إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستعينُه ونَسْتَهْدِيهِ ونَسْتَغْفِرُهُ ونتوبُ إلَيه، ونعوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئاتِ أعمالِنا، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا شَبيهَ ولا مِثْلَ وَلا نِدَّ لَهُ، ولا حَدَّ ولا جسمَ وَلا أعضاءَ لَه، وأشهَدُ أن سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أَعيُنِنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورسولُهُ، اللهمّ صلِّ وسلِّمْ على سيدِنا محمّدٍ وعلَى ءالِه وصَفْوَةِ الأَصحَاب.
أما بعدُ عبادَ اللهِ فإِنّي أُوصيكُم ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ القائِلِ في مَعْرِضِ الامتِنَانِ علَى النّاس ﴿أَلَم نَجعَل لَّهُۥ عَينَينِ ٨ وَلِسَانا وَشَفَتَينِ ٩﴾[1] فَذَكَرَ نِعَمَهُ علَى الإِنسانِ بأن جعلَ له عَيْنَيْنِ يُبْصِرُ بِهِمَا المرئِيّاتِ وجَعَلَ لَهُ لِسانًا يُعَبِّرُ بهِ عمّا في ضميرِه وجعَلَ لَهُ شَفَتَيْنِ يَسْتُرُ بِهِمَا ثَغْرَهُ ويَسْتَعِينُ بِهما علَى النُّطقِ والأَكْلِ والشُّرْبِ والنَّفْخِ ﴿وَهَدَينَٰهُ ٱلنَّجدَينِ ١٠﴾[2] أَيْ طَرِيقَيِ الخيرِ والشَرِّ الْمُؤَدِّيَيْنِ إلَى الجنَّةِ وَالنَّار. قيلَ إنَّ هذهِ الآياتِ نَزَلَتْ فِي الوَلِيدِ بنِ المغيرَةِ أحدِ صنادِيدِ قُرَيْشٍ الذِي لَمْ يَرْعَ حقَّ اللهِ تعالَى فيهَا فغَمِطَ نِعَمَهُ فَلَمْ يَشْكُرْهَا وكفَرَ بِالْمُنْعِمِ.