معجزةُ الإسراء

الحمدُ للهِ ثمّ الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ وسلامٌ علَى عبادِه الذينَ اصْطَفَى، الحمدُ للهِ الواحِدِ الأَحَدِ الفَرْدِ الصَّمَدِ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد، نحمدُه تعالى ونستهديهِ ونسترشِدُه ونعوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنا وسيئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهُوَ المهتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا. والصَّلاةُ والسّلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلانِ على سيدِنا محمدٍ سيِّدِ ولدِ عدنانَ مَنْ أَيَّدَهُ اللهُ بالبُرْهانِ وأظهرَ شَرَفَهُ علَى سَائِرِ الأنبياءِ ليلةَ الإِسراءِ.

وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ أَرْسَلَ رسولَه بالهُدَى ودِينِ الحقِّ لِيُظْهِرَهُ علَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ وأشهَدُ أنَّ سيدَنا محمّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وخليلُه صلّى اللهُ عليهِ وسلّم وعلى جميعِ إِخوانِه مِنَ النبيّينَ والمرسلِين.

أما بعدُ معشرَ المسلِمينَ، فَإِنِّي أوصي نفسي وأوصيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظيمِ فَاتّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِه وَلا تَموتُنَّ إلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ واعلَمُوا أنَّ اللهَ معَ الذينَ يَتَّقون. إخوةَ الإيمانِ تُطِلُّ علينَا مُنَاسَبَةٌ عَظِيمَةٌ أَلَا وَهِي ذِكرَى الإِسراءِ والمعراجِ. وَكلامُنا اليَوْمَ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالَى علَى مُعجِزَةِ الإِسراءِ. قالَ اللهُ تبارَك وتعالَى في القُرْءَانِ الكَرِيم ﴿سُبحَٰنَ ٱلَّذِي أَسرَىٰ بِعَبدِهِۦ لَيلا مِّنَ ٱلمَسجِدِ ٱلحَرَامِ إِلَى ٱلمَسجِدِ ٱلأَقصَا ٱلَّذِي بَٰرَكنَا حَولَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِن ءَايَٰتِنَا إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ ١[1] إخوَةَ الإيمانِ لَقَدْ ثَبَتَ الإِسراءُ بِنَصِّ القُرْءَانِ والأحَادِيثِ الصَّحيحَةِ وإِجْمَاعِ المسلِمينَ فَيَجِبُ الإِيمانُ بهِ. وقَدْ كانَ إسراؤُه صلى الله عليه وسلم في اليَقَظَةِ بِالرُّوحِ والجَسدِ وما هذَا علَى اللهِ بِعَزِيزٍ فَإِنَّهُ تبارَكَ وتعالَى علَى كُلِّ شىءٍ قَدِيرٌ لِذَا قالَ عُلماءُ الإسلامِ إِنَّ مَنْ أَنْكَرَ مُعجِزَةَ الإِسراءِ فَقَدْ كَذَّبَ القُرْءَانَ وَمُكَذِّبُ القُرْءَانِ لا يَكُونُ مِنَ المسلِمين.

كانَ بَدْءُ هذهِ المعجزَةِ فِي بيتِ أُمِّ هانئ بنتِ أبِي طالبٍ كمَا رَوَى مسلمٌ عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ الله عنه قالَ كانَ أبو ذَرٍّ يُحدِّثُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صدرِي ثُمَّ غسَلَهُ مِنْ ماءِ زَمْزَمَ ثُمَّ جاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمانًا فَأَفْرَغَها فِي صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَه اﻫ وَتبدَأُ رِحلةُ الإسراءِ حيثُ أتَى جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بِدابَّةٍ قيلَ هِيَ البُرَاقُ كُلُّ خُطْوَةٍ لَهُ مُنْتَهى أَقْصَى بَصَرِهِ لِيَرْكَبَهُ رَسولُ اللهِ فَاسْتَصْعَبَ عليهِ فقالَ جِبريلُ أَبِمُحَمَّدٍ تَفعلُ هذَا فمَا رَكِبَكَ أحدٌ أَكْرَمُ على اللهِ مِنْ مُحمَّد .. فَارْفَضَّ (أي سال) البُرَاقُ عَرَقًا. رواهُ التِّرمِذِيُّ في سُنَنِهِ. وقَدْ رَوَى البيهقيُّ عن شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ قالَ قُلنَا يا رسولَ اللهِ كيفَ أُسْرِيَ بِكَ؟ قالَ صلَّيْتُ لأَصْحَابِي صَلاةَ العَتَمَةِ بِمَكَّةَ مُعْتِمًا وأتانِي جبريلُ عليهِ السلامُ بِدَابَّةٍ بَيْضَاءَ فَوْقَ الحِمَارِ وَدُونَ البَغْلِ فقالَ ارْكَبْ فَاسْتَصْعَبَتْ عَليَّ، فَدَارَها بِأُذُنِها ثُمَّ حَمَلَنِي عليهَا فَانْطَلَقَتْ تَهْوِي بِنا يَقَعُ حافِرُها حيثُ أَدْرَكَ طَرْفُهَا حتَّى بَلَغْنَا أَرْضًا ذَاتَ نَخْلٍ فَأَنْزَلَنِي فقالَ صَلِّ فَصَلَّيْتُ ثُمَّ رَكِبْنَا فقالَ أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ قلتُ اللهُ أعلَمُ قالَ صَلَّيْتَ بِيَثْرِبَ صَلَّيْتَ بِطَيْبَة اﻫ الحديثَ. وهكذا باتَ النّبيُّ يَنْتَقِلُ مِنْ أَرْضٍ إلى أرضٍ علَى البُراقِ ومعَهُ جِبريلُ عليهِ السلامُ فصلَّى بِطُورِ سَيْنَاءَ حيثُ كَلَّمَ اللهُ عزَّ وجلَّ موسَى عليهِ السَّلام، ثُمَّ بِبَيْتِ لَحْمٍ حيثُ وُلِدَ المسيحُ عيسَى ابنُ مريمَ عليهِ السَّلامُ. ويقولُ الحبيبُ المصطفى صلى الله عليه وسلم ثُمَّ انْطَلقَ بِي (أي جبريلُ) حتَّى دخَلْنَا المدينَةَ (أي بيتَ المقدِسِ) مِنْ بَابِها اليَمانِيِّ فأتَى قِبْلَةَ المسجِدِ فَرَبَطَ بهِ دَابَّتَهُ وَدَخَلْنَا المسجِدَ مِنْ بَابٍ فيهِ تَمِيلُ الشَّمْسُ والقَمَرُ فصلَّيْتُ مِنَ المسجِدِ حيثُ شاءَ اللهُ اﻫ إخوةَ الإسلامِ إنّها لَذِكْرَى عظيمَةٌ تُعيدُ إلَى الأذهانِ سِيرَةَ أعظمِ الخَلائِقِ وسيِّدِها وَمُبَيِّنِ الحقائقِ وَمُظْهِرِها، وصاحِبِ الْمُعْجِزاتِ الباهراتِ الظَّاهراتِ سيِّدِ الأنبياءِ محمّدٍ صلى الله عليه وسلم، وفي تلكَ الليلةِ العَظيمَةِ أَظْهَرَ اللهُ أَفْضَلِيَّةَ سيدِنا محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم على سائرِ الأنبياءِ والْمُرْسلينَ حيثُ جمعَ اللهُ لهُ جميعَ الأنبياءِ في بَيْتِ المقدِسِ مِنْ ءادمَ فَمَنْ بَعْدَهُ فَصَلَّى بِهم إِمامًا، قالَ صلَّى الله عليه وسلّم ثُمَّ دَخَلْتُ بيتَ المقدِسِ فَجُمِعَ لِي الأَنبياءُ عليهِمُ السَّلامُ فَقَدَّمَنِي جِبريلُ حتَّى أَمَمْتُهُمْ ثُمَّ صُعِدَ بِي إلَى السَّماء اﻫ رواهُ النَّسائِيُّ، صلَّى عليكَ اللهُ يا سيّدِي يا رسولَ اللهِ.

ولقد رأَى نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم في إِسرائِه الكثيرَ الكثيرَ مِنَ العَجائِبِ مِمَّا فيهِ لَنَا العِبْرَةُ والموعظَةُ فَمِنْ ذَلكَ أنَّهُ لَمَّا مَرَّ صلى الله عليه وسلّم بِقَبْرِ ماشطةِ بنتِ فِرعونَ شَمَّ رائحةً طَيِّبَةً تَنْبَعِثُ مِنْ قَبْرِ تِلْكَ المسلمةِ الصَّالِحَةِ التِي رَزَقَها اللهُ تعالَى وأولادَها الشَّهادةَ، وذلكَ أنَّها كانَتْ يَوْمًا تَمْشُطُ رَأْسَ بِنْتِ فرعونَ فسقطَ المِشْطُ مِنْ يَدِها فقالَتْ بِسمِ اللهِ فسألَتْهَا بنتُ فِرعونَ أَوَلَكِ رَبٌّ إلهٌ غيرُ أبِي؟ فقالَتِ الماشطةُ نعَمْ رَبِّي ورَبُّ أَبِيكِ هُوَ اللهُ فأَخْبَرَتْ أبَاها فَطَلَبَ فرعونُ مِنْهَا الرُّجوعَ فَأَبَتْ فحَمَّى لَهَا مَاءً وجعَلَ فيهِ الزَّيْتَ حتَى غَلَى وجَعَلَ يُلْقِي فيهِ أَوْلادَهَا الواحِدَ تِلْوَ الآخَرِ فيذوبُ اللحمُ عَنِ العَظْمِ وَهِيَ لا تَتَخَلَّى عن إِيمانِها إلَى أَنْ حَانَ دَوْرُ طِفْلِهَا الرَّضيعِ فإذَا بهِ يُكَلِّمُها وَقَدْ أَنْطَقَهُ اللهُ تبارَكَ وتعالَى فقالَ يَا أُمَّاُه اصْبِرِي فَإِنَّ عذابَ الآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنيا فَلا تتقَاعَسِي فَإِنَّكِ علَى حَقٍّ اﻫ اللهَ اللهَ إخوةَ الإيمانِ، أين نحنُ اليَوْمَ مِنْ مِثْلِ هذا الصَّبرِ .. أينَ نحنُ اليومَ مِنْ مِثْلِ هذَا اليَقينِ بِالحقِّ .. أينَ نحنُ اليومَ منَ الالتزامِ الكامِلِ بنهجِ قائدِ الأمّةِ محمّدٍ صلى الله عليه وسلم .. أينَ نحنُ مِنْ هؤلاءِ ومُجْتَمَعُنا يَنْسَى يومًا بعدَ يَوْمٍ هذهِ المعانِيَ وَيَغْفُلُ يَومًا بعدَ يَومٍ عن شِدَّةِ الحاجَةِ للتَّمَسُّكِ بِالعَقِيدَةِ المحمَّديَّة .. أينَ نحنُ اليومَ مِنَ الصَّبرِ على الحقِّ وعلَى أداءِ الواجِبات كلِّها واجتنابِ المحرَّماتِ بأنواعِها، فَسَلْ نفسَك يا أخِي المسلم هل أدَّيتَ ما افْترضَ اللهُ عليكَ وهَلِ اجْتَنَبْتَ كُلَّ مَا حَرَّم .. هل أدَّيتَ الصّلاةَ في وقتِها .. هل أدّيتَ الزّكاةَ كمَا يجبُ فإنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رأَى في أثناءِ إِسرائِه أُناسًا يَسْرَحُونَ كالأنعامِ على عوراتِهِمْ رِقَاعٌ فقالَ له جبريلُ هؤلاءِ الذينَ لا يُؤَدُّونَ الزّكاةَ، ورأى قومًا تُرْضَخُ رؤوسُهم أَيْ تُكْسَرُ ثم تعودُ كما كانت فقالَ جبريلُ هؤلاءِ الذينَ تتثاقَلُ رؤوسُهم عن تأْدِيَةِ الصَّلاة، ورأَى قومًا يتنافَسونَ على اللحمِ الْمُنْتِنِ ويترُكونَ اللحمَ الجيِّدَ الْمُشَرَّحَ فقالَ جبريلُ هؤلاءِ أُناسٌ مِنْ أُمَّتِكَ يتركونَ الحلالَ فَلا يَطْعَمُونَهُ ويأتونَ الحرامَ الخبِيثَ فيَأْكُلونَه وَهُمُ الزُّناة، ورَأى أُناسًا يَشْرَبُونَ مِنَ الصّدِيدِ الخارِجِ مِنَ الزُّناةِ فقالَ لَهُ جِبْرِيلُ هؤلاءِ شَارِبُو الخَمْرِ المحرَّمِ في الدُّنيا.

هذا بعضُ ما رءاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في إِسرائِه وفيهِ لنَا عِبَرٌ كثيرةٌ نسألُ اللهَ تعالى أَنْ يجعَلَنا مِمَّنْ يَعْتَبِرُ مِنَ الآياتِ القُرءانيّةِ والسِّيرةِ النبويّةِ وأَنْ يُوَفِّقَنَا وإيَّاكُمْ إلَى الالتزامِ بِطاعَتِهِ واجْتِنَابِ معصِيَتِه فإِنَّهُ لا حولَ وَلا قوَّةَ إلا بهِ نعوذُ بهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إليهِ أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم.

الخطبةُ الثانيةُ

إنّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونَستغفرُه ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فلا مُضِلّ لهُ ومَن يُضلِلْ فلا هادِي لهُ، والصلاةُ والسلامُ على سَيِّدِنا محمدٍ الصادِقِ الوَعْدِ الأَمينِ وعلَى إِخوانِه النبيِّينَ وَالْمُرْسَلِين. وَرَضِيَ اللهُ عَنْ أُمَّهاتِ المؤمِنينَ خديجةَ وَحَفْصَةَ وعائِشَةَ الوَلِيَّةِ البَرَّةِ الطَّاهِرَةِ النَّقِيَّةِ الصَّالِحَةِ الْمُبَرَّأَةِ وَسَائِرِ أُمَّهاتِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الرِّجْسِ وءالِ البَيْتِ الطَّاهِرينَ وَعَنِ الخُلفاءِ الرَّاشدِينَ أبِي بكرٍ الصِّدِّيقِ وعُمَرَ الفَارُوقِ الذي يَجْرِي الحَقُّ علَى لِسانِه وَقَلْبِه وَمَنْ قالَ فيهِ الرسولُ مَا لَقِيَكَ الشيطانُ سَالِكًا فَجًّا إِلّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّك اهـ وعُثْمَانَ ذي النُّورَيْنِ وَعَلِىٍّ الكَرّارِ وعَنِ الأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِينَ أبِي حنيفَةَ ومَالِكٍ والشافِعِيِّ وأحمَدَ وعنِ الأولياءِ والصَّالحينَ أمَّا بعدُ عبادَ اللهِ فإِنِّي أوصيكُمْ ونفسِي بتَقوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ فاتقوه.

إِخْوةَ الإِيمانِ، هَا نَحْنُ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضانَ المبَارَكِ شَهْرِ العِبادَةِ العَظِيمَةِ فَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكونَ صِيامًا صَحِيحًا مَقْبُولًا مُسْتَوْفِيًا لِلْأَرْكَانِ التِي مِنْهَا الإِمْسَاكُ عَنِ الْمُفَطِّرَاتِ مِنَ الفَجْرِ إلَى الْمَغْرِبِ فَمَنْ أَكَلَ بعدَ الفَجْرِ عَامِدًا ذَاكِرًا لِلصِّيامِ بَطَلَ صَومُهُ وكذَا مَنْ أَفْطَرَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْس، وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ خَطَرُ الاعتِمَادِ علَى بَعْضِ الإِمساكياتِ التِي فِيهَا غَلَطٌ حَيثُ كُتِبَ فيهَا أَنَّ الصُّبحَ يَدْخُلُ بعدَ مُضِيِّ أَكْثَرَ مِنْ سَاعَةٍ علَى وَقْتِ دُخُولِه الحَقِيقِيِّ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ صَارَ يَنْقُلُ عَنِ الإِنْتَرْنِتْ وَيَطْبَعُ الإمساكياتِ مِنْ غَيْرِ تَحْقُّقٍ فَتَكُونُ سَبَبًا في إِفْسَادِ صَوْمِ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا فَقَدْ شُوهِدَ أَشْخَاصٌ يَأْكُلونَ بعدَ ظُهورِ ضَوْءِ الفَجْرِ وَيَقُولُونَ علَى ذِمَّةِ فُلانٍ فَهَلْ هَذَا يُنْجِيهِمْ؟

أَيُّهَا الأَحِبَّةُ قَدْ يَكُونُ بَيْنَكُمْ تُجَّارٌ يُرِيدونَ أَنْ يُوَزِّعُوا إمساكياتٍ بِأَسْمَاءِ مَحَلَّاتِهِمُ التِّجَارِيَّةِ أَوْ مَنْ يُريدُونَ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ عَنْ أَرْوَاحِ أَمْوَاتِهِمْ فَنَحْنُ مُسْتَعِدُّونَ لِطِبَاعَةِ إمساكياتٍ مَبْنِيَّةٍ علَى الْمُرَاقَبَةِ وهَذَا هُوَ الأَصْلُ في مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ دُخُولِ أَوْقَاتِ الصَّلاةِ وَنَأْخُذُ مِنْكُمْ سِعْرَ التَّكْلِفَةِ فَقَطْ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ خِدْمَةِ الْمُسْلِمينَ لِتَنْتَشِرَ بينَ النَّاسِ الإمساكياتُ الصَّحِيحَةُ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ فَلْيُعْلِمْنا بِذَلِكَ وَتَسْتَطِيعُونَ الحُصُولَ عَلَيْهَا في النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان.

واعلَموا أنَّ الله أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاة والسلام على نبيِّهِ الكريم فقال ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيهِ وَسَلِّمُواْ تَسلِيمًا ٥٦[2] اللهُمَّ صَلِّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ يقول الله تعالى ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُم إِنَّ زَلزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيءٌ عَظِيم ١ يَومَ تَرَونَهَا تَذهَلُ كُلُّ مُرضِعَةٍ عَمَّا أَرضَعَت وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَملٍ حَملَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيد ٢[3] اللهمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعاءَنا فَاغْفِرِ اللهمَّ لنا ذُنوبَنَا وإِسرافَنَا في أمرِنا، اللهمَّ اغفِرْ لِلمؤمنينَ والمؤمناتِ الأَحْياءِ منهم والأَمواتِ، اللهمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، اللهمّ ألْهِمْ نُفوسَنا تَقْوَاها وَزَكِّها أنْتَ خيرُ مَنْ زَكَّاها، أنتَ وَلِيُّها وَمَوْلاهَا، اللهمَّ إنّا نَعوذُ بكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ وَقَلْبٍ لا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجابُ لَها، ربَّنا ءاتِنَا فِي الدُّنيا حسنَةً وفِي الآخرَةِ حسنَةً وقِنَا عَذَابَ النارِ، اللهُمَّ اجعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غيرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللهمَّ استُرْ عَورَاتِنا وءامِنْ رَوْعاتِنَا واكْفِنَا ما أَهَمَّنا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ اللهمَّ اجْزِ الشيخَ عبدَ اللهِ الهررِيَّ رَحَمَاتُ اللهِ عليهِ عنَّا خَيْرا. عبادَ الله إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بالعَدْلِ والإِحسانِ وإِيتاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اذكُروا اللهَ العظيمَ يُثِبْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ.

 

[1] سورة الإسراء/1.

[2] سورة الأحزاب.

[3] سورة الحج.