Category Archives: تعاليم إسلامية

صفاتُ اللهِ الثَّلاثَ عَشْرَةَ -يومُ عَرَفَة-

إنَّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونَستعينُهُ ونَستهدِيهِ ونشكُرُه ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا مَنْ يهدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وأشهدُ أَنْ لَا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَهُ وأشهدُ أنَّ سَيِّدَنا وحَبِيبَنا محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفِيُّهُ وحبيبُه صلّى الله تعالى على محمدٍ وعلى ءاله وصحبِه وسَلّمَ أما بعدُ عبادَ اللهِ فَإِنِّي أوصيكُمْ ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العظيمِ القائلِ في مُحْكَمِ كِتابِه {فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ ١٩}[1].

يا عبادَ اللهِ .. عِبَادَةُ ربِّكُمْ تكونُ بِمعرفةِ اللهِ .. واعتقادِ حَقِّيَّةِ المعرفةِ واقتِرانِ ذلكَ بِتَعْظِيمِه علَى مَا يَلِيقُ بِاللهِ .. والانقيادِ لأمرِه بِطاعتِه واجتنابِ ما نَهى عنه .. عبدُ اللهِ يعرفُ الله .. وهذهِ المعرِفَةُ لا تكونُ معرفةَ إِحَاطَةٍ بذَاتِ رَبِّكُمْ بَلْ بِمعرفةِ مَا وَصَفَ بِه ذاتَه مِنَ الصِّفات .. عبدُ اللهِ مَخْلوقٌ وإِدْرَاكاتُه مَخْلُوقَةٌ وعَقْلُهُ مَهْمَا اتَّسَعَتْ مَدَارِكُهُ لَهُ حَدٌّ يَقِفُ عندَه .. فَاعْرِفُوا رَبَّكُمْ وَاعْبُدُوهُ واللهُ العظيمُ يقولُ {فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ} العِلمُ باللهِ مُقَدَّمٌ علَى العَمَلِ، فَاعْلَمْ ثُمَّ اسْتَغْفِرْ، هكذا معنَى ما جاءَ في القُرءانِ .. واللهُ العظيمُ يقولُ {هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ ١٥ إِذۡ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوًى ١٦ ٱذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ ١٧ فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ ١٨ وَأَهۡدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخۡشَىٰ ١٩}[2] فدَلَّنا هذَا إلى أَنَّ الهدايَةَ هيَ سبيلُ الخَشْيَة .. مَنْ عَرَفَ اللهَ ينبغِي أن يُؤَدِّيَهُ ذلكَ إلى الخشيةِ مِنْهُ .. فاعرِفوا اللهَ يا عبادَ اللهِ وَاخْشَوْهُ وَاتَّقُوهُ حَقَّ تُقاتِه … عِزُّ العبادِ بعبادَةِ رَبِّهم والعِبادَةُ لا بد أن تكونَ بعدَ المعرِفَةِ .. الجاهِلُ بِرَبِّهِ لا يَعرفُ تعظيمَه .. الجاهِلُ بربِّه لا يعرفُ كيفَ يُطيعُه .. إنّما يَخْشَى اللهَ مِنَ عبادِه العُلَمَاءُ.

معرفةُ ربِّكُمْ تحصُلُ بمعرفَةِ ثلاثَ عَشْرَةَ صفَةً ذُكِرَتْ في القرءانِ كثيرًا وفي السُّنّةِ كثيرًا وَرَدَّدَهَا المسلِمونَ حيثُ كانُوا كثيرًا ولا بدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ أنّها صِفَاتُ رَبِّ العالمينَ ولا بُدّ مِنْ عِلْمِ أَنَّها لا تُشْبِهُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِين.

Continue reading صفاتُ اللهِ الثَّلاثَ عَشْرَةَ -يومُ عَرَفَة-

أَحْكَامُ الحَجِّ

الحمدُ للهِ نحمدُه ونستغفرُه ونستعينُه ونستهديهِ ونشكرُه، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفُسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهُوَ المهتد وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ. وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ولا مثيلَ له ولا ضِدَّ ولا نِدّ له، وَلا شكلَ ولا صورةَ ولا أعضاءَ لهُ، ولا حَيِّزَ ولا جهةَ ولا مكانَ له، جَلَّ رَبِّي لا يُشبِهُ شيئًا ولا يشبهُهُ شىءٌ ولا يَحلُّ في شَىءٍ ولا يَنْحَلُّ منهُ شىء، ليسَ كمثلِه شىءٌ وَهُوَ السميعُ البصيرُ. وأشهدُ أنّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرّةَ أعينِنَا محمّدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه بلّغَ الرسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونصحَ الأُمَّةَ فجزَاهُ اللهُ عنَّا خيرَ مَا جَزَى نبيًّا مِنْ أنبيائِهِ. اللهمَّ صَلِّ وسلِّمْ وأَكْرِمْ وأَنْعِمْ علَى سيدِنا محمّدٍ الْمُعَلِّمِ وعلَى ءَالِه وأصحابِه الطّاهرينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ. أما بعدُ عبادَ اللهِ اتّقُوا اللهَ واستَقِيمُوا علَى هُدَاهُ واذْكُروا قولَهُ تعالَى في مُحْكَمِ التنْزِيلِ ﴿ٱلۡحَجُّ أَشۡهُر مَّعۡلُومَٰت فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡر يَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ ١٩٧﴾[1]

أيّها الأحبّةُ المسلمونَ نحنُ اليومَ فِي أشهرِ الحجِّ المباركِ والمشتاقونَ لزيارةِ البيتِ الحرَامِ وزيارةِ قبرِ النبِيِّ محمدٍ عليهِ الصلاةُ والسلامُ قَدِ امْتَلأَتْ أَفْئِدَتُهُمْ شَوْقًا لِتِلْكَ الزِّيارَةِ الطيِّبةِ، فَفِي مِثْلِ هذهِ الأيّامِ تتأَجَّجُ مشاعِرُ المسلِمينَ ويَشْتَدُّ حَنِينُهُم إلَى البَيْتِ العَتيقِ الذِي جعلَهُ اللهُ مثَابَةً للنّاسِ وَأَمْنًا فَتَتَحَرَّكُ جُموعُهمُ الغفيرةُ مِنْ شَتَّى بِقاعِ الأرضِ مُتَّجِهَةً إلى المسجدِ الحرامِ لِيَشْهَدُوا عِبادَةَ الحجِّ العظيمةَ، لذلكَ أيُّها الرَّاغبُ في زيارَةِ البَيْتِ الحرامِ وفِي زيارةِ قبرِ النبيِّ محمَّدٍ عليهِ الصلاةُ والسلامُ هَلُمَّ إلى مَجْلِسِ علمِ الدِّينِ لتتَعَلَّمَ كَيْفِيّةَ أداءِ الحجِّ وكيفيّةَ أداءِ العُمْرَةِ وءادابَ الزيارةِ الكَريمة.

فَمَنْ أرادَ رضَا اللهِ سبحانه وتعالى والتقرُّبَ إليهِ بأداءِ مناسِكِ الحجِّ والعُمرةِ ينبغي لَهُ أن يَتَكَلّفَ وَقْتًا قبلَ الشروعِ وقبلَ البَدءِ بِمَناسِكِ الحجِّ والعمرةِ لتَعَلُّمِ أَحكامِ الحجِّ والعمرةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُها كَما أنهُ يتكلفُ مِنْ مالِه وصِحَّتِهِ ووَقْتِهِ لهذهِ الرّحلةِ العَظيمَة.

Continue reading أَحْكَامُ الحَجِّ

أهوال يوم القيامة

إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَهْدِيْهِ وَنَشْكُرُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوْبُ إِلَيْهِ، وَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ وَلَا مَثِيْلَ وَلَا ضِدَّ وَلَا نِدَّ وَلَا جِسْمَ وَلَا أَعْضَاءَ وَلَا هَيْئَةَ وَلَا صُوْرَةَ وَلَا مَكَانَ لَهُ، جَلَّ رَبّي هُوَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الفَرْدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيّدَنَا وَحَبِيْبَنَا وَعَظِيْمَنَا وَقَائِدَنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبِيْبُهُ، اللَّهُمَّ صَلّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ وَأَنْعِمْ عَلَى سَيّدِنَا مُحَمَّدٍ المعَلّمِ، وَعَلَى ءالِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّاهِرِيْنَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدّيْنِ.

أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ فإنّي أوصيكم بتقوى الله، اتَّقُوا اللهَ وَاسْتَقِيْمُوا عَلَى هُدَاهُ فقد قال ربنا تبارك وتعالى ﴿وَٱتَّقُواْ يَوۡما تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡس مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ ٢٨١﴾[1] إنَّ ذلكَ اليَوْمَ هُوَ يَوْمُ القِيَامَةِ الذِي تُوَفَّى فِيهِ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ في الدُّنْيا، فَاعْلَمُوا أَحِبَّتِي أَنَّهُ يَجِبُ الإيمانُ باليومِ الآخِرِ أي بِيَوْمِ القِيامَةِ فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ فقدْ خَرَجَ مِنْ دَائِرَةِ الإسلامِ. واللهُ تعالَى أخبرَنا في كتابِه العَزِيزِ عَمَّا يَحْصُلُ مِنْ أَهْوَالٍ فِي هَذَا اليَوْمِ العَظِيمِ فَاسْتَمِعُوا مُتَدَبِّرِينَ مُتَنَبِّهِينَ وَتَذَكَّرُوا أنكم سَتَشْهَدُونَ هذَا اليَوْمَ فَاعْمَلُوا الخَيْرَ بِإِخْلاصٍ لِتُنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الخَطَرِ العَظِيمِ، لِتَكُونُوا سَالِمِينَ غَانِمِينَ ءَامِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ.

أَحِبَّتِى إِنَّ مَواقِفَ القِيامَةِ خَمْسُونَ مَوْقِفًا وَكُلُّ مَوْقِفٍ مِقْدَارُهُ أَلْفُ سَنَةٍ مِنْ سَنَوَاتِ الدُّنيا قالَ تعالى ﴿فِي يَوۡم كَانَ مِقۡدَارُهُۥ خَمۡسِينَ أَلۡفَ سَنَة ٤﴾[2] لكنَّها تكونُ علَى التَّقِيِّ أَقَلَّ مِنْ مِقْدَارِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَمَنْ صَبَرَ فى الدُّنيا على أَداءِ الوَاجباتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ يُخَفَّفُ عَنْهُ فى ذلكَ اليَوْمِ.

فالبَعْثُ هُوَ خُروجُ الْمَوْتَى مِنَ القُبُورِ بَعْدَ إعادَةِ الجَسَدِ الذِي أَكَلَهُ الترابُ إِنْ كَانَ مِنَ الأَجْسَادِ التِي يَأْكُلُها التُّرابُ وَهِيَ أَجْسَادُ غَيْرِ الأَنْبِيَاءِ لقولِه صلى الله عليه وسلم “إِنَّ اللهَ حَرَّمَ علَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ  الأَنْبِيَاء[3] وكذلكَ بَعْضُ الأَوْلِياءِ لا تَأْكُلُ الأَرْضُ أَجْسَادَهُمْ لِمَا تَوَاتَرَ مِنْ مُشَاهَدَةِ ذَلِكَ.

Continue reading أهوال يوم القيامة

التوكُّلُ والصَّبْرُ علَى المصائِب

إنَّ الحمدَ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونشكرُه ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفسِنا ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهْدِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إلـهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شريكَ لهُ ولا شبيهَ له ولا مِثْلَ ولا نِدَّ لَهُ، وَلا حَدَّ ولا جُثَّةَ وَلا أعضاءَ لَه، أحدٌ أحدٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يكن لَهُ كفوًا أَحَد، وَأشْهدُ أنَّ سيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائِدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه وصَفيُّهُ وحبيبُه، مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً للعالمينَ هادِيًا وَمُبَشِّرًا ونذيرًا. اللهمَّ صَلِّ وسلِّمْ على سيِّدِنا محمّدٍ أشرفِ المرسلينَ وسيدِ الأَوّلينَ والآخِرينَ وعلَى ءالِه وأصحابِه الغُرِّ الميَامِين.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فإِنِّي أُوصِيكُمْ ونَفْسِي بتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظيمِ القَائِلِ فِي مُحكَمِ كِتابِه ﴿وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجا ٢ وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ﴾[1] فَلْيَكُنِ اعْتِمَادُكَ أَخِي المسلمَ علَى اللهِ في الحِفْظِ والرِّزقِ لأنهُ خالقُ كُلِّ شَىءٍ مِنَ المنافِعِ وَالْمَضَارِّ وسائِرِ مَا يَدْخُلُ فِي الوُجودِ ولا يكونُ إِلا مَا شاءَ اللهُ واتَّقِ اللهَ حيثُمَا كُنْتَ وَلا يَكُنْ هَمُّكَ رِضَا الناسِ لِكَسْبِ جَاهٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مَدْحٍ بَلِ اتَّقِ اللهَ وَلا تُبَالِ وَكُنْ كَمَا قَالَ القَائِلُ

إِنْ صَحَّ مِنْكَ الرِّضَا يَا مَنْ هُوَ الطَّلَبُ    فَلَسْتُ أُبَالِي بِكُلِّ النَّاسِ إِنْ غَضِبُوا

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوِ اجْتَمَعَتِ الإنسُ والجنُّ لِيَضُرُّوكَ بشىءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلا بِشَىءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عليكَ وَلَوِ اجْتَمَعَتِ الإنسُ والجنُّ لِيَنْفَعُوكَ بِشَىء لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَىءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لكَ فَفَوِّضْ أَمْرَكَ إلى اللهِ وَثِقْ بِاللهِ فمَا شاءَ اللهُ كانَ ومَا لَمْ يَشأْ لَمْ يَكُنْ، فتوَكَّلْ علَى اللهِ وَاصْبِرْ علَى ما ابتلاكَ اللهُ بهِ وَإِيَّاكَ والاعترَاضَ على اللهِ فإنهُ تعالَى ﴿لَا يُسۡ‍َٔلُ عَمَّا يَفۡعَلُ وَهُمۡ يُسۡ‍َٔلُونَ ٢٣﴾[2] لأنهُ تبارك وتعالى هو خالقُ كلِّ شىءٍ ومالِكُ كلِّ شىءٍ ويفعَلُ في مِلْكِه ما يشاءُ فإذا أَصابَتْكَ مصيبةٌ أخِي المسلمَ فاقتدِ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في صبرِه فقد روى البخاريُّ في الصحيحِ عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه حيثُ دخَلَ معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلمَ لِيَرَى ابنَهُ إبراهيمَ وَهُوَ يُحْتَضَرُ فأخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إبراهيمَ فقبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثمّ دَخَلْنَا عليهِ بعدَ ذلكَ وإبراهيمُ يجودُ بنَفْسِهِ فجَعَلَتْ عينَا رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم تَذْرِفَانِ فقالَ لَهُ عبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ وأنتَ يا رسولَ اللهِ فقالَ يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ ثُمَّ أَتْبَعَهَا بأُخْرَى فقالَ صلى الله عليه وسلم  إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ والقَلْبَ يَحْزَنُ وَلا نَقُولُ إِلّا مَا يَرْضَى رَبُّنا وإنَّا بِفِرَاقِكَ يا إبراهيمُ لَمَحْزُونون اﻫ صلّى عليكَ اللهُ يا سيدِي يا رسولَ الله.

Continue reading التوكُّلُ والصَّبْرُ علَى المصائِب