الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونستغفِرُهُ ونستَرْشِدُهُ ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفُسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مَثِيلَ لَهُ مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبالكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلكَ وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وأشهدُ أَنَّ سیدَنا وحبيبَنا وقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا محمدًا عَبْدُ اللهِ ورسولُه وصفيُّهُ وحبيبُه وخَلِيلُهُ. اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلَى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، أما بعدُ عبادَ اللهِ فَأُوصِي نَفْسِي وإياكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ فاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمُ القائِلَ في القرءان الكريم ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ٢﴾[1].
ليسَ مِنَ الغُلُوِّ القَوْلُ إِنَّ اللُّغةَ العربيةَ أَشْرَفُ اللُّغاتِ وَإِنَّها تَمْتَازُ بِجَمَالٍ وَسُهُولَةٍ وَاتِّسَاعٍ ليسَ في لغةٍ أُخْرَى مِنْ لُغَاتِ الأُمَمِ.
ولكنَّنا كَعَرَبٍ نَأْسَفُ أَنَّ أَكْثَرَنَا لا يُعْطِي اللُّغةَ العربيةَ الاهْتِمَامَ المطلُوبَ عِلْمًا أنَّه إذَا ضَعُفَ فَهْمُ أَبْنَائِنَا للُّغةِ العربيةِ أَدَّى ذلك إلى ضَعْفِهِمْ بِفَهْمِ معانِي ءاياتِ كِتابِ اللهِ وحديثِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأَقْوَالِ الأَئِمَّةِ فَيَضْعُفُ بِالتَّالِي فَهْمُهُمْ لِدينِ اللهِ.
وهَا نَحْنُ نَشْهَدُ اليَوْمَ جِيلًا لا يَعْرِفُ مِنَ العَربِيَّةِ إلَّا الاسْمَ، وصارَ كثيرٌ مِنَ العَرَبِ لا يَسْتَعْمِلُونَ الحَرْفَ العربيَّ في كِتابَاتِهِمْ وَلا في مُخَاطَبَاتِهِمْ بَلِ اسْتَبْدَلُوا ذلكَ بِمَا يُسَمُّونَهُ “لغةَ التشات” وترَكَوُا جَوَاهِرَ لُغَةِ الضَّادِ وَجَهِلُوا أَوْ تَنَاسَوْا أَنَّها اللغةُ التِي دعانَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى مَحَبَّتِها وَالاعْتِنَاءِ بِها، فَعَنْ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ أَحِبُّوا العَرَبَ لِثَلاثٍ لِأَنِّي عَرَبِيٌّ وَالقُرْءَانَ عَرَبِيٌّ وَكَلامَ أَهْلِ الجَنَّةِ عَرَبِيٌّ[2] اهـ
وَحَيْثُ كانَ الأَمْرُ هكذا فَمَا الذِي يَدْفَعُ كَثِيرًا مِنَ عَرَبِ اليومِ إلى الإِعْرَاضِ عَنِ العِنَايَةِ باللغةِ العربيةِ وهي اللغةُ التي نَزَلَ بِها الوَحْيُ على قَلْبِ أَفْضَلِ الْمُرْسَلِينَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وَبِها خَاطَبَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ قَوْمَهُ وَدَعَاهُمْ إلى الإيمانِ بَلْ هِيَ مِنَ اللُّغاتِ الأَصْلِيَّةِ التِي أَوْحَى اللهُ بِها إلى أَوَّلِ البَشَرِ ءادَمَ علَيْهِ السَّلامُ.