إنَّ الحمدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا مَثِيلَ لَهُ وَلَا ضِدَّ وَلَا نِدَّ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيبَنا وَعَظِيمَنا وَقَائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه وَصَفِيُّهُ وَحَبِيبُه، هَذَا السَّيِّدُ الْمُفَخَّمُ الذِي عَلَّمَ الأُمَّةَ مَا فِيهِ صَلَاحُ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَرَسَّخَ لَهُمْ قَواعِدَ صَلاحِ دُنْيَاهُمْ وَمُجْتَمَعَاتِهِمْ فَأَوْصَى بِالجَارِ وَأَمَرَ بِالاهْتِمَامِ لِأَمْرِهِ غَايَةَ الاهتِمَامِ فَفِيهِ تَوْطِيدُ الرَّوَابِطِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ إِذْ مَا مِنَّا مِنْ أَحَدٍ إِلّا وَلَهُ جَارٌ. اللهمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنا محمدٍ وَعَلَى سَائِرِ إِخْوَانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ.
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ، فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ القَائِلِ في مُحْكَمِ كِتَابِهِ ﴿وَٱعبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشرِكُواْ بِهِۦ شيئا وَبِٱلوَٰلِدَينِ إِحسَٰنا وَبِذِي ٱلقُربَىٰ وَٱليَتَٰمَىٰ وَٱلمَسَٰكِينِ وَٱلجَارِ ذِي ٱلقُربَىٰ وَٱلجَارِ ٱلجُنُبِ﴾[1]
إِخْوَةَ الإِيمانِ في هَذِهِ الآيةِ أَمَرَ اللهُ تباركَ وتعالَى بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ وَأَنْ لا يُشْرَكَ بِهِ شَىْءٌ، وَفِي هَذِهِ الآيَةِ الأَمْرُ بالإِحسانِ لِلْوَالِدَيْنِ وَذِي القُرْبَى وَمُلَاطَفَةِ اليَتِيمِ وَإِعَانَةِ الْمِسْكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ الْمُنْقَطِعِ فِي سَفَرِهِ.
وفي الآيَةِ أَيْضًا تَوْصِيَةٌ بِالْجَارِ قالَ اللهُ تباركَ وتعالَى ﴿وَٱلجَارِ ذِي ٱلقُربَىٰ وَٱلجَارِ ٱلجُنُبِ﴾ أَيِ الجَارِ القَرِيبِ وَالجَارِ البَعِيدِ عَنْ دَارِكَ أَوِ الجَارِ الذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ وَالْجَارُ الغَرِيبُ.