عصْمةُ الأنْبياءِ
أما بعدُ عبادَ اللهِ فإِنِّي أُوصيكُمْ ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العَزيزِ الحكيمِ القائِلِ في القرءانِ الكريم ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٠٢﴾[1] ولا يكونُ العبدُ مُتَّقِيًا للهِ إلا بِمَعْرِفَةِ اللهِ تعالى والإيمانِ بهِ ومَعْرِفَةِ رَسولِه صلى الله عليه وسلم والإيمانِ بهِ وَامْتِثَالِ أوامِرِه تعالَى كُلِّها واجْتِنَابِ مَناهِيه كُلِّها، وَلا سبيلَ إلَى مَعْرِفَةِ مَا أمَرَ اللهُ به ومَا نهى اللهُ عنهُ إلّا مِنْ طريقِ الأنبياءِ فهُمُ الْمُبَلِّغونَ عنِ اللهِ تبارك وتعالى خَلْقَهُ بِمَا يُحْيِيهِمْ ويُصْلِحُ أَمْرَ دِينِهم وَدُنْيَاهُم فَحَاجَةُ الخَلْقِ إلَى الأنبياءِ ضروريةٌ إذْ لا سَبِيلَ إلى مَعرفَةِ الطَّيِّبِ والخَبيثِ والصحيحِ والباطلِ ومَا يُنْجِي في الآخرةِ أو يُهْلِكُ إلّا علَى أَيدِي الأنبياءِ صلَواتُ اللهُ وسلامُه عليهِم، وَلَمّا كانَ هذا عملَ الأنبياءِ عليهمُ الصلاةُ والسلامُ وتلكَ وظيفَتَهم كانُوا مِنَ الكَمالِ وَعُلُوِّ المنزِلَةِ وَسُمُوِّ الْمَقَامِ في أَعْلَى مَراتِبِهِ لِيُقْبِلَ الناسُ عليهم ويتَلَقَّوْا منهُمْ أوامرَ اللهِ ويلتَزِمُوا مَا بَيَّنُوا لهم مِنَ الشَّرائِعِ والأَحكامِ والآدَابِ والأَخلاقِ، فَاصْطَفَى اللهُ الحكيمُ لِمَنْصِبِ النُّبُوَّةِ مِنَ البَشَرِ رِجالًا كُمَّلًا مِنْ أَوْسَطِ قومِهم نَسَبًا وأَحْسَنِهِمْ خِلْقَةً وَخُلُقًا فَحَفِظَهُمْ مِمّا يُنفِّرُ الناسَ عَنْ قَبولِ الدعوةِ منهم مِنْ عَاهَاتٍ جَسَدِيّةٍ أو أمراض منَفِّرَةٍ كبَرَصٍ وجُذَامٍ وخروجِ دودٍ مِنَ البَدن. وأمّا مَا يُرْوَى عن نبيِّ اللهِ أيوبَ أنَّ مرضَه كانَ بِحَيْثُ يخرجُ الدودُ مِنْ جَسدِه وأنهُ أَكَلَ جِسْمَهُ فَهُوَ غَيرُ صَحِيحٍ والناسُ يَنْفِرُونَ عَمَّنْ هذا حالُه واللهُ تبارك وتعالى لا يبتلِي نبيًّا مِنْ أَنبيائِه بِمَا يُنَفِّرُ الناسَ عنهُ وقد أَرْسَلَهُ لِيُبَلِّغَهُمْ دِينَه. وكذلكَ إخوةَ الإيمانِ حَفِظَ اللهُ تباركَ وتعالى أنبياءَه عنِ الرَّذالَةِ والسفاهةِ فليسَ بينَ الأنبياءِ مَنْ هُوَ رَذِيلٌ يَخْتَلِسُ النَّظَرَ إلى النساءِ الأجنبياتِ بِشَهْوَةٍ مثَلًا وَلا مَنْ هُوَ سَفِيهٌ يَشْتُمُ يَمِينًا وشِمَالا ومَا يَرْوِيهِ بَعضُ الناسِ عن نبيِّ اللهِ داودَ عليه السلامُ أنهُ نظرَ مَرَّةً فرأَى امرأَةَ قائِدِ جَيشِه تَغْتَسِلُ عارِيَةً فصارَ يَنْظُرُ إليهَا وَقَدْ أَعْجَبَتْهُ فَبَعَثَ زوجَها لِلقتالِ ليَأْخُذَ زوجتَه بَاطِلٌ غيرُ صحيحٍ كيفَ وهذَا مِمّا لا يَرْضَى أراذِلُ الناسِ أَنْ يُنْسَبَ إليهِم فكيفَ تصِحُّ نِسْبَتُهُ إلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنبياءِ اللهِ أَرْسَلَهُ رَبُّهُ عزّ وجلّ لِيُعَلِّمَ الناسَ مَكَارِمَ الأَخْلَاق. …
لماذا نحتفلُ بولادةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
أما بعدُ عبادَ اللهِ، فإِنِّي أُوصيكُمْ ونفسِي بتقوَى اللهِ العليِّ العظيمِ القائِلِ في كتابِهِ الكريمِ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلا سَدِيدا ٧٠ يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا ٧١﴾[1]
إخوةَ الإيمان، ماذَا عسَانا نقولُ مِنَ القَوْلِ السّديدِ في يَومِ مولدِ الحبيبِ سيدِنا محمد؟ يا رسولَ اللهِ أيّها الفَخْمُ الْمُفَخَّمُ والنبيُّ الْمُعَظَّمُ والحبيبُ الْمُكَرَّم .. يا صاحبَ الفَضْلِ علَى أُمَّتِكَ .. يَا مَنْ ءاثَرْتَ أُمَّتَكَ بِدَعْوَتِكَ التِي أَعْطَاكَ ربُّكَ فَقُلْتَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نبِيٍّ دَعْوَتَه[2] ولكنَّكَ اخْتَبَأْتَها شفَاعَةً لَهم فقلتَ وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَة اهـ وذلكَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِهِمْ وأنتَ كما وصفَكَ ربُّكَ في كتابِه ﴿بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوف رَّحِيم ١٢٨﴾[3] .. وأنتَ الذِي يُقالُ لكَ يومَ القِيامَةِ يَا محمّدُ سَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ وَأَنْتَ الذِي تَقُولُ أَيْ رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي[4] اﻫ .. وأَنْتَ الذِي أَرْشَدْتَ لِلْخَيْرِ، فَجَزَاكَ اللهُ عنْ هذِه الأُمَّةِ خيرَ الجزَاء. …
الإجماعُ وَالبِدْعَةُ الحسنَةُ والاحتِفالُ بِمَولِدِه صلى اللهُ عليه وسلم والتحذيرُ مما وردَ في كتابِ مولِدِ العَرُوس
إنَّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونَستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونَعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فلا مُضِلّ لهُ ومَن يُضلِلْ فلا هادِي لهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأشهدُ أنَّ سَيِّدَنا وحَبِيبَنا محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفِيُّهُ وخليلُه مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحمةً للعالَمينَ هادِيًا ومُبَشِّرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإِذْنِه وسراجًا منيرًا، بلَّغَ الرِّسالةَ وأدَّى الأمانَةَ ونَصحَ الأُمَّةَ فجزَاهُ اللهُ عنا خيرَ ما جزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيائِه، اللهمَّ صلِّ على سيِّدِنا محمدٍ وعلى ءالِه وأصحابِه الطَّيِّبينَ الطاهرين. وبعد عباد الله فإنِّي أوصيكُمْ ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ القَديرِ القَائِلِ في مُحكمِ كتابِه {وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ١١٥}[1] إخوةَ الإِيمانِ دَلَّتْ هَذِه الآيَةُ الكريمَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ النَّجاةَ علَيْهِ أَنْ يَلْتَزِمَ سبيلَ الْمُؤْمِنينَ أي ما أَجْمَعَ عليهِ عُلمَاءُ المسلمينَ وأَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذلك فجَزَاؤُهُ جهنَّمُ وبِئْسَ المصِيرُ وجاءَ في الحديثِ الْمَوقوفِ عنِ الصحابِيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بن ِمسعودٍ أنهُ قالَ مَا رَءَاهُ المسلِمونَ حسنًا – …
الأشاعرةُ والماتُريديةُ
أما بعدُ عِبادَ اللهِ أُوصِي نفسِي وأُوصِيكُمْ بِتقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظيمِ فَاتقُوهُ وأُوصِيكُمْ بِالثَّباتِ عَلَى نَهْجِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم والتِزامِ سبيلِ الْمُؤْمِنينَ يقُولُ اللهُ تعالَى في القُرءانِ الكَريمِ ﴿وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ١١٥﴾[1].
وقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في ما رَواهُ التِّرمِذِىُّ وغيرُهُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ معَ الوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثنَيْنِ أَبعَدُ فَمَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجنَّةِ فلْيلْزَمِ الْجَمَاعَةَ اﻫ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وَإِنَّ هذهِ الْمِلَّةَ سَتفْتَرِقُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ثِنتَانِ وَسَبعُونَ فِي النّارِ ووَاحِدَةٌ فِي الجنَّةِ وَهِىَ الجمَاعَةُ اﻫ أَىِ السَّوادُ الأَعْظَمُ أَىْ جُمهورُ الأُمَّةِ كَمَا فِي رِوَايةِ كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا السَّوَادَ الأَعْظَمَ. …