الوضوءُ

إنَّ الحمدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ باللهِ من شُرورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَن لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ سُبْحَانَهُ لَا يَحْوِيهِ مَكَانٌ لَيْسَ حَجْمًا وَلَا شَكْلًا جَلَّ رَبِّي عَنْ صِفَاتِ الأَجْسَامِ وَعَنْ أَنْ يَكُونَ كَالْمَخْلوقَاتِ، وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ نَبِيُّ الهُدَى وَمِصْبَاحُ الدُّجَى. اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِه وَأَصْحَابِه الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرينَ.

أما بعدُ إخوةَ الإيمانِ أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ القَائِلِ في سورة الأحزابِ ﴿لَّقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَة لِّمَن كَانَ يَرجُواْ ٱللَّهَ وَٱليَوۡمَ ٱلأخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا ٢١﴾[1]. إخوةَ الإِيمانِ إِنَّ في سِيرةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأَفْعَالِهِ وعِبادَتِهِ الدُّرُوسَ العَظِيمَةَ النَّافِعَةَ لِدِينِ الْمُسْلِمِ. أَخِي الْمُؤْمِن، هَلْ سَأَلْتَ نَفْسَكَ إذَا مَا قُمْتَ لِلْوُضُوءِ، كَيْفَ كَانَ يَتَوَضَّأُ خَيْرُ الخَلْقِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. فقدْ رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ حُمْرَانَ أنَّ عُثْمَانَ دَعَا بِوَضُوءٍ، والوَضوءُ بِفَتْحِ الوَاوِ هُوَ الْمَاءُ الّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ، فَغَسَل عُثمانُ كَفَّيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ، وَالاسْتِنْثَارُ هُوَ إِخْرَاجُ مَا فِي الأَنْفِ مِنْ مُخَاطٍ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَيِّدُنَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وحدُّ الوجهِ أَحْبَابَنَا طُولًا مِنْ مَنَابِتِ شَعرِ الرَّأسِ غَالِبًا إلَى الذَّقَنِ وَهُوَ مُلْتَقَى اللَّحْيَيْنِ وَحَدُّهُ عَرْضًا مِنَ الأُذُنِ إلَى الأُذُنِ، وَالغَسْلُ لَا بُدَّ أَنْ يَعُمَّ الشَّعرَ والبَشَرَةَ في حَدِّ الوَجْهِ، ثُمَّ غَسَلَ عُثمانُ يَدَهُ اليُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ أَيْ مَعَ الْمِرْفَقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ اليُسْرَى مِثْلَ ذلك، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ لِأَنَّ مَسْحَ بَعْضِ الرَّأْسِ مِنْ أَرْكَانِ الوُضُوءِ وَلَوْ شَعرةً في حَدِّ الرَّأْسِ أَمَّا السُّنَّةُ فَهُوَ أَنْ يَمْسَحَ كُلَّ رَأْسِهِ كَمَا وَرَدَ عَنِ الرسولِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وَبَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ يُسَنُّ أَنْ يَمْسَحَ أُذُنَيْهِ كَمَا مَسَحَ الرَّسُولُ أُذُنَيْهِ بِمَاءٍ غَيْرِ الْمَاءِ الذِي مَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ، ثُمَّ غَسَلَ عثمان رِجْلَهُ اليُمْنَى إِلَى الكَعْبَيْنِ أَيْ مَعَ غَسْلِ الكَعْبَيْنِ وَهُمَا العَظْمَانِ النَّاتِئَانِ مِنْ جَانِبَيِ القَدَمَيْنِ، وَيَغْسِلُ بَيْنَ الأَصَابِعِ وَمَا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ شَعرٍ أَوْ قِطْعَةِ لَحْمٍ زَائِدَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ اليُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ وإنَّما قَدَّمَ اليُمْنَى علَى اليُسْرَى لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم “إِذا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ”، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَغَسَلَ ثَلَاثًا لِأَجْلِ السُّنَّةِ وإِلَّا فَمَرَّةٌ وَاحِدَةٌ تَكْفِي، ثُمَّ قَالَ سَيِّدُنا عثمانُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِيْ هَذَا. فهكذا كانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهَنِيئًا لِمَنِ اقْتَدَى بِرَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلم. اللهمَّ اجْعَلْنَا مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنَا مِنَ الْمُتَطَهِّرينَ. هذا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم.

الخطبة الثانية

إنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ ونستعينُه، وصَلَّى اللهُ علَّى مُحَمَّدٍ وَءالِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرينَ أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ؛ أُوصيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ. اللهمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعاءَنا فَاغْفِرِ اللهمَّ لنا ذُنوبَنَا وإِسرافَنَا في أمرِنا، اللهمَّ اغفِرْ لِلمؤمنينَ والمؤمناتِ الأَحْياءِ منهم والأَمواتِ، اللهم مَتِّعْنا بِأَسْمَاعِنا وأَبْصارِنا وَقُوَّتِنا واجْعَلْهُ الوَارِثَ منّا مَا أَحْيَيْتَنا، اللهمَّ لا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنا في دينِنا، ربَّنا ءاتِنَا فِي الدُّنيا حسنَةً وفِي الآخرَةِ حسنَةً وقِنَا عَذَابَ النارِ. عبادَ الله إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بالعَدْلِ والإِحسانِ وإِيتاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون. وَأَقِمِ الصلاة.

 

[1] الأحزاب/ءاية 21