Category Archives: خطب الجمعة

الهجرة النبوية

الحمدُ للهِ وكفى، وسلامٌ على عبادِه الذينَ اصطَفَى، الحمدُ للهِ الواحدِ الأحدِ الفردِ الصمدِ الذي لم يلدْ ولم يولدْ ولم يكن له كفُوا أحد، والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا وحبيبِنا وقائدِنا وقرّةِ أعينِنا محمدٍ. وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ الملكُ الحقُّ المبينُ وأشهدُ أنّ سيدَنا محمّدًا رسولُ اللهِ الصادقُ الوَعْدِ الأمينُ.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فإني أوصي نفسي وإياكم بتقوى اللهِ العظيمِ والسّيرِ على خُطَا رسولِه الكَريمِ، قالَ اللهُ تبارك وتعالى في القرءانِ الكَريم {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَد نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذ أَخرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثنَينِ إِذ هُمَا فِي ٱلغَارِ إِذ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحزَن إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُود لَّم تَرَوهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلعُليَا وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٤٠}[1].

Continue reading الهجرة النبوية

الإيمانُ باللهِ ورسولِه

الحمدُ للهِ الواحِدِ القَهَّارِ العزيزِ الغفّارِ مُكَوِّرِ اللَّيلِ على النهارِ تذكرةً لأُولِي القلوبِ والأَبْصَارِ وتبصرِةً لِذَوِي الأَلْبَابِ وَالاعتِبار وصلَّى اللهُ علَى سيدِنا محمدٍ وعلى ءالِه وصحبِه الطيِّبينَ الطَّاهِرينَ وَسلَّم، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأشهَدُ أنَّ سيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه وصفِيُّهُ وحبيبُه صلَّى اللهُ عليهِ وعَلى كلِّ رسولٍ أرسلَهُ مَنْ بَعثَهُ اللهُ رحمةً للعالَمينَ هادِيًا وَمُبَشِّرًا ونَذِيرًا بَلَّغَ الرسالةَ وأَدَّى الأمانةَ ونَصحَ الأُمّةَ فجزاهُ اللهُ عنّا خيرَ ما جزَى نبيًّا مِنْ أَنْبيائِه.

أمّا بعدُ عبادَ الله فإنّي أُوصيكُمْ ونفسي بتقوى اللهِ العليِّ العظيمِ القائلِ في مُحكمِ كِتابِه {وَمَن لَّم يُؤمِن بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ فَإِنَّا أَعتَدنَا لِلكَٰفِرِينَ سَعِيرا ١٣}[1] إخوةَ الإيمانِ إنَّ مِمّا يجبُ علَى الْمُكَلَّفينَ الإيمانَ باللهِ ورسولِه وهو أَصْلُ الوَاجباتِ وأفضَلُها وأَعلاهَا وأَوْلاهَا فأَمَّا الإيمانُ بِاللهِ فهو الاعتِقادُ الجازِمُ بوجودِه تعالَى علَى ما يليقُ بهِ فهو تعالَى موجودٌ لا شكَّ في وُجودِه موجودٌ بِلا كيفيَّةٍ ولا كَمِّيَّةٍ ولا مَكانٍ وَلا جِهة، وأمّا الإيمانُ برسولِه محمدٍ صلى الله عليه وسلم فهو الاعتقادُ بِأنَّ محمدَ بنَ عبدِ اللهِ هو رسولُ اللهِ إلى الإنسِ والجنِّ وأنهُ صادقٌ في كُلِّ مَا يُبَلِّغُه عنِ الله.

فمعرفةُ اللهِ تعالى معَ إفرادِه بِالعبادةِ أي نهايةِ التّذَلُّلِ هي أعظَمُ حُقوقِ اللهِ تعالى علَى عبادِه فمعرِفَتُنا نحنُ باللهِ ليسَتْ علَى سَبِيلِ الإحاطةِ بل بِمعرفَةِ ما يجبُ للهِ تعالَى كوُجوبِ قِدَمِه تعالَى أي أزَلِيَّتِه ووُجوبِ وَحدانيَّتِه وعلمِه بِكُلِّ شىءٍ ومُخالَفَتِه للمخلوقاتِ وتنْزيهِه عمّا يستحيلُ عليهِ تعالى كاستِحالةِ الشّريكِ لهُ والحدِّ أَي الحجمِ والشكلِ والصورةِ والتحيُّزِ في المكانِ والجهةِ ومعرفةِ ما يجوزُ في حَقِّه تعالَى كخَلْقِ شَىءٍ وَتَرْكِه، فقد قالَ الإِمامُ الرِّفاعيُّ رضيَ اللهُ عنه غايةُ المعرِفَةِ بِاللهِ الإِيقانُ بوُجودِه تعالَى بِلا كَيْفٍ وَلا مَكَانٍ اﻫ أَيْ أَنَّ أَقْصَى مَا يَصِلُ إليهِ العَبْدُ مِنَ المعرفةِ بِاللهِ الاعتِقادُ الجازِمُ الذِي لا شكَّ فيهِ بِوجودِ اللهِ تعالَى بلا كيفٍ ولا مَكان، فقولُه بِلا كيفٍ صَريحٌ في نَفْيِ الجِسْمِ والحَيِّزِ والشَّكْلِ وَالحرَكةِ والسُّكونِ والاتِّصالِ والانفِصالِ والقُعودِ عنهُ تعالى فالكيفُ يَشْمَلُ كلَّ ما كانَ من صفاتِ المخلوقينَ فمَنْ أيقَنَ بأنَّ اللهَ موجودٌ بِلا كيفٍ ولا مَكانٍ فقد وصلَ إلى غايةِ ما يبلُغُ الإنسانُ من معرفةِ اللهِ تباركَ وتعالى. ومعرفَةُ رسولِه صلى الله عليه وسلم تكونُ بِمَعْرِفَةِ ما يَجِبُ لِلأَنْبياءِ مِنَ الصِّفاتِ ومَا يستحيلُ عليهِمْ ومَا يجوزُ في حَقِّهِم.

Continue reading الإيمانُ باللهِ ورسولِه

التحذيرُ مِنْ مَسَبَّةِ الله

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستعينُه ونَسْتَهْدِيهِ ونَسْتَغْفِرُهُ ونتوبُ إلَيه، ونعوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئاتِ أعمالِنا، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا شَبيهَ ولا مِثْلَ وَلا نِدَّ لَهُ، ولا حَدَّ ولا جسمَ وَلا أعضاءَ لَه، وأشهَدُ أن سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أَعيُنِنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورسولُهُ، اللهمّ صلِّ وسلِّمْ على سيدِنا محمّدٍ وعلَى ءالِه وصَفْوَةِ الأَصحَاب.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فإِنّي أُوصيكُم ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ القائِلِ في مَعْرِضِ الامتِنَانِ علَى النّاس ﴿أَلَم نَجعَل لَّهُۥ عَينَينِ ٨ وَلِسَانا وَشَفَتَينِ ٩﴾[1] فَذَكَرَ نِعَمَهُ علَى الإِنسانِ بأن جعلَ له عَيْنَيْنِ يُبْصِرُ بِهِمَا المرئِيّاتِ وجَعَلَ لَهُ لِسانًا يُعَبِّرُ بهِ عمّا في ضميرِه وجعَلَ لَهُ شَفَتَيْنِ يَسْتُرُ بِهِمَا ثَغْرَهُ ويَسْتَعِينُ بِهما علَى النُّطقِ والأَكْلِ والشُّرْبِ والنَّفْخِ ﴿وَهَدَينَٰهُ ٱلنَّجدَينِ ١٠﴾[2] أَيْ طَرِيقَيِ الخيرِ والشَرِّ الْمُؤَدِّيَيْنِ إلَى الجنَّةِ وَالنَّار. قيلَ إنَّ هذهِ الآياتِ نَزَلَتْ فِي الوَلِيدِ بنِ المغيرَةِ أحدِ صنادِيدِ قُرَيْشٍ الذِي لَمْ يَرْعَ حقَّ اللهِ تعالَى فيهَا فغَمِطَ نِعَمَهُ فَلَمْ يَشْكُرْهَا وكفَرَ بِالْمُنْعِمِ.

Continue reading التحذيرُ مِنْ مَسَبَّةِ الله

صفاتُ اللهِ الثَّلاثَ عَشْرَةَ

إنَّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يهدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وأشهدُ أَنْ لَا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَهُ وأشهدُ أنَّ سَيِّدَنا وحَبِيبَنا محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفِيُّهُ وحبيبُه صلّى الله تعالى على محمدٍ وعلى ءالِه وصحبِه وسَلَّمَ أما بعدُ عبادَ اللهِ فَإِنِّي أوصيكُمْ ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العظيمِ القائلِ في مُحْكَمِ كِتابِه ﴿فَٱعلَم أَنَّهُۥ لَا إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱستَغفِر لِذَنبِكَ وَلِلمُؤمِنِينَ وَٱلمُؤمِنَٰتِ وَٱللَّهُ يَعلَمُ مُتَقَلَّبَكُم وَمَثوَىٰكُم ١٩﴾[1].

يا عبادَ اللهِ .. عِبَادَةُ ربِّكُمْ تكونُ بِمعرفةِ اللهِ .. واعتقادِ حَقِّيَّةِ المعرفةِ واقتِرانِ ذلكَ بِتَعْظِيمِه علَى مَا يَلِيقُ بِاللهِ .. والانقيادِ لِأَمْرِه بِطَاعَتِهِ واجْتِنَابِ مَا نَهى عنه .. عبدُ اللهِ يعرفُ اللهَ .. وهذهِ المعرِفَةُ لا تكونُ مَعْرِفَةَ إِحَاطَةٍ بِذَاتِ رَبِّكُمْ بَلْ بِمعرفةِ مَا وَصَفَ بِه ذاتَه مِنَ الصِّفات .. عبدُ اللهِ مَخْلوقٌ وإِدْرَاكاتُه مَخْلُوقَةٌ وعَقْلُهُ مَهْمَا اتَّسَعَتْ مَدَارِكُهُ لَهُ حَدٌّ يَقِفُ عندَه .. فَاعْرِفُوا رَبَّكُمْ وَاعْبُدُوهُ واللهُ العظيمُ يقولُ ﴿فَٱعلَم أَنَّهُۥ لَا إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱستَغفِر لِذَنبِكَ وَلِلمُؤمِنِينَ وَٱلمُؤمِنَٰتِ﴾ العِلمُ باللهِ مُقَدَّمٌ علَى العَمَلِ، فَاعْلَمْ ثُمَّ اسْتَغْفِرْ، هكذا معنَى ما جاءَ في القُرءانِ .. واللهُ العظيمُ يقولُ ﴿هَل أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ ١٥ إِذ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِٱلوَادِ ٱلمُقَدَّسِ طُوًى ١٦ ٱذهَب إِلَىٰ فِرعَونَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ ١٧ فَقُل هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ ١٨ وَأَهدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخشَىٰ ١٩﴾[2] فدَلَّنا هذَا إلى أَنَّ الهدايَةَ هيَ سبيلُ الخَشْيَةِ .. مَنْ عَرَفَ اللهَ ينبغِي أن يُؤَدِّيَهُ ذلكَ إلى الخشيةِ مِنْهُ .. فاعرِفوا اللهَ يا عبادَ اللهِ وَاخْشَوْهُ وَاتَّقُوهُ حَقَّ تُقاتِه .. الجاهِلُ بِرَبِّهِ لا يَعرفُ تَعْظِيمَهُ .. الجاهِلُ بربِّه لا يعرفُ كيفَ يُطيعُه.

Continue reading صفاتُ اللهِ الثَّلاثَ عَشْرَةَ