الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، الحمدُ للهِ الذى جعلَ لنَا اللسانَ لِنَسْتَعِينَ بهِ علَى مَصالِحِ دُنيانا وءاخِرَتِنا وعلَى الكَلامِ لِنُعْرِبَ بهِ عَنْ حَاجَاتِنا، مَنْ أَحْسَنَ اسْتِخْدَامَهُ غَنِمَ وَمَنْ أَسَاءَ خَسِرَ ونَدِم، ونعوذُ بالله مِن شرورِ أنفسِنا ومِن سَيّـئاتِ أعمالِنا، مَن يَهْدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ومَن يُضْلِلْ فلا هادِىَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له. وأشهدُ أن سيدَنا وقائدَنا وعظيمَنا وقرةَ أعيُنِنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه وخَليلُه. اللهمَّ صَلِّ وسلِّمْ وأَكْرِمْ وأَنْعِمْ وبارِكْ علَى بَدْرِ التمامِ ومِصْبَاحِ الظَّلامِ وشَمْسِ دِينِ الإسلامِ سيدِنا محمدٍ وعلَى جميعِ إخوانِه النَّبِيِّين.
أما بعدُ عبادَ اللهِ، فأُوصِى نفسِي وأُوصيكُمْ بتَقْوى اللهِ العَلِىِّ العَظيمِ أَلَا فَاتَّقُوهُ وخَافوهُ ولسانكم عنِ الشَّرِّ احْفَظُوهُ فإنَّ اللهَ تعالى يقولُ فِى القُرْءَانِ الكَرِيم ﴿مَا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيد١٨﴾[1].
اعلموا إخوةَ الإيمانِ أنَّنا مَسْؤُولونَ يومَ القيامةِ عن ما نقولُ ونفعلُ ونَعتقدُ قالَ اللهُ تعالى ﴿يَوۡمَ تَشۡهَدُ عَلَيۡهِمۡ أَلۡسِنَتُهُمۡ وَأَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٢٤﴾[2] وعن أبِى هريرة رَضِىَ اللهُ عنهُ قالَ قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ[3] اهـ معنَى هذا الحَديثِ أنهُ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ الإيمانَ الكاملَ الـمُنْجِىَ مِنْ عَذَابِ اللهِ الـمُوصِلَ إلى رضوانِ اللهِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أو لِيَصْمُتْ لأنَّ مَنْ ءامنَ باللهِ الإيمانَ الكامِلَ خَافَ وَعِيدَهُ وَرَجَا ثَوَابَهُ وَاجْتَهَدَ فِى فِعْلِ مَا أَمَرَهُ بهِ وَتَرْكِ مَا نَهاهُ عَنْهُ، وَمِنْ ذلكَ ضَبْطُ جَوارِحِهِ التِى هِىَ رعاياه.