احتفالات الإسراء المعراج2016




بمناسبة الإسراء والمعراج كان لجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية سلسلة من الاحتفالات والمحاضرات في عدد من المدن الألمانية ابتهاجا بهذه المناسبة العظيمة.

فتحت عنوان ” محمد رحمة للعالمين ” أقامت الجمعية أمسية تراثية مميزة في المركز الإسلامي الكبير مسجد عمر بن الخطاب في العاصمة برلين بحضور مدعويها يتقدمهم رئيس الجمعية الأستاذ حسن فخرو ولفيف من المشايخ والشخصيات الاجتماعية وممثلي جاليات وجمعيات وهيئات.

بدأت الأمسية بالترحيب بالضيوف و تلاوة عطرة من ءاي الذكر الحكيم. وقدمت الفرقة العمرية باقات عطرة من المدائح الرمضانية وتواشيح ذات الطابع التراثي بأسلوب متميز.

ثم ألقى رئيس الجمعية الأستاذ حسن فخرو كلمة جاء فيها:

 

الحمدُ للهِ اللطيفِ الخَبِير والصلاةُ والسلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلَان علَى نَبِيِّ الرَّحمة سَيدِنا وقائدِنا الأعظمِ رسولِ ربِّ العالمينَ مُحَمَّدِ بنِ عبدِ الله، وعلَى سَائِرِ إِخوانِهِ النَّبِيِّينَ والْمُرْسَلِين.

نُرَحِّبُ بِكُمْ جَمِيعًا أيُّهَا الأَحِبَّة في هَذَا الاحتِفَالِ الذِي نُقِيمُه وَنَحْنُ علَى أَعْتَابِ مُنَاسَبَةٍ إِسْلَامِيَّةٍ عَظِيمَة، ذِكْرَى الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاج نَتَأَمَّلُ في قولِ اللهِ تعالى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ ءايَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} كما نَتَأَمَّلُ في الحالةِ التِي كانَتْ سَائِدَةً قبلَ وُقُوعِ هذهِ المعجزَةِ العَظِيمَة التِي أَكْرَمَ بِها اللهُ سبحانَهُ وتعالَى نبيَّه الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم.

لقد كانَ العربُ قَبْلَ البِعْثَة يَتَّخِذُونَ الأَصْنَامَ ءَالِهَةً مِنْ دُونِ الله، وكانُوا قَبَائِلَ مُتَنَاحِرَةً مُتَنَازِعَةً يَنْتَشِرُ فيهِمُ الجَهْلُ والفَسْادُ والعَادَاتُ الْمُسْتَقْبَحَة كوَأْدِ البَنَات وَالطَّوَافِ حَوْلَ البَيْتِ عُرَاة، ثُمَّ بُعِثَ فِيهِمْ رَجُلٌ شَرِيفٌ كَرِيم مَا جَرَّبُوا عَلَيْهِ رَذِيلَةً وَاحِدَة، عَرَفُوهُ بِالصَّادِقِ الأَمِين، فَدَعَاهُمْ إلَى تَرْكِ عِبَادَةِ الأَصْنَام وَاتِّباعِ الدِّينِ الحَقِّ وَاسْتَعْمَلَ مَعَهُمُ البَراهينَ السَّاطِعَة والكلمةَ الليِّنةَ فقَابَلوهُ بِالصُّدودِ وَالتَّمَسُّكِ بِما كانَ عليهِ ءَابَاؤُهم.

لقد جاءَهُمْ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا فيهِ خَلاصُهُم وَنَجَاتُهُمْ وَفَلاحُهم لكنَّهُمُ اسْتَعْمَلُوا ضِدَّهُ النُّعُوتَ القَبيحَة وَقالُوا عنهُ سَاحِرٌ كَذَّاب وكانَ هذا الاستِكْبَارُ عَنْ قَبُولِ الحَقِ يَحْزُنُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ولكنَّ الرسولَ العظيمَ مَضَى في دَعْوَتِه وَلَمْ يُثْنِهِ عَنْهَا أَذَى مُفْتَرٍ أَفَّاك، وَلَمْ تُوقِفْهُ إِغْرَاءَاتٌ بِمِلْكٍ أَوْ مَال، فَهُوَ صَاحِبُ رِسَالَةٍ عَظِيمَة وَدَاعِيَةُ حَقٍّ وَهِدَايَة، اصْطَفَاهُ رَبُّهُ وَجَمَّلَهُ بِأَجْمَلِ الصِّفَاتِ وَأَدَّبَهُ بِأَحْسَنِ الأَدَبِ وَخَصَّهُ بِأَنْ جَعَلَهُ خَيْرَ الأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِين.

وجَاءَتْ مُعْجِزَةُ الإِسراءِ والمعراج تَأْيِيدًا مِنَ اللهِ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَدِلَالَةً أُخْرَى علَى عَظَمَةِ رِسَالَتِه وَصِدْقِ كَلِمَتِهِ وَحَقِّيَّةِ دَعْوَتِه. وَلَمْ يَكُنِ الإِسراءُ مِنَ المسجدِ الحَرامِ إلَى مَكَانٍ قَرِيب بَلْ إلَى مَكَانٍ يَقَعُ خَارِجَ الجزيرَةِ العَرَبِيَّة إلَى المسجدِ الأَقْصَى الذِي بَارَكَ اللهُ حَوْلَه وجمَعَ فيهِ لِنَبِيِّهِ المصطفى كُلَّ الأنبياء مِنْ لَدُنْ ءادمَ إلى عيسَى عليهِمُ الصَّلاةُ والسلامُ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ إِمَامًا.

وَرَغْمَ عَظَمَةِ هذهِ المعجزة وَعُمْقِ دِلَالَتِهَا علَى صِدْقِهِ علَيْهِ الصلاةُ والسلام أَبَى الْمُسْتَكْبِرُونَ أنْ يُؤْمِنُوا وَاسْتَمَرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في دَعْوَتِه العَظِيمَة وهاجَرَ إلى المدينَة المنورة وجاءَ نصرُ اللهِ وَالْفَتْح لِيَنْتَشِرَ الإسلامُ مِنْ بَعْدِهِ إلى خَارِجِ الجزيرةِ العربية فَاسْتَنَارَتِ الْمَدَائِنُ والأَمْصَارُ بِنُورِ الإِسْلام وعمَّ العَدْل والأمَان.

واليومَ ومعَ مُرورِ الزَّمان أَينَ نَحْنُ مِنَ الالْتِزَامِ الكَامِلِ بِتَعَالِيمِ النبيِّ عليهِ السلام لَقَدْ تَبَدَّلَتِ الأَحْوَال وسَادَ الخَوْفُ وَالاضْطِرَابُ وَالفِتَنُ في كَثِيرٍ مِنَ البِلَاد، أَبْرِيَاءُ يُقْتَلُون وَبُيوتٌ تُهَدَّمُ علَى رُؤُوسِ سَاكِنِيهَا وأَعْرَاضٌ تُسْتَبَاح فَنَسْأَلُ اللهَ تعالَى أَنْ يُفَرِّجَ الكُرْبَةَ وَيَرْفَعَ الغُمَّة.

نَحْنُ فِي زَمَنٍ ابْتَعَدَ فيهِ الكَثِيرونَ وَلِلأَسَفِ عمَّا أَوْصَى بِهِ الحبيبُ صَاحِبُ الذِّكرَى عليهِ صَلَوَاتُ اللهِ، والسَّبَبُ في ذلكَ الانشغِالُ بالدنيا ونِسْيَانُ الموتِ وَالآخِرَةِ مِمَّا يُؤَدِّي إلَى قَسْوَةِ القَلْبِ وَمَا نَرَاهُ مِنْ ضَعْفٍ وَهَوَانٍ وَنَكَبَاتٍ تُصيبُ مُجْتَمَعَاتِ المسلمينَ اليَوْمَ مَا هُوَ إِلّا بِسَبَبِ عَدَمِ التمسُّكِ بِالدِّينِ كَمَا يَجِبُ فعليكُمْ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ والصِّدْقِ وَالإِخلاصِ، وعليكُمْ بِعِلْمِ الدِّينِ فَإِنَّهُ مَنْجَاةٌ وَهُوَ الدَّلِيلُ علَى الفَلاحِ في الدُّنيَا والآخِرَةِ وَأَرْشِدُوا إليهِ أَهْلِيكُمْ بَناتِكُمْ وأَوْلَادَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ. وهذا المركَزُ مَفْتُوحٌ خِدْمَةً لَكُمْ فَأَقْبِلُوا إلَى مَجَالِسِ الخَيْر التِي يُذْكَرُ فِيهَا عَقيدَةُ أَهْلِ السنةِ والجماعةِ والمنهجُ الذِي كانَ عليهِ أصحابُ رسولِ اللهِ الأوائلُ رضوانُ اللهِ عليهِم وَنُحَذِّرُ فيهَا مِنْ دَسَائِسَ انْتَشَرَتْ بينَ النَّاسِ فَالسَّاكِتُ عَنِ الحقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ مُسْتَرْشِدِينَ فِي ذلكَ بِتَوجِيهاتِ الشَّيخِ عَبْدِ اللهِ الهررِيِّ رَحْمَةُ اللهِ عليهِ الذِي كَانَ عَلَمًا فِي الدِّفاعِ عَنِ الحقِّ ومُحَارَبَةِ البَاطِل……

أيُّها الحضُورُ الكَرِيم، إنَّنا نَشْهَدُ في هذِهِ الأَيَّامِ تَشْوِيهًا لِسُمعةِ الإسلامِ بسبَبِ تصَرُّفاتِ البَعْضِ الخاطِئَةِ، بينَمَا علَى المسلمِ أَنْ يَتَحَلَّى بالأخلاق الحسنة وأن لا يصدرَ مِنْهُ مَا يُنَفِّرُ عنِ الإِسلام وَعَلى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أَنْ يَعْمَلَ علَى تِبْيَانِ الوَجْهِ الصَّحيحِ وَذَلكَ بعدَ التَّعَلُّم، اقْتَدُوا بِالتُّجّارِ الْمُسْلِمينَ الّذينَ نَشَرُوا الإِسلامَ بِحُسْنِ خُلُقِهِمْ وصفَاءِ مُعامَلِتِهِمْ لِلنَّاسِ وَابْتِعَادِهِمْ عَنِ الغَشِّ والخِيانَةِ والغَدْرِ والرَّذَالة، فَلْنَكُنْ كذلكَ في تَعامُلِنَا مَعَ الجارِ، مَع صَاحِبِ العَمَلِ، معَ النَّاسِ فِي الطّريقِ وفِي الأَسْوَاقِ، في مُعاملاتِنا، في المدَارِسِ والجامِعاتِ وفِي كُلِ مَرَافِقِ المجتَمَعِ. إنَّ الإسلامَ دِينٌ عَظِيم يُرْشِدُ إلَى معالِي الأُمور وَمَكَارِمِ الأَخْلَاق فَلْنُظْهِرْ ذَلِكَ لِلنَّاس وَلْنُعَامِلْهُمْ وَلَوْ كانُوا غيرَ مُسْلِمينَ بِمَا يَقْتَضِيهِ شَرْعُنا، أَلَيْسُوا أَمَّنُوا لَكُمْ مَا تَسْكُنُونَ فِيهِ وَلَو كانَ كُوخًا، أليسُوا يُساعدونَكُمْ بِالمالِ وَالطِّبابَةِ وغيرِ ذلكَ فَعامِلُوهُمْ بِالصِّدْقِ لا بِالكَذِب بِالأَمَانَةِ لا بِالخِيانَةِ والغَدْر هذهِ تعاليمُ دينِنا.

أيها الأحبة لقد شاهدَ عليهِ الصلاةُ والسلام في طَريقِ إسرائِهِ عجائبَ وغرائِب لَها مَعَانٍ عَظِيمَةٌ لِمَنْ تَفَكَّرَ وَتَدَبَّر فَاعْتَبِرُوا وتَفَكَّرُوا، رأَى صُوَرًا لِمَا سَيَكُونُ يومَ القِيامَة لِكَيْ نَعْتَبِرَ قبلَ الفَواتِ وَالْمَمَات فَرَأَى حَالَ ءاكِلي الرِّبا وءاكِلي أموالِ اليَتَامى وخُطَبَاءِ الفِتْنَةِ ومانِعِي الزكاة وتارِكي الصَّلاة وشارِبِي الخَمر وَمُغْتَابِي النَّاس والْمُتَكَلِّمينَ بِكَلِمَةِ السُّوء فَهَنِيئًا لِمَنْ نَظَرَ وَاعْتَبَر هَنِيئًا لِمَنْ أَسْرَعَ قَبْلَ الْمَوْت فأَقْبَلَ علَى طَاعَةِ رَبِّه حافَظَ على صَلاتِه وَحَفِظَ لِسانَهُ وفَرْجَهُ وبَطْنَهُ وسَمْعَهُ وبصَرَهُ عَنِ الحرام وشكرَ رَبَّهُ علَى نِعَمِهِ.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وارْفَعْ رَايَتَنَا، وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدا وفَرِّجْ كُرْبَتَنَا، وَسَهِّلْ لَنَا طَرِيقَ والنَّجَاحِ والفَلاحِ في الدنيا والآخرة، إنَّكَ عَلَى كُلِ شَىءٍ قَدِير. والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته

وبعد صلاة المغرب ألقى كل من الشيخ الدكتور يوسف داود والشيخ ياسر داود كلمات عن معاني هذه المعجزة العظيمة. وبجو من الفرح والسرور تبادل الحضور التهاني والأماني سائلين الله تعالى التوفيق.