Category Archives: تعاليم إسلامية

الدليل العقلي على وجود الله

إنّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستَهْدِيهِ ونَشكُرُه ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لَهُ، الحمدُ للهِ الذِي خلق العُقولَ فنوَّرَ بَصائِرَ قَوْمٍ وَهَدَاهُمْ إلَى الحقِّ بِفَضْلِهِ وَأَعْمَى قُلوبَ ءاخَرِينَ فَأَضَلَّهُمْ بعَدْلِهِ. اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارِكْ وأكرِمْ وأنعِمْ علَى سيِّدِنا محمّدٍ وعلى ءالِه وأصحابِه الطّاهِرِين.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فإِنِّي أوصيكم ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظيمِ القائِلِ فِي كِتابِه الكَرِيم ﴿إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰتلِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ١٩٠ ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰما وَقُعُودا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلا سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ ١٩١﴾[1] إخوةَ الإيمانِ إنَّ مَنْ نَظَرَ في مَخْلُوقَاتِ اللهِ نَظَرَ تدَبُّرٍ وَتَفَكُّرٍ أَدْرَكَ بِعَقْلِهِ وُجودَ اللهِ تباركَ وتعالَى ووحدانيَّتَهُ وثُبوتَ قُدْرَتِهِ وإرادَتِهِ. وَنَحْنُ إخوةَ الإيمانِ مأمورونَ بِهَذَا التَّفَكُّرِ فَقَدْ وَرَدَ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ فِي هذهِ الآيةِ وَيْلٌ لِـمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا اﻫ[2] فإنَّ النَّظَرَ في مَخلوقاتِ اللهِ يَدُلُّ على وُجودِ الخالِقِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ. وقد قالَ عُلماءُ أَهْلِ السُّنَّةِ إنهُ يجبُ علَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَكُونَ في قَلْبِهِ الدَّليلُ الإِجماليُّ علَى وُجودِ اللهِ. فَالوَاحِدُ منّا إخوةَ الإيمانِ يَعْرِفُ مِنْ نَفْسِهِ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي وَقْتٍ مِنَ الأَوقاتِ ثُمَّ وُجِدَ وَخُلِقَ وَمَنْ كَانَ كذلكَ لا بُدَّ مُحتاجٌ إلَى مَنْ أَوْجَدَهُ بعدَ أَنْ لمْ يكنْ لأنَّ العَقْلَ السَّليمَ يَحْكُمُ بِأَنَّ وُجودَ الشَّىءِ بعدَ عدَمِهِ مُحْتَاجٌ إلَى مُوجِدٍ لَهُ وَهذَا الموجِدُ هُوَ اللهُ تَبارَكَ وتعالَى.

هذَا العالمُ مُتَغَيِّرٌ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ فَالهواءُ يَهُبُّ تارةً وَيَسْكُنُ تَارَة .. وَيسْخُنُ وَقْتًا ويَبْرُدُ فِي وَقْتٍ ءَاخَرَ .. وَتَنْبُتُ نَبْتَةٌ وَتَذْبُلُ أُخْرَى .. وَتُشْرِقُ الشمسُ منَ المشرِقِ وتَغْرُبُ فِي المغرِبِ .. وَتكونُ الشمسُ فِي وَسَطِ النهارِ بيضاءَ وفِي ءَاخِرِهِ صَفْرَاءَ فَكُلُّ هذهِ التغيُّراتِ تدُلُّ علَى أَنَّ هذهِ الأشياءَ حادِثَةٌ مَخْلُوقَةٌ لَهَا مُغَيِّرٌ غيَّرَها وَمُطَوِّرٌ طَوَّرَهَا، وَهَذِهِ الأَشياءُ أَجْزاءٌ مِنْ هذا العالَمِ فهذا العالَمُ مخلوقٌ حادثٌ مُحتاجٌ إلَى مَنْ خَلَقَهُ وَهُو اللهُ تعالَى.

فلَوْ قالَ مُلْحِدٌ لا يُؤْمِنُ بِوُجودِ اللهِ نَحْنُ لَا نَرَى اللهَ فكيفَ تُؤْمِنُونَ بوجودِه؟ يُقالُ لَهُ ـ وَانْتَبِهُوا إلَى الجَوابِ إخوةَ الإيمانِ ـ يُقالُ لَهُ إِنْ لَمْ تَكُنْ تراهُ فإِنَّ ءاثارَ فعلِه كَثيرَةٌ فوُجودُ هذَا العالَمِ وَمَا فيهِ مِنَ المخلوقاتِ دَلِيلٌ على وُجودِ اللهِ فَالكتابُ لا بُدَّ لَهُ مِنْ كَاتِبٍ والبِنَاءُ لا بدَّ لَهُ مِنْ بَنَّاءٍ وكذلكَ هذَا العالَمُ لا بدَّ لَهُ مِنْ خَالِقٍ خَلَقَهُ وأَوْجَدَهُ، وأمّا كونُكَ لا تَرَاهُ فليسَ دَلِيلا علَى عَدَمِ وُجودِهِ فَكَمْ مِنَ الأشياءِ الّتِي تُؤْمِنُ بِوُجودِها وَأنتَ لا تَراهَا وَمِنْ ذَلكَ عَقْلُكَ وَرُوحُكَ وأَلَمُكَ وَفَرَحُكَ.

Continue reading الدليل العقلي على وجود الله

حُكْمُ عَمَلِ فَحْصِ الكُورُونا (PCR) للصَّائِمِ

الحمدُ للهِ ربِّ العَالَمِينَ والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ اللهِ.

وَبَعدُ فَقدْ وَرَدَ إلينَا سُؤالٌ وَهَوَ ما حُكمُ عَمَلِ فَحْصِ الكُورُونا(PCR) للصَّائِم؟

فالجَوابُ أَنَّ إِدخالَ عَينٍ عَمْدًا ذاكِرًا للصَّوْمِ عالمًا بالتَّحريم مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتوحٍ إلى الْجَوْفِ أوِ الرَّأْسِ يُبْطِلُ الصَّومَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وعَلَيْهِ فإدخالُ ءالةِ الفَحْصِ إلى ما يُجاوِزُ الخَيْشُومَ(منتهى الأنف) أو إلى داخلِ الجُيُوبِ التي في الرَّأْسِ مِنَ الأنفِ مُفَطِّرٌ وكَذا إدخالُ الآلَةِ منَ الفَمِ إلى ما يُجاوِزُ مَخْرَجَ الحاءِ مِنَ الحَلْقِ، فإِنْ لم تصِلِ الآلَةُ إلى ما ذُكِرَ فلا يَفْسُدُ الصَّومُ.

أمَّا المَالِكِيَّةُ فيقولونَ إنَّ إدخالَ عَينٍ إلى الأنفِ لا يُؤَثّرُ على صحّةِ الصّومِ ولو جَاوَزَ الخَيْشومَ أو وَصَلَ إلى الجُيوبِ التي داخِلَ الرَّأسِ إلا ما وصَلَ إلى الحَلْقِ ولَو لم يَتعَدَّهُ إلى الجَوْفِ وعَليْهِ فالفحصُ المعتادُ من طَريقِ الأَنْفِ لا يفَطِرُ عندهم. وما كان مِنْ طَريقِ الفَمِ ووَصَلَ إلى مَخْرَجِ الحاءِ مِنَ الحَلْقِ فَهُوَ مُفْطِرٌ وَلَو لم يُجاوِزْهُ إلى الجَوْفِ.

Continue reading حُكْمُ عَمَلِ فَحْصِ الكُورُونا (PCR) للصَّائِمِ

استقبال رمضان

الحمدُ للهِ وكفَى والصلاةُ والسلامُ على المُصطَفَى وعلى ءالهِ وصَحْبهِ وبعد، شَهرُ الإحسانِ والمَبَرَّاتِ والطاعاتِ، شهرُ الزُّهدِ وقَطْعِ النَّفْسِ عنِ اتِّباعِ المُستَلَذَّاتِ والمستَحْسَناتِ.

نَستقبلُ هذا الشهرَ المباركَ وفي قلوبِنا إيثارُ الآخرةِ على الدنيا، كيفَ لا وفي الصحيحينِ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّمَ قالَ : مَنْ صَامَ رمضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقَّدَمَ مِنْ ذَنبه. من صام رمضان إيمانًا بالله ورضًا بفرضيَّةِ الصَّومِ عليهِ واحْتِسابًا لِثَوابِه وأَجْرِهِ، لم يَكُنْ كارِهًا لِفَرضِهِ ولا شاكًا في ثَوابِهِ وأَجْرِهِ، فإِنَّ اللهَ يَغْفِرُ لهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

وَفي صحيح مُسْلِمٍ عن أَبي هُريْرَةَ أَيضًا أنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ : الصَّلواتُ الخَمْسُ والجُمعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكَفِّراتٌ ما بَيْنَهُنَّ إذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَـائر.

نستقبلُ رمضانَ بالتَّوْبَةِ إلى اللهِ الرَّؤوفِ الرَّحيمِ التَّوابِ، فقد روى البُخارِيُّ في الصَّحيحِ مرفوعًا: مَنْ كان لأَخيهِ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ في عِرْضٍ أَوْ مالٍ فَلْيَسْتَحِلُّهُ اليَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يكونَ دينارٌ ولا دِرْهَمٌ.

فَمَنْ كانَ لأَخيهِ عندهُ مَظلمةٌ في عرضٍ أو مال كأن سَبَّهُ أو أكَلَ مالَهُ بغيرِ حقٍّ فَلْيُبَرِّئ ذِمَّتَهُ اليومَ قبل يومِ القِيامَةِ لأنَّه إنْ لم يُبْرِئ ذمتهُ في الدنيا قبل الآخِرَةِ لا ترُدُّ عنه الدَّراهم ولا الدنانير شيئًا. ﴿يَومَ يَفِرُّ ٱلمَرءُ مِن أَخِيهِ ٣٤ وَأُمِّهِۦ وَأَبِيهِ ٣٥ وَصَٰحِبَتِهِۦ وَبَنِيهِ ٣٦﴾ أي لا يلتفتُ الإنسانُ إلى أحَدٍ من أقارِبِهِ لِعِظَمِ ما هوَ فيهِ ﴿وَصَٰحِبَتِهِۦ﴾ أي زَوْجَتِهِ ﴿وَبَنِيهِ﴾ أي أبْنائِهِ ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ٣٧﴾ أي أنَّ لِكُلِّ واحدٍ حالاً يَشْغَلُهُ عَنِ النَّظرِ في حالِ غَيْرِهِ.

فإنْ كانَ ظَلَمَ يَفِرُّ منهُم يومَ القِيامَةِ لأَنَّهُ يعرِفُ أنَّ ذلكَ اليومَ يومُ عقابٍ وقصاصٍ لكن أينَ المَفَرُ؟!!
Continue reading استقبال رمضان

كيف يثبت رمضان

نَصَّ عُلماءُ المذاهِبِ الأَرْبَعَةِ أنّ الأصلَ في تَحديدِ أوّلِ رمضانَ هو أن يُراقبَ الهلالُ بعدَ غُروبِ شمسِ التاسعِ والعشرينَ من شعبانَ، فإذَا رُئِيَ الهِلالُ كانَ اليومُ التّالي أوَّلَ رَمضانَ وَإِذَا لَمْ يُرَ الهِلالُ يَكونُ اليومُ التّالِي الثلاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ والّذِي بعدَهُ هُوَ أَوَّلُ أَيّامِ رمضانَ وبيَّنُوا أنَّ العُمْدَةَ على هذَا وأنّه لا التِفاتَ إلى أَقْوَالِ الحُسَّابِ والفَلَكِيّينَ. Continue reading كيف يثبت رمضان