الكلمة التي ألقاها الأستاذ حسن فخرو في إفطار رمضان السنوي في مركز المشاريع ـ برلين 2015

بسم الله الرحمن الرحيمramadan-iftar2
الحمدُ للهِ ربِ العالمين والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ المرسلين سيدِنا محمدٍ النبيِ الطاهرِ الأمين
قالَ اللهُ تعالَى {شهرُ رمضانَ الذي أُنْزِلَ فيهِ القُرءانُ هُدًى للنَّاسِ وَبَيِنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَان}
وقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم “بُعْدًا لِمَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ”.
فِي دُعاءِ الْمُؤْمِنينَ عِبَارَةٌ تَتَرَدَّدُ علَى أَلْسِنَتِهِم وَتَخْفِقُ لَهَا قُلوبُهُم وَتَسْعَدُ بِمَعْنَاهَا أَرْوَاحُهم “اللهُمَّ أَحْيِنَا إلَى رَمَضَان وَارْزُقْنَا صِيامَهُ وَقِيَامَه”.
وها نحنُ اليومَ في شهرِ الُهَدى وَالخَير شَهْرِ الصِيامِ وَالقِيام .. لَيْلُهُ قِيَامُ العَابِدِين .. وَنَهَارُهُ صِيَامُ الطَّائِعين، فيهِ عِمَارَةُ الْمَسَاجِد وَاعْتِكَافُ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِد، فِيهِ جُودُ النُّفوسِ وَإِقْبَالُ القُلوبِ وَصِدْقُ العَزيمَةِ وَتَشْمِيُر السَّاعِد، فِي مَسَالِكِ الخيرِ لِلنَّاسِ مَدَارِج، وَإِلَى رُتَبِ كَمَالِ الأَحْوَالِ لِلزَّاهِدِينَ مَعَارِج، يَشْعُرُ فيهِ الفَقِيرُ بِحَنَانِ إِخْوَانِه، وَيُحِسُّ الغَنِيُّ بِحاجَاتِ جِيرانِه، وَيَتَأَلَّقُ في جِبَاهِ النَّاسِ وَوُجُوهِها وَأَكُفِهَا مِنْ معانِي “إِنَّما المؤمِنُونَ إِخْوَة” وءَاثَار “الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم” ويُحَارِبُ غَريزةَ الغَضَبِ وَشَهْوَةَ الانتِقَامِ بِسَيْف “اللهُمَّ إِنِي صَائِم” فَمَرْحَبًا بكُمْ فِي ظِلَالٍ مِنَ الرَّحَمَاتِ ظَلِيلَة وَأَفْيَاءٍ فَيْآنَة في رِحابِ شَهْرِ البَشَائِرِ وَالْمَنَائِر شهرِ الخيراتِ والبَركات خيرِ الشهورِ رَمضان.


أيها السادة .. فَرْحَتُنَا بِرَمَضَانَ كبيرَة إِلّا أَنَّ القَلْبَ مَعَ ذلكَ لَا يَخْلُو مِنْ غُصَّةٍ وَأَلَمْ لِمَا يَنْتَابُ أُمَّتَنَا مِنَ الآلَامِ وَالنَّكَبَات وَمَا يَتَقَاذَفُهَا مِنْ أَعاصِير وَيَتَهَدَّدُهَا مِنْ فِتَن نَسْأَلُ اللهَ أن يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الوَعْيِ وَاليَقَظَة وَمِنَ الذينَ لَا يَنْجَرُّونَ وَرَاءَ القَلاقِلِ والفِتَن.
دِينُنا لا شَكَّ عَظِيم وَهُوَ الذِي حَمَلَ لِلنَّاسِ العَدْلَ وَالْوَسَطِيَّةَ والاعْتِدَال، فَلَمْ نَغْتَرَّ فِي يَوْمٍ بِكُلِ أُولئِكَ الذِينَ يَتَسَتَّرُونَ بالعَنَاوينِ وَالشِعاراتِ الإسلامية وَهُمْ يُمَارِسُونَ القَتْلَ وَالإِجْرَامَ وَالتَّعَدّي وَيَحْسَبُونَهُ أَنَّهُ تَقَرُّبٌ إلَى الله وَجِهَادٌ يُوصِلُ إلَى الجَنَّة .
وكَمْ كانَ يُحَذِرُ مِنْ هَؤُلاءِ الْمُتَطَرِفين شيخُنا ومرشدُنا ذلكَ الوليُّ الصالِحُ والعَلّامَةُ الفَهَّامَة، رَحَمَاتُ اللهِ عليكَ أَيُّها الهَرَرِيُّ الكَبِير مَنْ أَرْسَيْتَ لَنَا وَأَرْشَدْتَنَا إلَى مَنْهَجِ السَّلَامَةِ وَالأَمَان .. مَنْهَجِ الاعتِدَالِ الذِي تسيرُ عليهِ جمعيةُ المشاريعِ الخيريةِ الإسلامية
أيها الأخوة والأصدقاء ..
مَا أَحْوَجَنَا فِي هذَا الزَّمَن إلَى رَصِ الصُّفوف لِبِنَاءِ مُجْتَمَعٍ سَلِيم وَالعَمَلِ علَى نُهُوضِه وازْدِهَارِه بِالْحِفَاظِ عَلَى أَمْنِه وأَمَانِهِ واسْتِقْرَارِه.
إنَّ أمامَنا تَحَدِياتٍ كَثِيرَة فلا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الكَتِفُ إلَى الكَتِف وأَنْ تَتَضَافَرَ الجهُودُ الصَّادِقَةُ وَالْمُخْلِصَةُ وَأَنْ تُزَالَ مِنَ النفوسِ كُلُّ الالتِباسَات وَالإِشْكَالِيَّات التِي تُشَرْذِمُ الصَّفَّ وَتُضْعِفُ البُنْيَان.
هذهِ دعوتُنا تَمَسُّكٌ باِلعقيدَةِ الدِينِيَّةِ الحَقَّة وَنَشْرُ العِلْمِ الشَّرْعِيِ الصَّافِي الذِي يُمَيِزُ المسلِمُ بهِ بينَ معنَى التَّدَيُّنِ وَالالْتِزَامِ وَالتَّمَسُّكِ وَبَيْنَ التَّطَرُّفِ وَالتَّنَطُّعِ وَالغُلُو، يميزُ بهِ المسلمُ بينَ معانِي الانْفِتَاحِ الوَاعِي وَالتَّقَدُّمِ النَّافِع وبينَ الانحِلالِ والانحِرافِ والتَّخَلِي والتَّفْرِيط، بهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ معنَى كَوْنِهِ مُسْلِمًا لَا يَتَنَاقَضُ بَلْ يَتَوَافَقُ مَعَ كَوْنِه عَامِلًا فِي نَفْعِ أَبْنَاءِ بَلَدِه، هَكذَا عَمِلَتْ جَمْعِيَّتُنا وهكذَا مَارَسَتْ وهكذَا اعتَمَدْنا مَصَادِرَ التَّشْرِيع لِنَنْتَسِبَ في كُلِ مَا نَعْتَقِدُهُ وَنُعَلِمُهُ ونُرْشِدُ إِلَيْه إلى سيدِنا محمدٍ حَبيبِ رَبِ العَالمين الذي جاءَ إلى الناسِ رَحْمَة وعاشَ بينَهُم هَادِيًا وأضاءَ الدنيا بِأَنْوَارِه وَصَفَاءِ هَدْيِهِ وَإِرْشَادِه.
أهلًا وسهلًا بكم في هذا الإفطارِ الرمضانِيِ الْمَشَارِيِعي وهو المناسَبَةُ اللطيفَة التي تَجْمَعُنَا بِكُمْ سَنَوِيًّا في هذا اللقاءِ العامِرِ بالخيرِ. وكل عامٍ وأنتم بخير