Category Archives: تعاليم إسلامية

ءافاتُ اللسان

الحمدُ للهِ الذِي خَلَقَ الإنسانَ فَسَوَّاهُ فَعَدَلَه، فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَه، وأَنْعَمَ عليهِ بِنِعَمٍ سَابِغَاتٍ وَلَوْ شَاءَ مَنَعَه، وشقَّ لهُ سَمْعَهُ وبَصَرَهُ وجعلَ لَهُ لِسَانًا فَأَنْطَقَه، وخَلَقَ لَهُ عَقْلًا وَكَلَّفَه. وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على سَيِّدِنا محمّدٍ صَفْوَةِ خَلْقِهِ وعلَى ءالِه المطهَّرِينَ وطَيِّبِ صَحْبِه.

أما بعدُ عِبادَ الله فَأُوصِيكم ونَفْسِي بِتَقْوَى الله.

إخوةَ الإيمانِ إنَّ نِعَمَ اللهِ تعالَى علينَا كثيرةٌ لا نُحصِيهَا وهو تعالَى مَالِكُنَا ومالكُ مَا أَنْعَمَ اللهُ بهِ علينَا وقَدْ أوجَبَ اللهُ علينَا شُكْرَ هذِهِ النِّعَمِ وذلكَ بِأَنْ لا نَسْتَعْمِلَهَا فِي مَا لَمْ يَأْذَنِ اللهُ بهِ .. أَيْ أَنْ لا نَسْتَعْمِلَها فِي مَا حَرَّمَهُ علينَا، فمالُكَ أَخِي المسلمَ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ تبارك وتعالى فلا تُنْفِقْهُ في غيرِ مَا أَذِنَ اللهُ فيهِ .. وبَدَنُكَ نعمةٌ فَلا تَسْتَعْمِلْهُ في معصيةِ اللهِ .. ويدُكَ نعمةٌ فلا تَسْتَعْمِلْهَا في ما لا يُرضِي اللهَ .. وَرِجْلُكَ نعمةٌ فَلا تَمْشِ بِها إلَى مَا يُسْخِطُ اللهَ علَيْكَ .. وعينُكَ نعمةٌ فلا تَنْظُرْ بِها إلى ما نَهَى اللهُ عنِ النَّظَرِ إليهِ .. وأُذُنُكَ نِعْمَةٌ فَلا تَسْتَمِعْ إلَى مَا حَرَّمَ اللهُ الاستِمَاعَ إليهِ .. وَلِسَانُكَ نعمةٌ فَلا تَسْتَعْمِلْهُ فِي مَا حَرَّمَ اللهُ النُّطْقَ بِهِ فاتَّقِ اللهَ أخِي المسلمَ وَلا تَعْصِ اللهَ بِمَا أَنْعَمَ بهِ عليكَ ومَلَّكَكَ إِياهُ فإِنَّكَ إِنْ عَصَيْتَهُ فَقَدْ  عَصَيْتَ مَنْ تَجِبُ علَيْكَ طاعتُه وظَلَمْتَ نفسَك، وَاللهُ لا يُحِبُّ الظالمينَ الذينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَعْصِيَتِهِمْ رَبَّهُمْ.

Continue reading ءافاتُ اللسان

معجزة المِعراج

الحمدُ للهِ حَمدًا كثيرًا طَيِّبا مُباركًا فيهِ، الحمدُ للهِ الذِي بعثَ الأنبياءَ رحمةً للعالمينَ وتفضَّلَ على عِبادِه بإِظهارِ الْمُعْجِزَاتِ على أَيدِي أنبيائِه لِيُؤْمِنُوا بِهِمْ،  فَمَنْ شاءَ اللهُ لهُ الهُدى اهتدَى ومَنْ شاءَ أَضلَّ، وصلّى اللهُ على سيدِنا محمَّدٍ سيّدِ الخلقِ وأشرَفِ الوَرَى مَنْ شَرَّفَهُ اللهُ بِالمعراجِ في السَّمواتِ وَما شاءَ اللهُ مِنَ العُلا، مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ بِالحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَدَعَا إلَى الْهُدَى والخيرِ والرَّشَادِ ونَهى عنِ الشَّرِّ والفِتَنِ والفَسَادِ، بَلَّغَ الرِّسالةَ وأَدَّى الأمانَةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ فجَزاهُ اللهُ عنَّا خيرَ مَا جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبيائِه.

أما بعدُ عبادَ اللهِ فإِنِّي أُوصيكُمْ ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ القَدِيرِ الفعَّالِ لِمَا يُريدُ وهو على كُلِّ شَىءٍ قَدير. إخوَةَ الإيمانِ، بعدَ أَنْ صلَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالأنبياءِ إِمامًا في بَيتِ المقدِسِ عُرِجَ بهِ إلَى السَّماءِ فَاسْتَفْتَحَ جبريلُ فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ قالَ جِبريلُ قيلَ وَمَنْ مَعَكَ قالَ محمّدٌ قيلَ وَقَدْ بُعِثَ إليهِ (أيْ وَقَدْ بُعِثَ إليهِ لِيَعْرُجَ إلَى السَّماءِ، وَإِلّا فإِنَّ الملائكةَ تعلَمُ أَنهُ كانَ قَدْ بُعِثَ نَبِيًّا في ذلِكَ الوَقْتِ) فقالَ جبريلُ قَدْ بُعِثَ إليهِ. يقولُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ فَفُتِحَ لنَا فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ فَرَحَّبَ بي ودعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إلَى السّماءِ الثانيةِ فَاسْتَفْتَحَ جبريلُ فقيلَ مَنْ أَنْتَ قالَ جبريلُ قيلَ وَمَنْ مَعَكَ قالَ مُحمَّدٌ قيلَ وَقَدْ بُعِثَ إليهِ قالَ وقَدْ بُعِثَ إليهِ فَفُتِحَ لنا فإذَا أنَا بِابْنَيِ الخالَةِ عيسَى ابنِ مريمَ ويحيَى بنِ زَكَرِيَّاءَ فَرَحَّبا وَدَعَوَا لِي بِخَيْر اﻫ وهكذَا ظَلَّ نبيُّنا محمّدٌ صلى الله عليه وسلم يَنْتَقِلُ مِنْ سَماءٍ إلَى سَماءٍ فَالْتَقَى فِي السماءِ الثالثَةِ بسيِّدِنا يوسفَ عليه السلامُ وَقَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ أَمَّا فِي السَّماءِ الرَّابعَةِ فَقَدِ الْتَقَى بِإِدْرِيسَ وَكانَ كُلٌّ منهم يدعُو لهُ بالخيرِ ثمّ في الخامسةِ التقَى بهارونَ والتقَى بموسى في السادسةِ وفي السماءِ السابعةِ التقى بإبراهيمَ عليه السلام مُسْنِدًا ظَهْرَه إلى البيتِ الْمَعْمُورِ وإذَا هُوَ يَدْخُلُه كلَّ يومٍ سبعونَ أَلْفَ مَلَكٍ لا يعودونَ إِليه.

Continue reading معجزة المِعراج

معجزةُ الإسراء

الحمدُ للهِ ثمّ الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ وسلامٌ علَى عبادِه الذينَ اصْطَفَى،  الحمدُ للهِ الواحِدِ الأَحَدِ الفَرْدِ الصَّمَدِ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد، نحمدُه تعالى ونستهديهِ ونسترشِدُه ونعوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنا وسيئَاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهُوَ المهتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا. والصَّلاةُ والسّلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلانِ على سيدِنا محمدٍ سيِّدِ ولدِ عدنانَ مَنْ أَيَّدَهُ اللهُ بالبُرْهانِ وأظهرَ شَرَفَهُ علَى سَائِرِ الأنبياءِ ليلةَ الإِسراءِ.

أما بعدُ معشرَ المسلِمينَ، فَإِنِّي أُوصِي نَفْسِي وأوصيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظيمِ واعلَمُوا أنَّ اللهَ معَ الذينَ يَتَّقون. إخوةَ الإيمانِ تُطِلُّ علينَا مُنَاسَبَةٌ عَظِيمَةٌ أَلَا وَهِي ذِكرَى الإِسراءِ والمعراجِ. وَكلامُنا اليَوْمَ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالَى على مُعجِزَةِ الإِسراءِ. قالَ اللهُ تبارَك وتعالَى في القُرْءَانِ الكَرِيم ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ ١﴾[1] إخوَةَ الإيمانِ لَقَدْ ثَبَتَ الإِسراءُ بِنَصِّ القُرْءَانِ والأحَادِيثِ الصَّحيحَةِ وإِجْمَاعِ المسلِمينَ فَيَجِبُ الإِيمانُ بهِ. وقَدْ كانَ إِسْرَاؤُه صلَّى الله عليه وسلم في اليَقَظَةِ بِالرُّوحِ والجَسدِ وما هذَا علَى اللهِ بِعَزِيزٍ فَإِنَّهُ تبارَكَ وتعالَى علَى كُلِّ شىءٍ قَدِيرٌ لِذَا قالَ عُلماءُ الإسلامِ إِنَّ مَنْ أَنْكَرَ مُعجِزَةَ الإِسراءِ فَقَدْ كَذَّبَ القُرْءَانَ وَمُكَذِّبُ القُرْءَانِ لا يَكُونُ مِنَ المسلِمين.

Continue reading معجزةُ الإسراء

الصّلاة

الحمدُ للهِ الْمُبْدِئِ الْمُعيدِ الغنِيِّ الحمِيدِ ذِي العَفْوِ الوَاسِعِ والعِقابِ الشَّديدِ، من هَداهُ فهوَ السَّعِيدُ السَّدِيدُ وَمَنْ أَضَلَّهُ فَهُوَ الطَّريدُ البَعِيدُ ومن أَرشدَهُ إلى سبيلِ النجاةِ ووَفَّقهُ فهو الرَّشيدُ، يَعْلَمُ ما ظهَرَ وما بطَنَ وما خفِيَ وما عَلَنَ وهو أقرَبُ إلى كلِّ مُريدٍ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ، وأُصَلِّي وأُسَلِّمُ على سيِّدِنا محمدٍ البشيرِ النّذيرِ وعلى ءالِه وأصحابِه الطّيّبينَ الطّاهرِين. أما بعدُ عبادَ اللهِ فإنِّي أُوصِيكُمْ ونفسِي بِتَقْوَى اللهِ العلِي العظيمِ القائِلِ في مُحكَمِ كِتابِه ﴿إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ ١٨﴾[1] إخوةَ الإيمانِ يا شَبابَ الإسلامِ ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ ٢٣٨﴾[2] فقد قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كتَبَهُنَّ اللهُ على العبادِ فمَنْ جاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كانَ لَهُ عندَ اللهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الجنَّةَ ومَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فليسَ لهُ عندَ اللهِ عهدٌ إِنْ شَاءَ عذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الجنَّةَ  اهـ[3]

فالصلاةُ شأنُها عَظِيمٌ إخوةَ الإيمانِ فإِنّها أفضَلُ الأَعمالِ بعدَ الإيمانِ باللهِ ورسولِه فانظُرُوا وفَّقنِي اللهُ وإِيَّاكُمْ كَمْ قُرِنَ ذِكْرُ الصلاةِ بالإيمانِ باللهِ ورسولِه في القرءانِ ﴿وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ ٥﴾[4] ﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣﴾[5] ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ١ ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ ٢﴾[6]

Continue reading الصّلاة