إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهدِيه ونشكرُه ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا من يهدِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ ومنْ يُضللْ فلا هاديَ لهُ. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ ولا مثيلَ ولا ضدَّ ولا ندَّ ولا جسمَ ولا أعضاءَ ولا هيئةَ ولا صورةَ ولا مكانَ له جلَّ ربِّي هو الواحدُ الأحدُ الفردُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكُن لهُ كفوًا أحد. وأشهدُ أنّ سيدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرةَ أعينِنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه صلَّى الله وسلَّم عليهِ وعلَى كلِّ رسولٍ أرسلَه.
أما بعدُ عبادَ اللهِ فإنِّي أوصيكُم ونفسِي بتقوَى اللهِ العليِّ القديرِ القائلِ فِي محكمِ كتابِه ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسلِمُونَ﴾[1]
ويقولُ ربُّ العزةِ في محكمِ التنـزيلِ ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلنَٰكُم أُمَّة وَسَطا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيدا﴾[2].
إخوةَ الإيمانِ، إنَّ خُطْبَتَنا اليَوْمَ بِإِذْنِ اللهِ ربِّ العالمين عنِ الاعتدالِ وَالوَسَطِيَّةِ وعن أهميةِ الاعتدالِ والوسطيةِ وعن تأثيرِ الاعتدالِ والوسطيةِ على الفردِ والأُسرةِ والمجتَمَعِ والوطنِ وعن مخاطرِ الغلوِّ والتطرفِ في الدِّين.
قد قالَ أهلُ اللغَة “الوَسَطُ مِنْ كُلِّ شىءٍ أَعْدَلُهُ”. ومنهُ قولُه تعالَى ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلنَٰكُم أُمَّة وَسَطا﴾ أي جعلَكُم أُمةً خِيارًا عُدُولًا وَسَطا، والوسَطُ في كلامِ العَربِ الخِيارُ، فلا هُمْ أهلُ غلوٍّ ولا أهلُ تقصيرٍ بل أهلُ توسُّطٍ واعتدالٍ.
فَتَعَلُّمُ مَرَاتِبِ المأموراتِ ومراتِبِ المنهِيَّاتِ شرعًا تحاشيًا للإِفْرَاطِ والتفريطِ، تَحَاشِيًا لِلْغُلُوِّ والتقصيرِ، هُوَ العِلاجُ، هُوَ التِّرْياقُ، هوَ الدَّواءُ النَّاجِعُ الذي لا بدَّ منه لأنهُ بذلكَ يَتِمُّ التَّفريقُ بينَ ما هوَ تطرّفٌ وما هو وسطيةٌ، بينَ ما هو غلوٌّ وما هو اعتدال.
فإن كثيرًا منَ الأمراضِ والسُّمُومِ والأوبئَةِ الفكريَّةِ الهدَّامَةِ سَبَبُ انتِشارِها الجَهْلُ بالدينِ واتِّباعُ فتاوَى شيطانيةٍ ما أنزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلطان.
قال تعالى ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلنَٰكُم أُمَّة وَسَطا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيدا﴾.
أوضحتِ الآيةُ أن المسلمينَ ليس من دينِهم التطرفُ ولا الغلوُّ ولا الإجرام، فلا ينبغي الحكمُ على جَمِيعِهِم بما يفعلُ قِلَّةٌ منَ السُّفَهَاءِ الْمُدَّعِينَ الانتسابَ إليهم.
يقولُ ربُّ العِزَّةِ في محكمِ التنزيل ﴿أَفَنَجعَلُ ٱلمُسلِمِينَ كَٱلمجرِمِينَ ٣٥ مَا لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَ ٣٦﴾[3]
Continue reading الإسلام دين الوسطية والاعتِدال →