إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونَشكُرُه ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ وَمَنْ يضلِلْ فلا هاديَ لَهُ. الحمدُ للهِ الذِي علَّمَ الإنسانَ ما لَمْ يعلَمْ ورَفَعَ شأنَ العُلماءِ علَى مَنْ دُونَهم فَلَا يَسْتَوُونَ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ الواحدُ الأحدُ الفَرْدُ الصَّمَدُ الذِي لم يتَّخِذْ صَاحِبةً ولا ولدًا، جلَّ ربِّي لا يشبهُ شيئًا وَلا يشبهُهُ شىءٌ ولا يحلُّ في شىءٍ ولا يَنْحَلُّ منهُ شىء، جلَّ ربِّي وتنزَّهَ عنِ الأَيْنِ والكَيْفِ والشَّكْلِ والصُّورةِ والحدِّ والجهةِ والمكانِ، ليسَ كمثلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السَّميعُ البصير. وأشهَدُ أنَّ سيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفِيُّهُ وحبيبُه الذِي أرشدَنا إلَى طريقِ الخيرِ والهُدَى وَالنُّور. وصَلَّى اللهُ على سيِّدِنا محمَّدٍ النبِيِّ الأمِّيِّ الذي علَّمَ النّاسَ الخيرَ وأرشدَهُمْ إلَى مَا فيهِ خيرُهم وصلاحُهم وفلاحُهم في الدُّنيا والآخِرَةِ وعلَى ءَالِه وصحابَتِه الطيَّبِينَ الطَّاهِرِينَ.
أمَّا بعدُ عبادَ اللهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ ونفسِي بتقوَى اللهِ العليِّ القَدِير. إخوةَ الإيمانِ إنَّ اللهَ تباركَ وتعالَى مدحَ العلماءَ في كتابِه العَزيزِ فقَالَ ﴿يَرفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُم وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلعِلمَ دَرَجَٰت وَٱللَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ خَبِير ١١﴾[1] وقال تعالى ﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلمَلَٰئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلعِلمِ قَائِمَا بِٱلقِسطِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ ١٨﴾[2] فَانْظُرْ أَخِي المؤمنَ كيفَ جَاءَ فِي الآيةِ ذِكْرُ اللهِ ثمَّ الملائكةِ ثمَّ أهلِ العِلْمِ ونَاهيكَ بهذَا شَرَفًا وفَضْلًا وَجَلاءً وَنُبْلًا.
ولم يجعَلِ اللهُ عزَّ وجلَّ العلماءَ كغيرِهم فأخبرَ أنهم لا يَسْتَوُونَ فقالَ عزَّ مِنْ قائِلٍ في سورة الزُّمَر ﴿قُل هَل يَستَوِي ٱلَّذِينَ يَعلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعلَمُونَ﴾[3] لا وَاللهِ لا يَسْتَوُون .. كيفَ يستَوِي العالمُ والجاهِلُ والعلماءُ العَامِلُونَ هُمْ أَخْشَى للهِ مِنْ غيرِهم ومَا الكرامَةُ عندَ اللهِ إِلّا بِالتَّقْوَى كمَا أخبرَ ربُّنا تبارك وتعالى في القرءانِ الكريمِ فقالَ ﴿إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ ٱللَّهِ أَتقَىٰكُم إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير ١٣﴾[4] ولا يكونُ المرءُ مِنَ المتَّقينَ إِلّا بِعِلْمِ مَا أَوْجَبَ اللهُ عليهِ فيُؤَدِّيهِ وعلمِ مَا حرَّمَ اللهُ فَيَجْتَنِبُهُ. كيفَ يَسْتَوِي العَالمُ والجاهِلُ ورَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقُولُ العُلَماءُ ورثَةُ الأَنْبِياءِ اﻫ وأيُّ شىْءٍ وَرِثَ العُلماءُ مِنَ الأنبياءِ إنّما ورِثُوا العِلمَ كمَا قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ وإنَّ الأنبياءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينارًا وَلا دِرْهَمًا إنَّما ورَّثُوا العِلْمَ فمَنْ أخَذَ بِهِ أخذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ اﻫ
Continue reading علمُ الدّينِ حياةُ الإسلامِ (الجزءُ الأول) الحثُّ علَى التَّعَلُّم