إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستهدِيهِ ونشكرُهُ ونستغفِرُهُ ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفسِنا ومنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لَهُ. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شرِيكَ لهُ ولا مثيلَ لهُ ولا جهةَ لهُ ولا فوْقَ ولا تحتَ ولا يمينَ ولا شِمالَ ولا أمامَ ولا خلفَ لهُ، أشهدُ أنَّ اللهَ على كلِّ شىءٍ قديرٌ وأنّهُ قدْ أحاطَ بكلِّ شىءٍ عِلمًا. وأشهدُ أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفيُّهُ وحبيبُهُ. اللهمّ صلِّ على سيِّدنا محمّدٍ صلاةً تقضي بها حاجاتِنا وتفرِّجُ بها كُرُباتِنا وتكفِيْنا بها شرَّ أعدائنا وسلِّمْ عليهِ وعلى ءالِهِ وإخوانِه النّبيِّينَ والمرسلينَ سلامًا كثيرًا.
أما بعدُ، فيقولُ ربُّ العِزَّةِ في مُحْكَمِ التّنْزيلِ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡس مَّا قَدَّمَتۡ لِغَد وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ ١٨﴾[1]. فاتّقوا اللهَ عبادَ اللهِ وَتَمَسَّكُوا بِكِتَابِ اللهِ العظيمِ الذي جاءَ فيهِ ﴿يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰت وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِير ١١﴾[2].
إخوةَ الإِيمانِ، لَقَدْ رَفَعَ اللهُ تَعَالَى دَرَجَةَ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِفَضْلِ العِلْمِ وَشَرَفِهِ فَعِلْمُ الدِّينِ هُوَ حَيَاةُ الإسلامِ، وعلمُ الدّينِ عَلَى قِسْمَيْنِ، قِسْمٌ يَجِبُ علَى كُلِّ مُكَلَّفٍ بِعَيْنِهِ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ وَقِسْمٌ إذَا قَامَ بِهِ البَعْضُ سَقَطَ الإِثْمُ عنِ البَاقِينَ، فَالثَّانِي هُوَ الفَرْضُ الكِفَائِيُّ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ هُوَ عَالِمٌ بِذَلِكَ بِحَيْثُ تَحْصُلُ الكِفَايَةُ، أَمَّا القِسْمُ الأَوَّلُ فَهُوَ الفَرْضُ العَيْنِيُّ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم “طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ” أَيْ وَمُسْلِمَةٍ رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ وَحَسَّنَهُ الحَافِظُ المزِّيُّ.
Continue reading الحث على طلب العلم وبيان الفرض العيني من علم الدين