Category Archives: خطب الجمعة

الله متفضل على عباده وليس واجبا عليه شىء

الحمدُ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونستغفِرُهُ ونستَرْشِدُهُ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ ولا مَثِيلَ لَهُ مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبالكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلكَ وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي البَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وأشهدُ أَنَّ سیدَنا وحبيبَنا وقائِدَنا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا محمدًا عَبْدُ اللهِ ورسولُه وصفيُّهُ وحبيبُه وخَلِيلُهُ أَرْسَلَهُ اللهُ بالهدَی وَدِينِ الحَقِّ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا ونذيرًا وَدَاعِيًا إلَى اللهِ بإذنِهِ وسِراجًا مُنِيرًا فَجَزَاهُ اللهُ خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ اللهمَّ صلِّ على سيدِنا محمدٍ وعلَى ءالِه وصحبِه الطيبينَ الطاهرينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإِحسانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، أما بعدُ عبادَ اللهِ فَأُوصِي نَفْسِي وإياكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَظِيمِ فاتقوا اللهَ ربَّ العالمين.

يقولُ اللهُ تعالى في القُرْءَانِ الكَريمِ في سُورَةِ الأَنْبِيَاءِ ﴿لَا يُس‍َلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُس‍َلُونَ ٢٣﴾. وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ قالَ رسولُ الله صلی الله عليه وَسلَّمَ قَارِبُوا وَسَدِّدُوا وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ. قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ قالَ وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ اهـ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

اعْلَمُوا أَيُّها الإِخْوَةُ أَنّهُ قَدِ اتَّفَقَتْ كَلِمَةُ أَهْلِ الحَقِّ علَى أَنَّ اللهَ تعالى لا يَجِبُ عليهِ شَىْءٌ فَهُوَ سُبْحَانَهُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ فَلَا ءَامِرَ وَلَا نَاهِيَ لَهُ، يَحْكُمُ في خَلْقِهِ بِمَا يُريدُ وَيَفْعَلُ في مِلْکِهِ مَا يَشَاءُ، يُعْطِي مَنْ يَشَاءُ ويَمْنَعُ مَنْ يَشَاءُ، فَكَمْ نَرَى مِنْ صَالِحٍ مُقَتَّرٍ عليهِ في الرِّزْقِ وَيَنْهَالُ عليهِ البَلاءُ كَالسَّيْلِ الجَارِفِ وَهُوَ ثَابِتٌ علَى طَاعَةِ اللهِ، وَكَمْ نَرَى مِنْ فَاسِدٍ فِي نَفْسِهِ مُفْسِدٍ في الأَرْضِ لا يُراعِي حَقًّا وَلَا يَفِي بِعَهْدٍ وَلَا يَحْفَظُ ذِمَّةً مَبْسُوطٌ لَهُ فِي الرِّزْقِ يَحْيَا في نَعِيمٍ قَدِ اغْتَرَّ بِمَتَاعِ الدَّنْيَا الزَّائِلَةِ وَأَغْرَاهُ الشيطانُ، وَكَمْ تَسَلَّطَ كَثِيرٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ علَى الرِّقابِ فَعَاثُوا بَغْيًا وَضَلَالًا وَكُلُّ ذلكَ لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا اللهُ الحَكِيمُ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَرِضَ علَى اللهِ إِذَا رَأَى مِثْلَ ذلكَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَرِضَ علَى اللهِ تعالَى إذَا رَأَى إِيلَامَ الأَطْفَالِ وَذَبْحَ البَهَائِمِ التِي أَحَلَّ اللهُ لَنَا الانْتِفَاعَ بِلُحُومِهَا.

ثُمُ إنَّ اللهَ لَا يَرْجُو ثَوابًا وَلَا يَخَافُ عِقَابًا وَلا يَجْتَلِبُ بِمَخْلُوقَاتِهِ نَفْعًا وَلَا يَدْفَعُ بِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ضُرًّا، أَمَّا نَحْنُ فَنَنْتَفِعُ وَنَتَضَرَّرُ بِحَسَبِ أَعْمَالِنَا فَمَنْ أَطَاعَ اللهَ نَفَعَ نَفْسَهُ وَمَنْ تَعَدَّى حُدُودَ اللهِ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَصَارَ مُسْتَحِقًّا لِعَذَابِ اللهِ الشَّدِيدِ.

Continue reading الله متفضل على عباده وليس واجبا عليه شىء

في الفتن

إنَّ الحمدَ للهِ نَحْمَدُهُ ونستعينُهُ ونَستَهْدِيهِ ونَشْكُرُهُ ونستغفِرُهُ ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سَيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَه ولا شبيهَ ولا مَثِيلَ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ له. وأشهدُ أنَّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفيُّهُ وحبيبُه، مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رحمةً للعالمينَ هادِيًا وَمُبَشِّرًا ونَذِيرًا فَصَلَّى اللهُ على سيدِنا محمّدٍ وعلى كلِّ رسولٍ أَرْسَلَه.

إخوةَ الإيمانِ أُوصيكم ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ بِأَدَاءِ مَا أَوْجَبَ علينَا وأَمَرَ وَاجْتِنَابِ مَا نَهى عنهُ وَزَجَرَ. أمّا بعدُ فَقَدْ أخبرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقُدُومِ الفِتَنِ لا مَحالَةَ وحَثَّ علَى الإسراعِ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قبلَ انْشِغَالِ القَلْبِ بِمَا يكونُ مِنَ الفِتَنِ فقالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ فيمَا رواهُ مسلمٌ بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللّيلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنيا اﻫ فَفِي هذَا الحديثِ حَثٌّ علَى الْمُبَادَرَةِ إلَى الأَعمالِ الصَّالحةِ قبلَ تَعَذُّرِهَا وَالاشْتِغَالِ عنهَا بِمَا يَحْدُثُ مِنَ الفِتَنِ الشَّاغِلَةِ الْمُتَكاثِرَةِ المتراكمةِ كتَراكُمِ ظَلامِ اللّيلِ الْمُظْلِمِ لا الْمُقْمِرِ. وَقَدْ وَصَفَ صلّى الله عليه وسلم نوعًا مِنْ شَدائِدِ تلكَ الفِتَنِ وَهُوَ أنَّ الشخصَ يُمْسِي مُؤْمِنًا ثُمَّ يُصْبِحُ كَافِرًا أَوْ عَكْسه، وَما ذاكَ إِخْوَةَ الإيمانِ إِلا لِعِظَمِ الفِتَنِ حتّى يَنْقَلِبَ الإنسانُ في اليَوْمِ الوَاحِدِ هذَا الانقِلاب. أعاذَنا اللهُ مِنْ ذلكَ. وفي روايةٍ لأبي داودَ إِنَّ بينَ يَدَيِ السّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ الليلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كافِرًا ويُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كافِرًا القاعِدُ فيهَا خيرٌ مِنَ القائِمِ والْمَاشِي فيهَا خيرٌ مِنَ السّاعِي فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ وَاضْرِبُوا سُيوفَكُمْ بِالحجارَةِ فإِنْ دَخَلَ ـــــــ يعنِي على أَحَدٍ مِنْكُمْ ـــــــــ فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ ءَادَمَ اﻫ أَيْ كَهَابِيلَ حيثُ قتَلَهُ أَخوهُ قَابِيلُ كمَا أَخْبَرَ تباركَ وتعالى عنهُما في سورةِ المائِدَة ﴿وَٱتلُ عَلَيهِم نَبَأَ ٱبنَي ءَادَمَ بِٱلحَقِّ إِذ قَرَّبَا قُربَانا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَم يُتَقَبَّل مِنَ ٱلأخَرِ قَالَ لَأَقتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلمُتَّقِينَ ٢٧ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِط يَدِيَ إِلَيكَ لِأَقتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلعَٰلَمِينَ ٢٨ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثمِي وَإِثمِكَ فَتَكُونَ مِن أَصحَٰبِ ٱلنَّارِ وَذَٰلِكَ جَزَٰؤُاْ ٱلظَّٰلِمِينَ ٢٩ فَطَوَّعَت لَهُۥ نَفسُهُۥ قَتلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُۥ فَأَصبَحَ مِنَ ٱلخَٰسِرِينَ ٣٠﴾ وفي روايةٍ لأبِي داودَ أيضًا إِنَّ بينَ أَيْدِيكُمْ فِتَنًا كَقِطَعِ الليلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرجلُ فيهَا مُؤمنًا ويُمْسِي كَافِرًا ويُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا القَاعِدُ فيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ والقَائِمُ فِيهَا خيرٌ مِنَ الْمَاشِي والماشِي فيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي قالُوا فمَا تأمُرُنا قالَ كونُوا أَحْلَاسَ بُيوتِكم اﻫ والأحلاسُ جَمْع حِلْس وَهُوَ الكِسَاءُ الذِي يَلِي ظَهْرَ البَعِيرِ تحتَ القَتَبِ والمعنَى الزَمُوا بُيوتَكُمْ وَلا تُشارِكُوا فيهَا وَمَا ذَاكَ إِلا لِعَظِيمِ حُرْمَةِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ ومَخافَةِ الانْجِرَارِ إلى أَنْ يَقَعَ الْمَرْءُ في ظُلْمٍ عَظِيمٍ. وَرَوَى أحمدُ في مُسْنَدِه عن سعيدِ بنِ زَيْدٍ قالَ ذكرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فِتَنًا كَقِطَعِ الليلِ المظلِمِ أُرَاهُ قالَ قَدْ يَذْهَبُ فيهَا النَّاسُ أَسْرَعَ ذَهَابٍ قالَ فَقِيلَ أَكُلُّهُمْ هالِكٌ أَمْ بَعْضُهُمْ قالَ حَسْبُهُمْ أَوْ بِحَسْبِهِمُ القَتْلُ اﻫ اللهُ يَعْصِمُنا مِنَ الانْجِرَارِ فِي الفِتَنِ وَرُكُوبِ الْمُوبِقَاتِ.

Continue reading في الفتن

شرحُ حديثِ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً

الحمدُ لله الذي أَكْمَلَ لنا الدِّينَ وَأَتَمَّ علَيْنَا النِّعْمَة، وجعلَ أمَّتَنا وللهِ الحمدُ خيرَ أُمّة، وبعثَ فينَا رَسولا مِنّا يتلُو علينَا ءاياتِه ويُزَكِّينَا ويُعَلِّمُنا الكتابَ والحِكمة. أحمدُه على نِعَمِهِ الجَمَّة؛ وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له شهادةً تكونُ لِمَنِ اعْتَصَمَ بِها خيرَ عِصْمَةٍ وأشهَدُ أن سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، أرسلَهُ للعالَمِينَ رَحْمَةً وفَرضَ عليهِ بيانَ ما أنزلَ إلينَا فأَوْضَحَ كُلَّ الأُمورِ المهمَّةِ فَأَدَّى الأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ صلَّى الله عليه وعلى ءاله وأصحابِه أولِي الفَضلِ والهِمّة.

أما بعد عبادَ اللهِ … فإنِّي أُوصِي نفسِي وإِياكُم بتقوى اللهِ العظيمِ والتزامِ نهجِ النبِيِّ الكريمِ والصَّبْرِ علَى البَلَاءِ والثَّبَاتِ علَى الهُدَى والتّوَكُّلِ على اللهِ والثِّقَةِ باللهِ:

أَلا بِالصَّبْرِ تَبْلُغُ مَا تُرِيد     وبِالتَّقْوَى يَلينُ لكَ الحَدِيد

رَوَى مُسلمٌ في صحيحِه عن أبِي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ قالَ رسولُ صلى الله عليه وسلم مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عنهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عليهِ في الدُّنيا والآخرَةِ ومَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سترَهُ اللهُ في الدُّنيا والآخرةِ واللهُ في عَوْنِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عونِ أخيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بهِ طَرِيقًا إلَى الجنّةِ اﻫ

فقولُه صلّى الله عليه وسلم من نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنيا نَفَّسَ اللهُ عنهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَة اﻫ هذَا يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الجزَاءَ مِنْ جِنْسِ العَمَل، وَالكُرْبَةُ هِيَ الشِّدَّةُ العظيمةُ التِي تُوقِعُ صاحِبَهَا فِي الكَرْبِ، وتَنْفِيسُها أَنْ يُخَفَّفَ عنهُ منها والتَّفريجُ أعظمُ مِنْ ذلكَ وهو أَنْ تُزالَ عنهُ الكُربَةُ فيَزُولُ هَمُّه وَغَمُّهُ، فَجَزَاءُ التَّنْفِيسِ التَّنْفِيسُ وجزاءُ التَّفْرِيجِ التَّفْرِيجُ.

وأخرجَ البيهقيُّ مِنْ حديثِ أنسٍ مرفوعًا أن رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ يُشْرِفُ يَوْمَ القِيَامَةِ علَى أَهْلِ النَّارِ، فَيُنَادِيهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَا فلان هَلْ تعرِفُني؟ فيقولُ لا واللهِ ما أعرِفُكَ مَنْ أَنْتَ؟ فيقولُ أنا الذِي مَرَرْتَ بِي في دَارِ الدُّنْيَا فَاسْتَسْقَيْتَنِي شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ فَسَقَيْتُكَ قالَ عرَفْتُ، قالَ فَاشْفَعْ لي بها عندَ ربِّكَ، قالَ فيَسْأَلُ اللهَ عز وَجَلَّ فَيَقُولُ شَفِّعْنِي فيهِ فَيُشَفَّعُ فِيهِ فَيَأْمُرُ بِهِ فَيُخْرَجُ مِنَ النَّارِ اﻫ

Continue reading شرحُ حديثِ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً

التحذير من عقاب الله والحث على إنكار المنكر وخصوصًا الكفر

إنَّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونَستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونَعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا ، مَنْ يَهْدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ ومَن يُضلِلْ فلا هادِيَ لهُ. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مَثِيلَ لَهُ، ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لَهُ، مَا شَاءَ اللهُ كانَ ومَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وأشهَدُ أَنَّ سيدَنا محمدًا عبدُهُ وَرَسُولُهُ وصَفِيُّهُ وحبيبُه، بَلَّغَ الرسالةَ وأَدَّى الأَمانَةَ ونَصحَ الأُمَّة. اللهم صَلِّ صلاةً كامِلَةً وسلِّمْ سَلامًا تَامًّا عَلَى سيِّدِنا محمدٍ الذِي تَنْحَلُّ بِهِ العُقَدُ وتَنْفَرِجُ بِهِ الكُرَبُ وتُقْضَى بهِ الحوَائِجُ وتُنَالُ بِهِ الرَّغائِبُ وحُسْنُ الخواتِيمِ ويُسْتَسْقَى الغَمَامُ بوَجْهِهِ الكَريمِ وعَلَى ءالِهِ وصحبِه الطَّيِّبينَ الطاهرينَ.

أما بعدُ فيَا عِبادَ اللهِ أُوصِيكُمْ ونَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ العلِيِّ القَديرِ القائِلِ في مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ ﴿فَليَحذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَن أَمرِهِۦ أَن تُصِيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصِيبَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ٦٣﴾[1]

أَيُّها العُقَلاءُ، أَيُّها الفُطَنَاءُ، يَا مَنْ تَنْبِضُ قُلُوبُهُمْ بِالفَهْمِ، يَا مَنْ شَاهدتُمُ القبورَ قبلَ دُخُولِها، وَسَمِعْتُمْ عَنْ عذابِها قبلَ حُضُورِها، يَا مَنْ عَايَنْتُمُ الموتَ يَتَخَطَّفُ أَقَارِبَكُمْ، يَا مَنْ سَمِعْتُمْ قِصَصَ عَذابِ بَعْضِ مَنْ قَبْلَكُمْ، وبَلَغَكُمْ سِيرَةُ الْمُتَّقِينَ، هَلْ تَبَصَّرْتُمْ بِمَا تَوَعَّدَ بهِ الخالِقُ العَظِيمُ مَنْ عَانَدَ وعَصَى وبِمَا أَعَدَّ لِمَنْ أَحْسَنَ التَّهَيُّؤَ لِيَوْمِ الدِّينِ؟

أَيُّها الأَحِبَّةُ لقَدْ أَنْزَلَ اللهُ القَوِيُّ العَزِيزُ العَذَابَ الشديدَ بِأَقْوَامٍ وذَلكَ بِظُلْمِهِمْ وطُغيانِهم، فقومُ نبيِّ اللهِ شُعَيْبٍ الذينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا وَرَدُّوا دعوتَهُ وعانَدُوهُ انْتَقَمَ اللهُ مِنْهُمْ وأَهْلَكَهُمْ أَجْمَعِينَ، يَقُولُ اللهُ عزَّ وجلَّ ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُم عَذَابُ يَومِ ٱلظُّلَّةِ إِنَّهُۥ كَانَ عَذَابَ يَومٍ عَظِيمٍ ١٨٩﴾[2] سَلَّطَ اللهُ عليهِمْ أيُّها الأحبابُ حَرًّا شَدِيدًا فهَرَبُوا مِنْ مَحَلَّتِهِمْ إلَى البَرِّيَّةِ فأظَلَّتْهُمْ سَحابَةٌ فنَادَى بعضُهُم بَعضًا فَاجْتَمَعُوا تَحتَها لِيَسْتَظِلُّوا بِظِلِّها فلَمَّا تَكامَلُوا فيهَا أرْسَلَها اللهُ العَزِيزُ القَوِيُّ عليهِمْ تَرْمِيهِمْ بِشَرَرٍ وَشُهُبٍ، وَرَجَفَتْ بِهِم الأرضُ وجاءَتْهُمْ صَيحَةٌ قَوِيَّةٌ مِنَ السماءِ فأَزْهَقَتْ أَرْوَاحَهُمْ واللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ.

Continue reading التحذير من عقاب الله والحث على إنكار المنكر وخصوصًا الكفر