Category Archives: خطب الجمعة

الملائكةُ عبادُ اللهِ المكْرَمُون

الحمدُ للهِ ربّ العالمينَ قيومِ السمواتِ والأرضين مُدَبّرِ الخلائقِ أَجمعين، باعِثِ الرُّسُلِ صلواتُه وسلامُه عليهِم إلَى المكلفِينَ لِهِدايَتِهِمْ وبيانِ شرائعِ الدّينِ بالدّلائلِ القَطْعِيَّهِ وَوَاضِحَاتِ البَراهِينِ، أَحْمَدُهُ علَى جَميعِ نِعَمِهِ وَأسألُهُ المزيدَ مِنْ فَضْلِهِ وكَرمِه وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ الواحدُ الأحَدُ الكَرِيمُ الغَفَّارُ وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه وحبيبُه وخليلُه أَفضَلُ المخلوقينَ الْمُكَرَّمُ بالقُرءانِ العَزيزِ المعجزَةِ المستمرةِ علَى تعاقُبِ السّنينَ، وبالسُّنَنِ الْمُسْتَنِيرَةِ للمُسْتَرْشِدِينَ الْمَخْصُوصُ بِجَوامِعِ الكَلِمِ وسماحَةِ الدّينِ وصلى اللهُ وسلمَ على سيدِنا محمدٍ وعلَى سائرِ إخوانِه منَ النَّبِيّينَ والمرسلينَ وءالِ كلٍ وسائِرِ الصَّالِحينَ.

أمّا بعدُ عبادَ اللهِ فَإِنّي أوصِي نفسِي وإيّاكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِ العظيمِ القائلِ في كتابِه الكريمِ ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسلِمُونَ ١٠٢﴾[1] فاتقُوا اللهَ فيما أَمَرَ وَانْتَهُوا عمّا نَهَى عنهُ وَزَجَر.

إخوةَ الإيمانِ يقولُ اللهُ تعالَى في حقِ الملائكة ﴿مَن كَانَ عَدُوّا لِّلَّهِ وَمَلَٰئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوّ لِّلكَٰفِرِينَ ٩٨﴾[2]

Continue reading الملائكةُ عبادُ اللهِ المكْرَمُون

عاشوراء

إنّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستهدِيهِ ونشكرُهُ ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفسِنا ومنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ لهُ. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ ولا مثيلَ لهُ، ولا ضدَّ ولا نِدَّ لهُ، وأشهدُ أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرّةَ أعيُنِنا محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفِيّهُ وحبيبُهُ، بلّغَ الرِسالةَ وأدّى الأمانةَ ونصَحَ الأمّةَ فجزَاهُ اللهُ عنَّا خيرَ ما جزَى نبيًّا مِنْ أنبيائِه. اللهمَّ صلّ على سيّدِنا محمّدٍ خيرِ الكائناتِ وعلى سائرِ إخوانِه منَ النبيينَ الْمُؤَيَّدِينَ بِالمعجزاتِ البَاهرَاتِ وَسَلِمْ تَسْلِيمًا كَثيرًا.

أمّا بعدُ عبادَ اللهِ فإِنّي أُوصِيكُمْ ونَفْسِي بتَقْوَى اللهِ العَلِيِ العَظيمِ والاقتداءِ بالأَنبياءِ والمرسلينَ والسَّعيِ إلى نَيْلِ رِضَا اللهِ رَبِ العالمين. يقولُ اللهُ العليُّ العظيمُ في مُحكمِ كتابِه الكَريم ﴿وَلَقَد أَرسَلنَا نُوحًا إِلَىٰ قَومِهِۦ فَلَبِثَ فِيهِم أَلفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمسِينَ عَاما فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُم ظَٰلِمُونَ ١٤ فَأَنجَينَٰهُ وَأَصحَٰبَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلنَٰهَا ءَايَة لِّلعَٰلَمِينَ ١٥[1]

وقال تعالى ﴿فَأَوحَينَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضرِب بِّعَصَاكَ ٱلبَحرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرق كَٱلطَّودِ ٱلعَظِيمِ ٦٣ وَأَزلَفنَا ثَمَّ ٱلأخَرِينَ ٦٤ وَأَنجَينَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥٓ أَجمَعِينَ ٦٥ ثُمَّ أَغرَقنَا ٱلأخَرِينَ ٦٦ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأيَة وَمَا كَانَ أَكثَرُهُم مُّؤمِنِينَ ٦٧ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ٦٨[2]

أيها الأَحِبَّةُ، اليوم ذِكْرَى عَاشُورَاءَ العاشرِ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّم، ذِكْرَى اليَوْمِ الذِي نَجَّى اللهُ فيهِ سيّدَنا نُوحًا وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الطُّوفانِ وأَنْزَلَهُمْ من السفينةِ سَالِمِينَ وذِكْرَى اليَوْمِ الذِي نَجَّى اللهُ فيهِ سَيِدَنا مُوسَى وأَتْبَاعَهُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ فِرْعَوْنَ الظالِمِ الكافرِ الأَثيمِ فَقَدْ مرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأناسٍ وَقَدْ صَامُوا يومَ عاشُوراءَ فقالَ مَا هذَا مِنَ الصَّومِ قالُوا هذا اليومُ الذِي نَجَّى اللهُ فيهِ مُوسى وبَنِي إسرائيلَ مِنَ الغَرَقِ وغَرِقَ فيهِ فِرْعَوْنُ وهذا اليومُ اسْتَوَتْ فيهِ السفينَةُ أي سفينَةُ نُوحٍ على الجُودِيِ فصامَهُ نُوحٌ ومُوسَى شُكْرًا للهِ عَزَّ وَجَلَّ فقالَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى وأَحَقُّ بِصَوْمِ هَذَا اليَوْم فأمَرَ أَصحابَه بِالصَوْمِ اﻫ

Continue reading عاشوراء

الهجرةُ النبويةُ الشريفَةُ

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه ونشكرُه ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفُسِنا وسيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إلـه إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، ولا مثيلَ له ولا ضدَّ ولا ندَّ له. وأشهدُ أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائِدَنا وقرّةَ أعينِنا محمّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه، بلغَ الرسالةَ وأدّى الأمانةَ ونصحَ الأمةَ فجزاهُ اللهُ عنّا خيرَ مَا جزَى نبيًّا مِنْ أنبيائِه. اللهمَّ صلِ علَى سيدِنا محمدٍ صلاةً تَقْضِي بِها حَاجاتِنا وَتُفَرِجُ بها كُرباتِنا وتَكفِينَا بِهَا شَرَّ أَعدائِنا وَسَلِمْ عليهِ وعلَى ءالِه سَلَامًا كَثيرًا.

أما بعدُ عبادَ اللهِ، فإنِي أوصيكُمْ ونفسِي بتَقْوَى اللهِ العَلِيِ العَظِيم، والسَّيْرِ علَى خُطَى رَسُولِه الكريمِ، يقولُ اللهُ تعالى في مُحكَمِ كِتابِه ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُود لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٤٠[1]

Continue reading الهجرةُ النبويةُ الشريفَةُ

الدين النصيحة

الحمدُ للهِ ذي الجَلالِ والإكرامِ الذِي أَعزَّنا بالإسلامِ وأكرمَنا بالإيمانِ وَنوَّرَ قلوبَنا بالقرءانِ والصلاةُ والسلامُ على سيدِ ولدِ عدنانَ سيدِنا محمدٍ أبِي القاسمِ الذِي علَا النجومَ والكواكبَ العِظَامَ وعلَى ءَالِه وأصحابِه الكِرامِ بُدورِ التَّمامِ ومَصابيحِ الظلامِ وشُموسِ دِينِ الإِسلامِ الذينَ صدَقوا ما عاهَدُوا اللهَ عليهِ وكانُوا بعدَ نَبِيّهِمْ صلى الله عليه وسلم ورَضِيَ عنهم قُدْوَةً للأنامِ وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ولا مثيلَ له ولا ضِدَّ ولا نِدَّ له، وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه، اللهمَّ صلّ على سيدِنا محمدٍ وعلى سائرِ إخوانِه منَ النَّبِيّينَ والمرسلينَ وءالِ كُلٍ وصحبِ كلٍ وسلَّمَ.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فأوصيكم ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العَظيمِ فإِنَ خيرَ الزَّادِ التقوى ومَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَأُحَذّرُكُمْ مِنْ عِصْيانِه فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ مَنِ اسْتَبْدَلَ بِالطَّاعَةِ المعصِيَةَ وءاثَرَ الفَانِيَةَ علَى البَاقِيَةِ يقولُ اللهُ تباركَ وتعالَى في القرءانِ العَظِيمِ ﴿وَٱلۡعَصۡرِ ١ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ ٢ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ ٣﴾[1] اعلمُوا عبادَ اللهِ أنَّ للهِ تباركَ وتعالَى أَنْ يُقْسِمَ بِما شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَقَدْ أَقْسَمَ في هذهِ السورةِ بِالعَصْرِ ومعنَى العَصْرِ الدَّهْرُ قالَهُ ابنُ عباسٍ فاللهُ أَقسمَ أَنَّ كُلَّ إِنسانٍ خَاسِرٌ وَاسْتَثْنَى الذِينَ ءامَنُوا وعمِلوا الصالحاتِ مِنْ أن يكونُوا مِنَ الخَاسِرينَ وهذَا وَصْفُ عِبادِ اللهِ تعالَى الصالحينَ الذينَ عمِلُوا بوَصايَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأْتَمَرُوا بِأَوَامِره فَتَعَلَّمُوا وعَمِلُوا وَجَدُّوا وَاجْتَهَدُوا وخُصوصًا السّابِقُونَ الأَولونَ مِنَ الصحابةِ الذينَ مَدَحَهُمُ اللهُ تباركَ وتعالَى فقالَ ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰن رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ﴾[2] وقد أَعْلَمَنا اللهُ تبارك وتعالى أَنَّهُ راضٍ عنهُمْ لأنهم صَدَّقُوا وَءامَنُوا وتَعلَّمُوا وعَمِلُوا وَانْتَصَحُوا فَحَرِيٌّ بنَا أَيُّها الإخوةُ الكرامُ أن نَقْتَدِيَ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ونقتديَ بصحابَتِه الكرامِ الذينَ كانُوا يَنْصَحُ أحدُهُمُ الآخرَ لوجهِ اللهِ فيَنْصَحُ الأخُ أخاهُ والصاحبُ صاحبَه وكانَ الواحدُ منهم مِرْءَاةً لأخيهِ المسلمِ يحبُ لهُ ما يحبُّ لنفسِه فإنْ رأى فيهِ عَيْبًا سارَعَ إلى تقديمِ النُّصحِ لهُ والْمَوْعِظَةِ ابْتِغَاءً لِمَرْضَاةِ اللهِ وكانَ المنصوحُ منهُمْ بِالْمُقابِلِ لَا يَتَرَفَّعُ عن قَبولِ النصيحةِ لأنَّهُمْ كانوا يعلمُونَ أنَّهُمْ إِنِ استَمَعُوا النصيحةَ وشَكَرُوا النَّاصِحَ وعَمِلُوا بِها كانَ انْتِفَاعُهُمْ بِذَلكَ عظيمًا وقَدْ قالَ أَحدُ السلفِ إذَا رأيتَ مَنْ يَدُلُّكَ علَى عُيوبِكَ فَتَمَسَّكْ بِـأَذْيَالِهِ اهـ وَرُوِيَ عن عمرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ رحمَ اللهُ امرَءًا أَهْدَى إلَيَّ عُيوبِي اهـ ولقد كانَ الصحابةُ الكرامُ إذا التقَى الواحدُ منهم بِالآخَرِ يتصافَحانِ معَ طَلاقَةِ الوَجْهِ وَالابْتِسَامَةِ ويَقْرَؤُونَ سورةَ العَصْرِ لِمَا حَوَتْهُ هذهِ السورةُ مِنَ الْمَعَانِي العظيمةِ الجَليلةِ قالَ تعالَى ﴿وَٱلۡعَصۡرِ ١ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ ٢ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ ٣﴾ كانُوا يَتَواصونَ بالعملِ الصالحِ وَيُذَكّرونَ بعضَهم بطاعةِ اللهِ وبِالالتِزامِ بأوامِرِه وبالحقِ الذي جاءَ بهِ محمدٌ صلى الله عليه وسلم رحمةً بِإِخْوَانِهم وقد جاءَ في وصفِهم قولُ اللهِ تبارك وتعالَى فِي سورةِ الفَتْحِ ﴿رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ﴾[3] وهذَا مَا عَلَّمَهُم إيّاهُ سيدُ المرسلينَ محمدٌ عليهِ أفضلُ الصلاةِ وأَتَمُّ التَّسْلِيم.

Continue reading الدين النصيحة