّفْس

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ أمَّا بعدُ فأُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ‏قالَ اللهُ تعالى في القُرءانِ الكريمِ في سورةِ يونُس ﴿قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ هُوَ خَيۡر مِّمَّا يَجۡمَعُونَ ٥٨﴾.

‏روَى البَيْهَقيُّ عنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قالَ قَدِمَ ‏النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينَةَ ولِأَهْلِ المدينَةِ ‏َيَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا بِالجاهِلِيَّةِ فقالَ قَدِمْتُ عليكُمْ ولَكُمْ يَومَانِ ‏تَلْعَبُونَ فِيهِمَا في الجَاهِلِيَّةِ وقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللهُ خَيْرًا مِنْهُما يَوْمَ النَّحْرِ وَيَوْمَ الفِطْرِ اهـ

لا شكَّ أنَّ العِيدَ هُوَ مَوْسِمُ فَرَحٍ وَسُرورٍ وَبَهْجَةٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ولا شكَّ أيضًا أَنَّ فرحَ المؤمنينَ وسُرورَهُمْ في الدنيا الْمَحْمُودَ العَاقِبَةِ إنما يكونُ إذَا فَازُوا بِإِكْمَالِ طَاعَةِ اللهِ تَعالى لِيَنَالُوا بذلِكَ الثَّوابَ على أَعْمَالِهِمْ تَمْلَأُ قُلوبَهُمُ الثِّقَةُ بِوَعْدِ اللهِ تعالى لِلْمُحْسِنِينَ بِتَوْفِيَتِهِمْ أُجُورَهُمْ في الآخِرَةِ.

وإِنَّ مِنْ عَظِيمِ فَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ بِهَذِهِ الأُمَّةِ أَنْ أَبْدَلَهُمْ بِيَوْمَيِ اللَّهْوِ واللَّعِبِ الذَّيْنِ كانَا في الجاهليةِ يَوْمَيِ الذِّكْرِ والشُّكْرِ وَجَعَلَهُمَا مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ، فَيَسْتَبْشِرُ فِيهِمَا المؤمنونَ وَيُظْهِرُونَ الْمَسَرَّةَ فيمَا بَيْنَهُمْ فَرِحِينَ بِما مَنَّ اللهُ تعالى بهِ علَيْهِمْ مِنْ خَيْراتٍ وَبَرَكَاتٍ، وَيُحَرِّكُ العيدُ الْمَجِيدُ في النُّفُوسِ الصَّادِقَةِ الهِمَّةَ والعَزْمَ على الاسْتِمْرَارِ في عَمَلِ الخَيْرِ والمعروفِ والطَّاعَةِ للهِ تعالى، إِذْ يَأْتِي العِيدَانِ بعْدَ أَدَاءِ عِبادَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ يَجِدُ لهُمَا المؤمِنُ حَلاوَةً في القَلْبِ وصَفَاءً في الرُّوحِ، حيثُ يَعْقُبُ شَهْرَ الصَّومِ والخَيْرِ رَمَضَانَ المباركَ عِيدُ الفِطْرِ السَّعِيدُ، ويأتي عيدُ الأَضْحَى في يَومِ الحجِّ الأكبَرِ يومِ النَّحْرِ الذِي تَكونُ فيهِ مُعْظَمُ أَعْمَالِ الحَجِّ بعدَما قَامَ الحُجَّاجُ بِالرُّكْنِ الأَعْظَمِ في الحَجِّ أَلَا وَهُوَ الوُقُوفُ بِعَرَفَةَ.

ويأتي العِيدُ مُفْعَمًا بِمَعَاني الْمَوَدَّةِ وَالتَّعَاطُفِ بينَ الْمُؤْمِنِينَ لِيُطَبِّقُوا بِصُورَةٍ جَلِيَّةٍ مَعْنَى قَوْلِه تعالى في سورةِ الحُجُراتِ {إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَة}[1] الآيةَ. ولا شَكَّ أَنَّ رَوَابِطَ الأُخُوَّةِ في الدِّينِ أَقْوَى مِنْ رَوَابِطِ النَّسَبِ وَمَا تَجْمَعُهُ رابِطَةُ الإِيمانِ أَثْبَتُ مِمَّا تَجْمَعُهُ القَرابَةُ والْمُصَاهَرَةُ.

وكم تَبْرُزُ في العيدِ مَظَاهِرُ التَّآلُفِ والتَّعَاضُدِ والتَّآخِي والحُبِّ في اللهِ بينَ إِخْوَةٍ ءَابَاؤُهُمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَيَتَجَلَّى مَظْهَرُ الوَحْدَةِ بَيْنَهُمْ وَهُوَ مَظْهَرٌ عَظِيمٌ نَرْجُو تَرْسِيخَهُ أَكْثَرَ فَأَكْثَر.

Continue reading العيدُ محَطَّةٌ لتهذيبِ النَّفْس

أضواء على فريضة الحج

الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونستغفِرُهُ ونستَرْشِدُهُ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مَثِيلَ لَهُ مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبالكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلكَ وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وأشهدُ أَنَّ سیدَنا وحبيبَنا وقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا محمدًا عَبْدُ اللهِ ورسولُه وصفيُّهُ وحبيبُه. اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلَى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، أما بعدُ عبادَ اللهِ فَأُوصِي نَفْسِي وإياكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ القَائِلِ في سُورةِ الحجِّ ﴿وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِر يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيق ٢٧﴾.

أيُّها الأَحِبَّةُ قَدْ بَدَأَ كثيرٌ منَ النَّاسِ بِالاسْتِعْدَادِ لِلرَّحيلِ إلى الرِّحابِ الْمُباركَةِ لأَداءِ فريضَةِ الحَجِّ العَظيمةِ وَلا شكَّ أنَّ لِلْحَجِّ أَحْكَامًا لا بدَّ منْ مُراعاتِها لِيَصِحَّ القِيامُ بِهذَا الفَرضِ علَى مَا يُحِبُّ رَبُّنا وَيَرْضَى، والكَلَامُ في تَفْصِيلِ مَنَاسِكِ الحَجِّ يَطُولُ ويَطُولُ وَلَا يكفي هذا المقامُ لاسْتِيعابِ ذلِكَ كُلِّهِ، وَلكني أُريدُ أن أُنَبِّهَ علَى ثَلاثِ مَسَائِلَ مُهِمَّةٍ فأَقُولُ وَبِاللهِ التَّوفِيق.

المسألةُ الأُولى

قَدْ نَرَى كثيرًا منَ الناسِ مِمَّنْ عَزَمُوا علَى الحَجِّ أَعَدَّ مَا يَحْتَاجُ إليهِ مِنْ طَعَامٍ وشَرَابٍ ودواءٍ وَثِيَابِ إِحْرَامٍ وَحَجْزٍ في الفُندقِ الفُلانيِّ ويطولُ كلامُهُ في مِثْلِ هذِهِ الأُمُورِ حتى لَرُبَّما حَسِبَ السَّامِعُ أَنَّهُ مُسِافِرٌ لِلاسْتِجْمَامِ لا لِلْحَجِّ، وَإِذَا قُلْتَ لَهُ هَلْ تَزَوَّدتَ للحجِّ بما هو أهمُّ مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرْتَهُ عَلَتْ وَجْهَهُ مَلامِحُ الدَّهْشَةِ والاسْتِغْرَابِ وبَادَرَكَ بِسُؤَالِ الْمُتَعَجِّبِ فيقولُ وماذَا بَقِيَ بَعدُ؟ فتقولُ لهُ العِلْمُ فإنَّهُ ينبغي لكَ الاهتمامُ لأمرِ العلمِ حتى تضمَنَ صِحَّةَ حَجِّكَ لِئَلّا يَذْهَبَ المالُ والتَّعَبُ والجُوعُ والعَطَشُ والسَّفَرُ سُدًى بِلَا طَائِلٍ، فيقولُ لكَ إذَا ذَهبتُ إلى هناكَ نَظَرْتُ مَاذَا يفعَلُ الناسُ ففَعَلتُ مِثْلَهُم. أو يقولُ ومَا الحاجَةُ إلى التعلُّمِ فالعِبْرَةُ بالنيةِ الحسنةِ، وكلُّ هذا لا يَصْدُرُ إلّا مِمَّنْ جَهِلَ حَقِيقَةَ الأَمْرِ فَيُقَالُ لهُ قالَ العُلماءُ يَجِبُ على كُلِّ مُسْلِمٍ أن لا يَدْخُلَ في شَىْءٍ حتَّى يَعْلَمَ مَا أَحَلَّ اللهُ تعالى منهُ ومَا حَرَّمَ ومعنَى ذلكَ أَنَّ مَنْ دَخَلَ في عِبَادَةٍ أو مُعَامَلَةٍ منَ الْمُعامَلاتِ كالتِّجارةِ والشركةِ مثلًا بِغَيْرِ علمٍ فقَدْ عَصَى اللهَ، وفي الغَالبِ يقَعُ بِسَبَبِ جهلِه في مُفْسِدٍ مِنَ الْمُفْسِدَاتِ فَلَا يَصِحُ عملُه وهُوَ لا يَدْرِي، ولَا يكونُ معذورًا بِجَهْلِهِ. وبالتالي لا بدَّ مِنَ العلمِ لِمُريدِ الحجِّ أو الزكاةِ أو الصلاةِ أو غيرِ ذلك مِنْ سَائِرِ العباداتِ والْمُعامَلاتِ، فَقَدْ روى البيهقيُّ عن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ[1] اهـ وَحَيْثُ عُلِمَ هذا ظهرَ أَنَّ الاعْتِنَاءَ بِأَمْرِ العِلْمِ أَوْلَى مِمَّا يَشتَغِلُ به أكثرُ الناسِ اليومَ قُبَيْلَ سفرِهم للحجِّ منْ تحضيراتٍ يمكنُهمُ الاستِغْناءُ عن أكثرِها بينَما لا يَسَعُهُمُ الاستغناءُ عنِ العِلمِ، فالحجُّ عبادةٌ يُرادُ منها مَرضاةُ اللهِ تعالى لَا نُزْهَةٌ للتَّرْفيهِ عنِ النفسِ وليسَ يَرَى الجَاهِلُ إلَّا ظواهِرَ أعمالِ الناسِ في مَوسِمِ الحجِّ ولَا يعلمُ ما يحتَاجُ إليهِ في البَاطِنِ ولا يستطيعُ أن يُمَيِّزَ بينَ مَنْ يُقْتَدَى به ومنْ لا يُقتَدَى بهِ ولا يَعلمُ هل يَنْطَبِقُ عليهِ مِنَ الأحكامِ مَا يَنْطَبِقُ علَى مَنْ يُراقِبُهُ فَلا يَكْفيهِ مراقبَةُ غيرِهِ لِبَراءَةِ ذِمَّتِهِ ولأَجْلِ مِثْلِ هذا لا تَصِحُّ صَلَوَاتُ كَثِيرٍ مِنَ الناسِ وَلا يَصِحُّ صيامُهم وفي أَمْثَالِهم صحَّ حديثُ رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيامِهِ إلَّا الجُوعُ والعَطشُ وربَّ قائمٍ ليسَ لَهُ مِنْ قِيامِهِ إِلّا السَّهَرُ[2] اهـ

Continue reading أضواء على فريضة الحج